الاثنين 16 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: الانتخابات الجزائرية ولعبة "الكومبارس" السياسي

الحسين بكار السباعي: الانتخابات الجزائرية ولعبة "الكومبارس" السياسي الحسين بكار السباعي

الديمقراطية يا سادة، لا تعني انتخابات حرة ونزيهة فقط، بل كذلك وجود، أحزاب حقيقية ومؤسسات دستورية وهيئات مراقبة ولجان ملاحظة من جمعيات المجتمع المدني، ومراقبين دوليين، يكفلون تتبع العملية الانتخابية وحسن سيرها، بما يضمن نزاهتها وصحة نتائجها، والتي لم ولن تتحقق في ظل ديكتاتورية جنرالات العسكر الجزائري.

 

لم أكن يا سادة ، لأخوض غمار تحليل عملية انتخابات محسومة النتائج ، حتى قبل الإعلان عن بداية حملاتها ، ولا مرشحيها ولا حتى برامجهم الميتافيزيقية، لم أكن لأتناول موضوعا يتعلق بشأن داخلي لدولة سوء وجارة سوء، وأن أغض الطرف عن ما يتعرض له الشعب الجزائري من قمع وتهديد وشحن وتحريض بدعوى القبض على عملاء وجواسيس مغاربة وجزائريين ، و لتجتهد مرة أخرى وفي خضم مسرحيتها الانتخابية ،المخابرات الجزائرية في افتعال “فضيحة” جديدة بدعوى أن المغرب أرسل جواسيس لبلدها ،والحال أنه كان عليها أن تعلم أن جهاز مخابراتها العسكرية مخترق من الداخل، والمثال على ذلك القمة التحضيرية لتكاد اليابانية الإفريقية الأخيرة، وفضح محتوى حقيبة الجزائر الديبلوماسية، إنها طلقة في الهواء وبلا صدى وبلا مدى.

 

لقد كان أولى بجهاز DRS، أن ينصرف إلى مهامه الحقيقية الممولة بالمال العام الجزائري، وهي خدمة مصالح المواطن الجزائري، الذي انهكته طوابير الحليب والسميد وغيرها، بدل أن يكون جهازا لخدمة عصابة الجزائر وصنيعتها بوليساريو داخليا وخارجيا.

 

 

إن ما نتتبعه جميعا ونطلع عليه اليوم ، من تفنن جيراننا سامحهم الله، في ابتكار مختلف أساليب المكر والعداء وتسليط الآلة العدائية المتشبعة بالحقد، والحسد القابع في نفوس حكام قصر المرادية ضد وحدتنا الترابية ومقدساتنا، هو ما ويدفعنا للرد وبقوة على هذا النظام البائس، فحكام ثقافة الثكنات والأوامر العسكرية، الذين عملوا جاهدين على تسويق نظرية المؤامرة وتسخير الآلة الاعلامية المدفوعة الثمن، من أجل أغراض مافيوزية لاقتسام ونهب ثروات الشعب الجزائري الشقيق، وتسخيرها للدفع بمخططه العدائي ضد المغرب ودعم كيان وهمي، هؤلاء لا يستحقون منا اليوم إلا فضح أساليبهم أمام العالم ، والحال أن هزائمهم انكشفت على توالي، من تيكاد إلى القمة الصينية الإفريقية وصولا إلى القمة الإندونيسية، وفي زمن قياسي.

 

عزيزي المتلقي، ومادمنا في معرض تحليل انتخابات العسكر اليوم والشبيهة بانتخابات سنة 2019، والتي جاء في ظرفية اقتصادية لا تقل تحدياتها عن الظرفية الاقتصادية الخانقة اليوم بالجزائر، وفي مقدمتها ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم إلى أعلى مستوى، حسب بيانات البنك الدولي ورغم غازها وبترولها ...

 

فهل اليوم السبت السابع من شتنبر من عام 2024 سيحسم فيه المواطن الجزائري قراره باختيار المرشح الأنسب لرئاسة الجزائر، أم أن الأمر لا يعدوا إلا لعبة عسكرية أجاد أدوارها مجموعة كمبرسات، واختير لها الكومبارس السياسي الذي يجيد أداء الدور المناطق به، ومتى يتوقف عن الكلام لأنه مجرد أداة محددة الصلاحية والوقت.

 

وهل فعلا المواطن الجزائري المتعطش لقيام دولة مدنية والذي لم تندمي بعد جراح عشرية سوداء كان شاهدا عليها، سيرفع الراية البيضاء ويعل هزيمته أمام العسكر؟ أم أنه آن الأوان لإسماع صرخته وإعلان ثورته الحقيقية.

 

انتخابات اليوم يا سادة شبيهة بانتخابات الأمس فصاحة السيناريو والمخرج واحد والكمبرسات هم نفسهم من تزعلوا مشهدها الأول،

الأمس يا سادة 2019 ولدعم المرشح المدعو عبد المجيد تبون قامت أجهزة ثلاث تابعة لرئاسة الجمهورية الجزائرية وهي : "المديرية العامة للأمن الداخلي، والمديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي، والمديرية العامة للاستعلام التقني".

 

بتجنيد أحدى أدرعها بعصابة بوليساريو المدعو “بشرايا بيون” وبأمر مباشر من القيادة العسكرية الجزائرية لتلقي تعليمات من اجل التأثيث لمساهمة كبيرة من "اللاجئين الصحراويين" المحتجزين بتندوف ، في الانتخابات الجزائرية، خاصة أن منطقة تندوف تعتبر خزانا انتخابيا هاما، تعول عليها الجزائر في إنجاح ديمقراطية العسكر، وتسجيل نسب مشاركة عالية، ويكفي أن نعلم أن تندوف هي الوحيدة، التي تعرف أكبر نسبة مشاركة مقارنة مع باقي المناطق الجزائرية، مما يضفي على الانتخابات الجزائرية نوعا من القبول ويساهم في الوصول الى المعدل الادنى الى المشاركة، في ظل عزوف جزائري كبير.

 

وختاما، نتساءل عن مدى قابلية الشارع الجزائري لقياد التغيير، وهل تكون لديه الوعي الكافي لإجبار "الكومبارس" على الخروج من المسرحية قبل نهاية الفصل الأول، ليفسح المجال لتحقيق الديمقراطية والتنمية والاستقرار في قارة أصبحت تعرف بروز قوى عالمية جديدة ساهمت وتساهم في التأثير في العلاقات الدولية ومنها المملكة المغربية.

ليتأكد لنا جميعا أن مشروع الدولة المدنية قريب المنال وأن قمع إرادة الشعب الجزائري ومختلف فعالياته السياسية والمدنية مستمر عنوان لهزيمة السكر الذي أساء للسياسة وحتى الديبلوماسية، وأن حكومة الكومبرسات التي ستنبثق عن هذه الانتخابات ما هي إلا أداة في يد جنرالات قصر المرادية، للاستمرار في نهب وقمع الشعب الجزائري، من خلال سياسة تبادل الأدوار بين الواحد المنشطر إلى اثنين، واحد يحكم وآخر يعارض بالتأييد.

 

ذ/الحسين بكار السباعي، محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان