الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: مشروع قطار مراكش أكادير ... المدخل الوحيد للتنمية المنتظر 

يوسف غريب: مشروع قطار مراكش أكادير ... المدخل الوحيد للتنمية المنتظر  يوسف غريب
كنت في غفوة لحظة الإستماع إلى نشرة الأخبار دون أن أشعر متى اخترق هذا الحوار أذنايّ:
-سيّدي هل لك أن تعرف متى يأتي القطار ؟
- أمامك لوحة فيها جدول مواعيد وصوله ياسيدي
-نعم وحسب الجدول من المفروض أن يصل قبل نصف ساعة :
- هل تقصد بذلك - سيدي - ان الحكومة تكذب ؟
- نعم...ألم يقل راديو الحكومة بأن القطار سيصل إلى اكادير قبل 2030..
 
هنا تيقّنت أني لم أكن في غفوة عابرة بل حقيقة على شكل غصّة في حلق ساكنة ما بعد السّكّة الحديدية.. لنعيد ومن جديد تكرار جرح الطريق السّيّار الذي تأخر طويلا بعد تحويله إلى محور الرباط -فاس..
ها نحن نستيقظ على نفس السيناريو بعد أن غير قطار مراكش أكادير مساره نحو فاس مرة أخرى وبسرعة فائقة وتبخّرت معه كل أحلامنا في فك العزلة على مدينة أكادير وسط المملكة نحو الجنوب..
 
تبخّر الحلم مع ضياع فرصة لا أظن أنها ستتكرر بهذا الإلتزام والتحدي الوطني الجماعي في ربح رهان تنظيم المونديال..
 
كم كنّا سدّجاً بهذه المدينة ونحن نتسابق بيننا في من سيأتي بالجديد حول مشروع قطار مراكش - أكادير.. وابتدعنا أسماء المحطات وعددها.. بل سار منّا من يملك القدرة على التفصيل في الشركات العالمية المتخصصة في هزم إكراهات الجبال.. بين الصين وكوريا ووو ،بل أصبح الحلم قريبا حين بلغنا أن الخط سيشمل الصويرة نحو أكادير.. واعتبرنا جميعا الأمر طبيعيا بربط ذلك باسم ازولاي الإبن البارّ لمدينته !!
 
وحين عدنا من غفوة الحلم وجدنا القطار قد فاتنا من جديد وازدادت قناعتنا بأن الحكومة لا تكذب فقط،، بل دون مستوى تطلعات واستشرافات قائد البلاد وبعده الإستراتيجي كما جاء في خطاب المسيرة الخضراء 2019:
(..وليس من المعقول أن تكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية، تتوقف في مراكش، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من طاقات وإمكانات.لذا، فإننا ندعو للتفكير، بكل جدية، في ربط مراكش وأكادير بخط السكة الحديدية؛ في انتظار توسيعه إلى باقي الجهات الجنوبية، ودعم شبكة الطرق، التي نعمل على تعزيزها بالطريق السريع، بين أكادير والداخلة.
 
وسيساهم هذا الخط في فك العزلة عن هذه المناطق، وفي النهوض بالتنمية، وتحريك الإقتصاد، لاسيما في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
 
كما سيشكل رافعة لخلق العديد من فرص الشغل، ليس فقط في جهة سوس، وإنما أيضا في جميع المناطق المجاورة. فجهة سوس - ماسة يجب أن تكون مركزا اقتصاديا، يربط شمال المغرب بجنوبه، من طنجة شمالا، ووجدة شرقا، إلى أقاليمنا الصحراوية).
 
انتهى خطاب جلالته عفوا توجيهاته إلى صناع القرار الحكومي منذ 2019 لتأتي فرصة 2030 كحافز استثنائي لتسريع هذه التعليمات المولودية وما تحمل من ربط استراتيجي بين كل جهات المملكة بنوع من الإنصاف والعدالة المجالية..
 
كل هذا الحلم تبخّر وبقي وصف ساكنة ما بعد السكة يليق بنا إلى إشعار آخر وتعوّدنا بهذه المنطقة توريث الأحلام للأجيال كتوريث بعض الأسماء مناصب القرار بهذه المدينة دون أي وزن أو تأثير على مستوى القرار الوطني لحظة توزيع منافع الدولة و فرض مطالبهم والترافع من أجلها كحالة القطار - الحلم..
 
وكم يكون الأمر مؤلما أن يقع ذلك في عهد حكومة مغربية على رأسها عمدة المدينة.. الذي لا شكّ أنّه إطلع على التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط تشير المعطيات فيها بأن خمس جهات فقط تضمّ 72,3 بالمائة من مجموع السكان النشيطين البالغين من العمر 15 سنة فما فوق خلال الفصل الثاني من سنة 2024 بالمقابل، سجلت أدنى المعدلات بجهة بني ملال-خنيفرة (40 بالمائة) والجهة الشرقية (40,4 بالمائة) وجهة سوس-ماسة (41,4 بالمائة).
 
هذا وجهنا الحقيقي و بالأرقام وأخرى كما جاء في هذه النشرة الإخبارية الدورية للمندوبية
معطيات جد متدنية تزيل هذا القناع الذي يتمّ تسويقه للمدينة والجهة عموما و تسائل نخب المدينة عن تقاعسها في الدفاع عن مشروع قطار مراكش أكادير باعتباره المدخل الوحيد للتنمية في شموليتها كما جاء في خطاب جلالته وبالتفصيل :
 
(.. وسيساهم هذا الخط في فك العزلة عن هذه المناطق، وفي النهوض بالتنمية، وتحريك الإقتصاد، لاسيما في مجال نقل الأشخاص والبضائع، ودعم التصدير والسياحة، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية)
 
لا نتوسل امتيازا … ولا نريد أن نبقى في مؤخرة قطار التنمية، وحيث أنّنا مؤمنون بالمغرب إلى أبعد حدود و معتزون بما حققته بلادنا من تأهيل لمنطقة الشمال والوسط الى حدود مراكش إلى جانب اقاليمنا الجنوبية من طرق وطرق سيارة وقطارات وقناطر وغيرها من الخدمات التي نضاهي بها دول أجنبية. فإننا في نفس الوقت مقتنعون بأن دور نخب هذه المناطق والجهات حاسم في خلق هذا الفرق المجالي بيننا وبينهم...
 
بل نزداد يقينا بأننا المدينة وسوس عموما ذهبت ضحية أبنائها ومن نخب متواجدة في مراكز المسؤولية ومواقع متقدّمة في هرم الدولة.. فأيّاً كانت الإكراهات فنحن الأولى والأسبقية في انتهاز هذه الفرصة لما لها من آثار إيجابية على البشر والشجر..
وفي الحدّ الأدنى على الأقل إطلاق البناء السككي مراكش ايمتانوت.. وبعدها لها مدبّر حكيم..
 
كما فاتنا القطار فاتنا أن نعرف بأن النخب بالمدينة والجهة لا وزن لهم ولا هبة ولا حتّى احترام لأرض عريقة أعطت للمغرب تاريخا حافلا وأفرزت دولا وامبراطوريات كالمرابطين الموحدين والسعديين!!..
 
إليهم أحكي - والعهدة على الراوي - أن المغفور له الحسن الثاني، وفي خضم الاستعداد لإطلاق فكرة المسيرة الخضراء، قام بزيارة خاصة للعلامة الفقيه الحاج الحبيب التنالتي السوسي قصد الاستبراك به نتج عن هذا اللقاء ان استفسر الملك الراحل فقيهنا عن حاجياته، فلم يكن الطلب إلا تعبيد الطريق إلى المدرسة، إحدى المنارات العلمية في قضايا الشرع والفقه وعلوم القران...
هي واقعة ببرنامج بسيط، لكنه جلب المنفعة للمنطقة ذاك الوقت..
انتهى الحلم...