قال عمر الداودي، المحامي بهيئة الرباط، إن النقاش الدائر حول قانون المسطرة المدنية أو مشروع قانون المسطرة المدنية، وراهنيته تكمن في تحسينه لتحقيق مصلحة المواطن. فهذا القانون يعود إلى فترة قديمة، ولكن راهنيته تجعله بحاجة إلى تعديلات تتماشى مع التطورات التشريعية والميدانية والواقعية، بالإضافة إلى تطوير الترسانة القانونية التي تتقاطع مع بعض قواعد المسطرة المدنية".
وأوضح المحامي الداودي، في تصريح لـ"أنفاس بريس"، أن وجود عدة ترقيات منذ الاستقلال، مما أسس لما يسمى بالتنظيم القضائي. فالنقاش الدائر حالياً، أو الخلاف الدائر حالياً، يدور حول بعض البنود أو الفصول في قانون المسطرة المدنية".
وسار الناشط الحقوقي الداودي إلى أن "مشروع قانون المسطرة المدنية، والجدل بين وزارة العدل وجمعية المحامين، يجد سنده في بعض المواد، مثل المادة 71 من المشروع التي تنص على إمكانية المواطن تقديم الدعوى عن طريق وكيله إلى المحكمة، وأن يقدم المقالة بواسطة وكالة خاصة بنفسه. هذا المقتضى يخالف بعض المقتضيات الأخرى التي تنص على احتكار مهام الدفاع لمؤسسة دستورية واحدة، وهي مؤسسة الدفاع الخاصة بالمحامين. فبناءً على ذلك، المادة 32 من قانون المحاماة الحالي تنص في فقرتها الأولى أو ربما الثانية، أن المحامين المسجلين بأحد هيئات المحاماة في المغرب هم فقط المؤهلون لتقديم الدعوى نيابةً عن الأطراف وتمثيلهم وتقديم الاستشارات القانونية وتقديم المذكرات وإدارة النزاعات إلى غير ذلك".
وأكد المحامي الداودي على أن "هذا المقتضى يجعل مهام الدفاع حكراً على المحامين، ومن شأن هذه الوكالة أن تمس بهذا الحق. تم التحجج بذلك لأن مجال عمل المحامي هو مجال واسع، ومن حقه أن يترافع ويمثل الأطراف رسمياً، وأن يحرر الوثائق والتقارير القانونية، ويؤازر الأطراف ويمثل الإدارات العمومية، إلا أن ما يحدث حالياً هو محاولة تقسيم دور الدفاع في عدة إجراءات، ومنها المختصة بالخصوص. فالواقع العملي في المسطرة المدنية الحالية يظهر أن بعض الإدارات لا تقدم المذكرات بشكل شخصي، مثل نظارة الأوقاف أو وزارة الأوقاف وبعض الإدارات العمومية".
من جهة أخرى، يرى المحامي الداودي أن "بعض القوانين الأخرى ألزمت الجماعات الترابية بالتعاقد مع محامٍ لتقديم الدفاع، وتم تأسيس مؤسسة خاصة لمؤسسة الوكيل القضائي للجماعات الترابية. هذه المؤسسة تتبع قانونيين مؤهلين لمراقبة وتنسيق التعاقد مع هيئات الدفاع وإعداد توجهات الجماعات الترابية والمستوى الوطني في بعض القضايا القانونية".
وأشار الداودي إلى أن "المشروع الحالي يعصف باحتكار مهام الدفاع الخاصة بالمحامين، ويحاول الاستقلال عن ذلك. بعض التصرفات الأخرى تعتبر مضرة بمجال المحاماة، مثل شركات التحصيل التي يجب إغلاقها. وكذا بعض المهن غير القانونية كثيراً ما نسمع عن مستشارين قانونيين أو مكاتب استشارات قانونية، بينما الاستشارات القانونية تعتبر حكراً على المحامين في إعطائها وإسداءها والعمل عليها".
واعتبر أن "كل هذا يهدف إلى تمكين المواطن المغربي من حقه في الدفاع بكفاءة واستقلالية ونزاهة وتكوين مستمر جيد واستقلالية تامة ليعمل على القضايا العامة وعلى القضاء واستقلالية المهن القضائية أيضاً. ومن أجل ذلك، يجب أن يمارس الدفاع القوي كجزء لا يتجزأ من منظومة المحاكمة العادلة التي أقرها الدستور في فصوله المتعددة، والمغرب صدق على عدة اتفاقيات دولية تتعهد باحترام مبادئ المحاكمة العادلة. من هذه المبادئ، حق المواطن في الدفاع الحرّ والنزيه والكفء، وهو شيء لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان هناك جحافل من المحامين الجدد وتضييق في مقابل التضييق من قوانين مهنية. فعندما يأتي مواطن ليقدم دعوى مسطرة مدنية، سنلاحظ عدة شوائب قد تصيب بعض الحالات"، وفق إفادات المحامي عمر الداودي.