سلّطت جمعية المواهب للتربية الاجتماعية الضوء على أهمية التطوع والمشاركة كركيزة أساسية لتحقيق التنمية والتماسك الاجتماعي، وذلك خلال الندوة الافتتاحية لجامعتها الصيفية، المنعقدة بالمخيم الوطني العالية بالمحمدية خلال الفترة الممتدة من 25 إلى 29 شتنبر 2024، تحت شعار: "شباب المواهب... تطوع، مشاركة، تنمية".
في مداخلته الافتتاحية، أشار عبد العالي مستور، الخبير في قضايا المجتمع المدني، خلال الندوة الافتتاحية للجامعة والتي عقدت مساء يوم الأربعاء 25 شتنبر 2024، بعنوان "الشباب المغربي وتعزيز قيم المشاركة والتطوع"، إلى الأزمة التي يعيشها الشباب المغربي، مشددًا على أن "مؤشرات تقييم الشباب كلها سلبية"، مما يدعو للتساؤل: هل الأزمة تكمن في الشباب المغربي نفسه أم في المنظومة الوطنية؟ وأوضح مستور أن أي منظومة إنسانية تُقاس شرعيتها وفعاليتها بمدى قدرتها على إشراك الشباب في صنع القرارات والمشاركة الفعّالة في المجتمع.
ولتعريف مفهوم الشباب، طرح عبد العالي مستور عدة تساؤلات حول ماهيته: هل هو العمر المحدد بين 18 و35 سنة فقط، أم القدرة على التميز والاستقلالية؟ وخلص إلى أن الشباب يمثل قوة مجتمعية تسعى باستمرار إلى المشاركة في الحياة العامة، مؤكدًا أن جميع القيم الإنسانية لا يمكن تحقيقها بدون المشاركة الفعّالة، حيث إن وجود الإنسان يرتبط بشكل مباشر بالمشاركة.
تطرق مستور في مداخلته أيضًا إلى مفهوم التطوع، معتبرًا إياه مساهمة حقيقية بالوقت والجهد والخبرة، وليس بالمال. وأكد أن الوطنية الحقيقية تتمثل في الاستعداد الطوعي للتضحية من أجل الوطن، مضيفًا أن المعيار الحقيقي لانتماء الإنسان إلى مجموعة بشرية هو قدرته على التطوع والمساهمة الفعّالة في تحقيق أهداف المجتمع.
ومن خلال تجربته الطويلة في العمل الجمعوي، شدد مستور على غياب دراسات علمية متخصصة واستراتيجيات رسمية تركز على الشباب المغربي، مشيرًا إلى أن معظم المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية تنظر إلى الشباب من زاوية توفير فرص العمل فقط. وأكد مستور أن الشباب ليس مجرد أداة للعمل، بل يحتاج إلى تعزيز القيم التي تمكّنه من اكتساب مهارات العيش المشترك والتعاون.
من جهته، أضاف عبد الجليل بكار، ممثل الائتلاف المغربي للتطوع، رؤى مهمة حول الجذور التاريخية للتطوع في المغرب. وأوضح أن التطوع كان دائمًا جزءًا لا يتجزأ من المجتمع المغربي، مشيرًا إلى تقليد "التويزة" الذي ساد في العديد من القبائل المغربية. كما استشهد بإنجاز "طريق الوحدة" في خمسينيات القرن الماضي، حيث شارك أكثر من 11 ألف شاب متطوع في بناء هذا المشروع الوطني، بقيادة ولي العهد آنذاك، الملك الحسن الثاني رحمه الله.
وفي ختام مداخلته، أكد بكار أن ظهير الحريات لعام 1958 كان أحد أبرز التشريعات التي نظمت العمل التطوعي في المغرب، مما ساهم في دعم دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية الاجتماعية.
تفاعل المشاركون في الندوة الافتتاحية للجامعة الصيفية لجمعية المواهب للتربية الاجتماعية بشكل كبير مع موضوع الجلسة، إذ اعتبروها فرصة لتعزيز قيم المشاركة والتطوع. وقد جاءت مداخلات الحضور لتؤكد على أن التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها دون إشراك الشباب في عملية اتخاذ القرارات، وتعزيز قدرتهم على التطوع والمساهمة في بناء المجتمع.