الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: طموح كبير لمؤسسة لحليمي تصطدم بمنهجية تقليدية للتكوين... وغلاف زمني مرهق

خالد أخازي: طموح كبير لمؤسسة لحليمي تصطدم بمنهجية تقليدية للتكوين... وغلاف زمني مرهق خالد أخازي
منذ انطلق التكوين عن بعد للمندوبية السامية للتخطيط عبر منصة رقمية متطورة بمعايير راقية، ونحن نبشر بزمن احصائي عشري متميز، لأن منصة التكوين والتقييم الافتراضية عن بعد كانت عنوانا لتحول رقمي في منظومة التكوين، وحملت دلالات قوية حول منهجية العمل وقوة الطموح.
 
أشدنا بقوة بهذا التحول الرقمي الذي قطع مع آليات الإحصاء التقليدي ونقل المندوبية إلى زمن رقمي بوتيرة سريعة وبمنهجية رائدة...
 
هذا على مستوى التكوين عن بعد... الذي كان محط إعجاب وإشادة وطنية، وسجلنا في السياق ذاته برضا وارتياح القيمة العلمية والمنهجية لعملية الانتقاء عبر مقابلات شفوية، تأسس اختيارها على معايير معرفية ونفسية ومنهجية...
 
وظل اعتماد اللوحة الرقمية والبرنام الإحصائي محط دهشة وإعجاب عند كل المتدخلين والمتابعين.
وما انفك الطموح كبيرا وعظميا بقدر الرهان الكبير الذي رفعته المندوبية السامية للتخطيط: رقمنة تؤسس للمصداقية العلمية، وشمولية تؤسس مرجعية لكل استراتيجية تنموية.
 
بيد أن محطة التكوين الحضوري التي انطلقت وهمت المراقبين المكونين والمشرفين الجماعيين، تكاد تخيب الانتظارات، رغم ما يقدمه أطر المندوبية المكونين من مجهودات جبارة كي تمر في ظروف جيدة وسليمة وإيجابية، لكن الوضع أفرز جملة من المفارقات والاختلالات اللوجستيكية والمنهجية والفضائية، وظهر جليا أن السياق العام للتكوين محبط للآمال، وغير متناغم مع المنظومة العامة الرقمية التي ظهرت منذ البداية أنها خيار المندوبية السامية للتخطيط ؤ إذ ظلت الرقمنة جوهر هذا الزمن الإحصائي...
.
منهجية التكوين للأسف مرهقة لجميع الأطراف بفعل التكثيف الزمني اليومي ومحدودية أدوات التكوين التي ظلت تقليدية لا ترقى لطموح مرحلة الانتقال الرقمي، مع تسجيل معاناة مزدوجة، معاناة المستفيد ومعاناة المكون، فرغم ما تبدله الأطر المكونة من مجهودات جبارة في تصريف الموارد المعرفية وبناء المهارات الرقمية، وتمرير وضعيات العمل الميداني، ظل الغلاف الزمني اليومي يستنزف كل الطاقة النفسية والجسدية، وعامل تشتيت للانتباه، فعدم تحديث منظومة التكوين وإكراهات التنقل وارتفاع حرارة الجو، ونمطية القاعات والتدبير بمقاربة كمية لا كيفية، كلها عوامل تؤثر على الجودة والمردودية، وغياب الأبعاد النفسية والمجتمعية والإنسانية للتكوين وفق معايير الجودة حتما ستنتج عنه اختلالات يمكن التنبؤ بها، فلا يعقل أن يمتد التكوين لأيام وفق غلاف زمني يومي لساعات مضنية في جو قائظ مرتفع الحرارة داخل حجرات مدرسية عادية ومقاعد مدرسية لا تتوفر فيها شروط الراحة، مع غياب أي حس تشاركي في تدبير الزمن اليومي للتكوين وفق مقاربة كيفية نوعية لا كمية...
 
وقد جعل منهجية التكوين أكثر مشقة غياب اللوجستيك الرقمي - ليس المقصود اللوحة الرقمية- مما أجهض كل مقاربة تكوينية جماعية وتفاعلية، فالتكوين ظل عموديا وفق محدودية اللوجستيك، رغم اجتهاد المؤطرين من أجل تطوير صيغ تفاعلية، وابتكار بدائل تفاعلية لتكسير الرتابة وثقل الزمن، ففي غياب أجهزة رقمية وشاشات تسمح بالمتابعة الجماعية لا يمكن للتكوين إلا أن يكون مرهقا للجميع، عدم اعتماد "الداتا شو "، " المسلاط "على سبيل الحصر، صعب العملية التكوينية وجعلها متعبة لكل الأطراف في فضاءات زادتها الحرارة مشقة، وظل التكوين منهجيا روتينيا في أجواء صعبة عانى منها الجميع، أطرا مكوِّنة وأطرا مستفيدة... منهجية التكوين بدون لوجستيك رقمي وقاعات مناسبة أرهقت الجميع وصعبت عملية بناء الموارد والكفايات، مما جعل الزمن رتيبا في قاعات مدرسية لا تليق بالتكوين وفق منهجية جديدة تعتمد الصور والصوت والتكوين التفاعلي...
 
للأسف... أطر التكوين يعانون الأمرين... فهم مضطرون للعمل وفق منهجية التلقين العمودي لمحتويات بعمق رقمي، وتلك هي المفارقة القاتلة... مما جعل العملية مرهقة لكل الأطراف.
 
يظل الغلاف الزمن اليومي للتكوين عاملا سلبيا آخر، ينضاف إلى حرارة الجو وعدم صلاحية الحجرات للتكوين وفق منهجية حداثية عصرية، وغياب لوجستيك تكويني يعتمد الدعامات السمع- البصرية، والمسلاط .... ظروف التكوين صعبة... ولا أظنها ستكون عامل جذب واستقرار.
 
هل... يستدرك لحليمي الوضع، فيعدل الغلاف الزمني وطنيا... وفق مقاربة كيفية لا كمية....تستحضر الشراكة مع المستفيدين... وفق ظروف اشتغال تقطع مع الضغط الزمني والإرهاق النفسي...؟
 
فقد يخفف الغلاف الزمني حرارة الجو، وسلبيات نمطية القاعات.... وسلبيات اعتماد مقاربة تكوينية تقليدية...
المطلب الملح هو إعادة النظر في الوعاء الزمني اليومي، واعتبار الشراكة في التكوين مكسب للإحصاء لا تطاول على الاختصاصات.... لأن الكل واع بالرهان... وبالمسؤولية الوطنية...
 
رهان ربح هذا الورش الوطني... يبدأ من منهجية وظروف التكوين، والتخفيف من الضغط الزمني... خصوصا في موسم حار كما أكدنا حيث زادت وضعيات التكوين بلا معدات حديثة من ثقل الزمن..
 
مع تقديرنا للأطر المكونة التي لا تدخر جهدا من أجل إنجاح هذا العرس الإحصائي الوطني الكبير... ننتظر من الجهات المسؤولة أن تعيد النظر في منظومة التكوين... وأن تتدارك الأمر من أجل جودة عالية.
هل يلتقط لحليمي هذه الإشارة وهو الذي يتسع صدره لكل نقاش مسؤول... وبتجرد ووطنية على ديدنه...؟
هذا ما نأمل في رجل خبر التدبير بالشراكة... والشراكة دون تفريط في الاستقلالية...
 
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل