الأحد 24 نوفمبر 2024
اقتصاد

عبد الرحمان الحرادجي: الواحات مصنفة تراثا للإنسانية ولن تنتعش إلا إذا أوقفنا افتراس الماء بالضخ المفرط

عبد الرحمان الحرادجي: الواحات مصنفة تراثا للإنسانية ولن تنتعش إلا إذا أوقفنا افتراس الماء بالضخ المفرط عبد الرحمان الحرادجي ومشهد من حريق لواحة
أكد عبد الرحمان الحرادجي، أستاذ التعليم العالي، تخصص جغرافيا، أن ‬‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الواحات فقدت‭ ‬رونقها‭ ‬وهويتها‭ ‬وجاذبيتها‭.
 
وأضاف عبد الرحمان الحرادجي، أن ‬الواحات ‬منظومات‭ ‬تتكامل‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬مجالاتها‭ ‬الترابية،‭ ‬وكأنها‭ ‬جسم‭ ‬واحد‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬أعضائه‭ ‬ليستمر‭ ‬عنفوانه‭ ‬ووهجه‭ ‬وإشعاعه‭.
 
وقال الحرادجي:"‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬للواحات‭ ‬خاصيات‭ ‬مشتركة،‭ ‬فإن‭ ‬لكل‭ ‬واحة‭ ‬خصوصياتها‭ ‬الذاتية‭ ‬وظروف‭ ‬وعوامل‭ ‬سيرورة‭ ‬تطورها":
 
 
لماذا‭ ‬تراجعت‭ ‬الواحات‭ ‬المغربية‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحدّ‭ ‬من‭ ‬ذلك؟
تقتضي‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤالين‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬دمجهما‭ ‬ضمن‭ ‬إشكال‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬واقع‭ ‬تراجع‭ ‬الواحات‭ ‬وتدهورها‭ ‬والعوامل‭ ‬التي‭ ‬تكمن‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭. ‬
 
كثر‭ ‬الحديث‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬الواحات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬موضوع‭ ‬إهمال‭ ‬ونسيان‭ ‬وتهميش،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬مجالات‭ ‬تحتضن‭ ‬مكونات‭ ‬تراثية‭ ‬مادية‭ ‬وثقافية‭ ‬ذات‭ ‬منظورية‭ ‬أصبحت‭ ‬عالمية‭ ‬بفضل‭ ‬تصنيفات‭ ‬قادت‭ ‬إليها‭ ‬مجهودات‭ ‬نخب‭ ‬تعمل‭ ‬غالبا‭ ‬في‭ ‬صمت‭ ‬وتواضع‭. ‬وللتذكير،‭ ‬فعالَم‭ ‬الواحات‭ ‬كان‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬مصدرا‭ ‬لنخب‭ ‬مغربية،‭ ‬بل‭ ‬لحركات‭ ‬ثقافية‭ ‬ودينية‭ ‬وسياسية‭ ‬نشأت‭ ‬بفضلها‭ ‬دول‭ ‬واندثرت‭ ‬بها‭ ‬أيضا‭ ‬دول‭. ‬وظلت‭ ‬الواحات‭ ‬أيضا‭ ‬معينا‭ ‬لليد‭ ‬العاملة‭ ‬وللفقهاء‭ ‬إلى‭ ‬عصرنا‭ ‬هذا‭. ‬فالكل‭ ‬يعلم‭ ‬ولو‭ ‬جزئيا‭ ‬أزمة‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬وغلق‭ ‬المتاجر‭ ‬قبيل‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬وبعده،‭ ‬بسبب‭ ‬طقوس‭ ‬العيد‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الأصول‭ ‬الواحية‭ ‬والجنوبية‭ ‬عموما‭ ‬إلى‭ ‬مواطنهم‭ ‬الأصلية‭ ‬لمشاركة‭ ‬أفراح‭ ‬المناسبة‭ ‬مع‭ ‬ذويهم‭ ‬المقيمين‭ ‬فيها‭.‬
 
ومن‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يتذكر‭ ‬دروس‭ ‬التاريخ‭ ‬عن‭ ‬إمارة‭ ‬سجلماسة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مركزا‭ ‬حضاريا‭ ‬وفلاحيا‭ ‬وتجاريا‭ ‬هاما،‭ ‬والجذور‭ ‬الواحية‭ ‬للدولة‭ ‬العلوية‭ ‬بتافيلالت،‭ ‬والجذور‭ ‬الصحراوية‭ ‬الجنوبية‭ ‬للدولة‭ ‬المرابطية،‭ ‬والموئل‭ ‬الواحي‭ ‬للدولة‭ ‬المرينية‭ ‬بالشرق‭ ‬والجنوب‭ ‬الشرقي‭ ‬من‭ ‬فجيج‭ ‬إلى‭ ‬ملوية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإمارات‭ ‬المغمورة‭ ‬مثل‭ ‬إمارة‭ ‬المخلوفيين‭ ‬بفجيج…
 
اندثر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القصور‭ ‬والقصبات‭ ‬ومُسخ‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬استبدلت‭ ‬بها‭ ‬أحياء‭ ‬حديثة‭ ‬لا‭ ‬جمالية‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬تراث‭ ‬ولا‭ ‬أصالة،‭ ‬ففقدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الواحات‭ ‬رونقها‭ ‬وهويتها‭ ‬وجاذبيتها‭. ‬لازالت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الواحات‭ ‬تستقطب‭ ‬سياحا‭ ‬كثر،‭ ‬وغالبيتهم‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الوطن،‭ ‬بينما‭ ‬مواطنونا‭ ‬تنطبق‭ ‬عليهم‭ ‬مقولة‭ ‬«مغنية‭ ‬الحي‭ ‬لا‭ ‬تطرب»،‭ ‬حيث‭ ‬الذين‭ ‬منهم‭ ‬اكتشفوا‭ ‬سحر‭ ‬الواحات‭ ‬يظلون‭ ‬القلة‭ ‬القليلة‭.‬
 
أكيد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يُهمنا‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬هو‭ ‬تدهور‭ ‬المجال‭ ‬الأخضر،‭ ‬أي‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬والإنتاج‭ ‬الفلاحي،‭ ‬لكن‭ ‬الواحات‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬منظومات‭ ‬تتكامل‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬مجالاتها‭ ‬الترابية،‭ ‬وكأنها‭ ‬جسم‭ ‬واحد‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬أعضائه‭ ‬ليستمر‭ ‬عنفوانه‭ ‬ووهجه‭ ‬وإشعاعه‭. ‬أصبحت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الواحات‭ ‬والقصور‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجال‭ ‬شبح‭ ‬طاله‭ ‬التدهور‭ ‬وتراجع‭ ‬الاخضرار‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬بساتينها‭ ‬التقليدية،‭ ‬وعكس‭ ‬ذلك‭ ‬بدأت‭ ‬ضيعات‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬حديثة‭ ‬غالبا‭ ‬معصرنة‭ ‬بتخطيط‭ ‬هندسي‭ ‬وتجهيزات‭ ‬متطورة‭. ‬والتساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬هو،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬ولماذا‭ ‬وكيف؟
 
أوّل‭ ‬ما‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الذهن،‭ ‬بل‭ ‬يترسخ‭ ‬فيه‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬عامتهم‭ ‬وغير‭ ‬عامتهم،‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬المناخي،‭ ‬وخاصة‭ ‬تغيراته‭ ‬وتقلباته‭. ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬عقود،‭ ‬كان‭ ‬الجفاف‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬عناصر‭ ‬الطقس‭ ‬والمناخ،‭ ‬بمثابة‭ ‬المشجب‭ ‬الذي‭ ‬يعلق‭ ‬عليه‭ ‬المسؤولون‭ ‬والحكومات‭ ‬فشل‭ ‬سياستهم‭ ‬التنموية،‭ ‬والآن‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬سوى‭ ‬اسم‭ ‬المشجب‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يدعى‭ ‬"التغيرات‭ ‬المناخية"،‭ ‬فيما‭ ‬تبقى‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬تسميه‭ ‬«التقلبات‭ ‬المناخية»،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬الصواب،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬منحى‭ ‬واضح‭ ‬للتساقطات‭ ‬المتذبذبة‭ ‬بين‭ ‬الشح‭ ‬والغزارة،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬جنحت‭ ‬الحرارة‭ ‬نحو‭ ‬ارتفاع‭ ‬طفيف‭.‬
 
إن‭ ‬عالم‭ ‬الواحات‭ ‬أصلا‭ ‬صحراء،‭ ‬وهو‭ ‬مجال‭ ‬يطبعه‭ ‬عجز‭ ‬مائي‭ ‬دائم‭ ‬ومستديم،‭ ‬يؤطره‭ ‬علميا‭ ‬مفهوم‭ ‬القحولة‭ ‬«وليس‭ ‬الجفاف»،‭ ‬والتي‭ ‬يُعتمد‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬درجتها‭ ‬على‭ ‬مؤشرات‭ ‬حسابية‭ ‬تستخرج‭ ‬من‭ ‬معدلات‭ ‬ثلث‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬قياسات‭ ‬التساقطات‭ ‬والحرارة،‭ ‬وكلاهما‭ ‬منخرطة‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬في‭ ‬شح‭ ‬المطر‭ ‬وتبخره‭. ‬بخلاف‭ ‬الجفاف‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬معيش‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬له‭ ‬بداية‭ ‬ونهاية،‭ ‬يُرصد‭ ‬خلاله‭ ‬نقص‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬التساقطات‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬معتاد‭ ‬فيها‭.‬
 
ما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬قحولة‭ ‬وجفاف‭ ‬ليس‭ ‬جديدا،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬اعتيادي‭ ‬بلا‭ ‬انتظام،‭ ‬بل‭ ‬بتغايرية‭ ‬تشتد‭ ‬كلما‭ ‬كان‭ ‬المناخ‭ ‬أكثر‭ ‬قحولة‭. ‬وبالمناسبة،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التنبيه‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬القول‭ ‬مناخ‭ ‬جاف‭ ‬وشبه‭ ‬جاف،‭ ‬إذ‭ ‬الصواب‭ ‬هو‭ ‬مناخ‭ ‬قاحل‭ ‬وشبه‭ ‬قاحل،‭ ‬ومفرط‭ ‬القحولة‭ ‬أو‭ ‬فرط‭ ‬قاحل،‭ ‬وكلها‭ ‬سمات‭ ‬تخص‭ ‬مجالا‭ ‬ترابيا‭ ‬معينا،‭ ‬بينما‭ ‬سمة‭ ‬الجفاف‭ ‬تخص‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬معينة‭ ‬وليس‭ ‬مكانا‭ ‬معينا‭. ‬ويحلو‭ ‬للبعض‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الجفاف‭ ‬أصبح‭ ‬ظاهرة‭ ‬بنيوية،‭ ‬وهذا‭ ‬مجانب‭ ‬للصواب‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬كذلك‭.‬
 
هل‭ ‬تغير‭ ‬شيء‭ ‬ما؟
صحيح‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬فترة‭ ‬جفاف‭ ‬حاد‭ ‬ومستفحل‭ ‬لعدة‭ ‬سنوات‭ ‬متوالية‭ ‬تجاوزت‭ ‬خمسا‭ ‬أو‭ ‬ستا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬منحى‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ربطه‭ ‬وتفسيره‭ ‬بالاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬بمثابة‭ ‬الشيطان‭ ‬المارد‭ ‬الذي‭ ‬يتحكم‭ ‬بشكل‭ ‬حصري‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬حصري‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬المناخي،‭ ‬حسب‭ ‬تصور‭ ‬نظري‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الصدقية‭ ‬والبرهنة‭ ‬العلمية،‭ ‬ليبقى‭ ‬موضوع‭ ‬جدل‭ ‬كبير‭.‬
 
إنّ‭ ‬الظواهر‭ ‬المناخية‭ ‬والطقسية‭ ‬التي‭ ‬نعيشها،‭ ‬مهما‭ ‬تطرفت،‭ ‬تبقى‭ ‬عادية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬المناخ‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مقاربتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬جوي‭ ‬لفترة‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬بضعة‭ ‬عقود‭ ‬أو‭ ‬قرن‭ ‬أو‭ ‬قرن‭ ‬ونصف،‭ ‬وهي‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬لدينا‭ ‬عنها‭ ‬تسجيلات‭ ‬منتظمة‭ ‬بأدوات‭ ‬تقنية‭. ‬مقاربة‭ ‬المناخ‭ ‬تمتد‭ ‬لقرون‭ ‬وآلاف‭ ‬السنين‭. ‬المناخ‭ ‬الحالي‭ ‬يستمد‭ ‬جذوره‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬الذروة‭ ‬الهولوسينية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬قبل‭ ‬4000-5000‭ ‬سنة‭ ‬وأكثر،‭ ‬والتي‭ ‬عرفت‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭ ‬ووفرة‭ ‬التساقطات‭ ‬التي‭ ‬بموجبها‭ ‬كانت‭ ‬الصحراء‭ ‬مخضرة‭ ‬ووفيرة‭ ‬المياه،‭ ‬بمجاريها‭ ‬الدائمة‭ ‬وينابيعها‭ ‬وبحيراتها،‭ ‬وكان‭ ‬للواحات‭ ‬نصيب‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬وشلالات‭ ‬وضايات‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬آثارها‭ ‬ومخلفاتها‭ ‬وملامحها‭ ‬بادية‭ ‬للعيان‭.‬
 
الواقع‭ ‬الحالي‭ ‬مشتق‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬تدريجي‭ ‬سمته‭ ‬الإقحال‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬أفرز‭ ‬المكونات‭ ‬والمشاهد‭ ‬الصحراوية‭. ‬ومن‭ ‬خاصيات‭ ‬الصحراء‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬إنبات‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬إنتاج‭ ‬إلا‭ ‬سقيا،‭ ‬في‭ ‬بقع‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬المياه‭ ‬بانتظام‭ ‬وبالقدر‭ ‬الكافي،‭ ‬نسميها‭ ‬الواحات‭. ‬وما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك،‭ ‬نباتات‭ ‬عابرة‭ ‬موسمية‭ ‬وظرفية‭ ‬محدودة‭ ‬قد‭ ‬تنبتها‭ ‬زخات‭ ‬مطرية‭ ‬محلية‭ ‬نادرة‭.‬
 
لابدّ‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتردد‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬الطقس‭ ‬والمناخ‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬ولا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ولا‭ ‬نهائي،‭ ‬وأن‭ ‬الجفاف‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتنبؤ‭ ‬والنّمذجة،‭ ‬ونعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يخبرنا‭ ‬بقدوم‭ ‬فترة‭ ‬الجفاف‭ ‬الحالية‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يجازف‭ ‬بإخبارنا‭ ‬بموعد‭ ‬نهايتها‭. ‬فالتأويل‭ ‬الشائع‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬الناس،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬نُصٌبوا‭ ‬أو‭ ‬انتصبوا‭ ‬«خبراء»‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬«الخبرة‭ ‬للجميع،‭ ‬وبدون‭ ‬معلم‭ ‬أو‭ ‬تخصص‭ ‬أكاديمي»،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الجفاف‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬التّغير‭ ‬المناخي‭ ‬بسبب‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬بغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬ذات‭ ‬المنشأ‭ ‬البشري…‭ ‬لكن،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬تجاوز‭ ‬التصريح‭ ‬نحو‭ ‬البرهنة‭.‬
 
هل‭ ‬الجفاف‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬التّدهور‭ ‬والخراب‭ ‬والدّمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬الواحات؟
نصل‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬السؤال‭ ‬الجوهري‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه،‭ ‬وهو،‭ ‬هل‭ ‬الجفاف‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬تعيشه‭ ‬الواحات‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬وخراب‭ ‬ودمار؟
 
في‭ ‬الواقع،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬للواحات‭ ‬خاصيات‭ ‬مشتركة،‭ ‬فإن‭ ‬لكل‭ ‬واحة‭ ‬خصوصياتها‭ ‬الذاتية‭ ‬وظروف‭ ‬وعوامل‭ ‬سيرورة‭ ‬تطورها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعميم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الحالات‭. ‬بعض‭ ‬الواحات‭ ‬تدهور‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬كمي‭ ‬أو‭ ‬نوعي‭ ‬لمواردها‭ ‬المائية،‭ ‬أو‭ ‬هجرة‭ ‬سكانها‭ ‬وتعقيد‭ ‬التجزيء‭ ‬العقاري‭ ‬للمشارات‭ ‬الزراعية‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬مشاكل‭ ‬الإرث‭ ‬وتقسيمه‭ ‬وتقزيمه‭. ‬بعض‭ ‬الواحات‭ ‬تراجعت‭ ‬بغلاء‭ ‬كلفة‭ ‬الماء‭ ‬والعمل‭ ‬الضرورية‭ ‬لإبقائها‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المباشرة‭ ‬للتدهور،‭ ‬ثمة‭ ‬طرح‭ ‬لافت‭ ‬جدير‭ ‬بالتحليل‭ ‬والمناقشة،‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬الأصبع‭ ‬على‭ ‬الجرح‭ ‬حيث‭ ‬النزيف‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬الجسم‭ ‬الواحي،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الطرح‭ ‬المائي‭.‬
 
الماء‭ ‬هو‭ ‬عصب‭ ‬الحياة‭ ‬عموما‭ ‬وفي‭ ‬الواحات‭ ‬خصوصا‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬ألاّ‭ ‬يستحضر‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬«وجعلنا‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حي»‭ ‬عندما‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الواحات‭. ‬إن‭ ‬التعاريف‭ ‬العديدة‭ ‬للواحات‭ ‬يمكن‭ ‬تركيبها‭ ‬باختزال‭ ‬في‭ ‬كونها‭ ‬بقعا‭ ‬مخضرة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬بيئي‭ ‬صحراوي‭. ‬وقد‭ ‬وعى‭ ‬أجدادنا‭ ‬أهالي‭ ‬الواحات‭ ‬دوما‭ ‬أن‭ ‬فاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬اخضرار‭ ‬بلا‭ ‬ماء،‭ ‬ووعوا‭ ‬بمحدودية‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬المتاحة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬يستصلحوا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬رغم‭ ‬شساعتها،‭ ‬سوى‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تتيحه‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬المتوفرة‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬للسقي‭. ‬لم‭ ‬تستقطبهم‭ ‬لا‭ ‬المياه‭ ‬المالحة‭ ‬ولا‭ ‬الترب‭ ‬المالحة،‭ ‬ولم‭ ‬تستهوهم‭ ‬فرص‭ ‬الضخ‭ ‬المفرط‭ ‬وغير‭ ‬المتكافئ،‭ ‬ولا‭ ‬الاستغلال‭ ‬الفرداني،‭ ‬بل‭ ‬تشبثوا‭ ‬دائما‭ ‬وأبدًا‭ ‬بالتدبير‭ ‬الجماعي‭ ‬المشترك‭ ‬لمورد‭ ‬محدود‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬مشتركا،‭ ‬لضمان‭ ‬النجاعة‭ ‬والإنصاف‭ ‬والاستدامة‭.‬
 
بدأت‭ ‬الأمور‭ ‬تتغير‭ ‬منذ‭ ‬بضعة‭ ‬عقود،‭ ‬بوفود‭ ‬مغتربي‭ ‬الواحات‭ ‬الذين‭ ‬جمعوا‭ ‬مالا‭ ‬وعددوه‭ ‬أو‭ ‬أنفقوه‭ ‬بعاطفة‭ ‬أو‭ ‬بهدف‭ ‬الاستثمار،‭ ‬في‭ ‬الاستصلاح‭ ‬وفي‭ ‬التجهيز‭ ‬الآلي‭ ‬لآبار‭ ‬حفروها،‭ ‬ولمحطات‭ ‬الضخ‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬أودية‭ ‬دائمة‭ ‬الجريان،‭ ‬فبدأت‭ ‬الأمور‭ ‬بتأثر‭ ‬صبيب‭ ‬العيون‭ ‬والمجاري،‭ ‬لتتراجع‭ ‬المقدرات‭ ‬المائية‭ ‬للدوائر‭ ‬السقوية‭ ‬التقليدية‭ ‬وبدأت‭ ‬المعاناة‭.‬
 
لكن‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سينضم‭ ‬لهؤلاء‭ ‬وافدون‭ ‬جدد‭ ‬ليسوا‭ ‬بالضرورة‭ ‬من‭ ‬مغتربي‭ ‬الواحات،‭ ‬وإنما‭ ‬«ضيوف»‭ ‬ينزلون‭ ‬بثقل‭ ‬مالهم‭ ‬أو‭ ‬المال‭ ‬العمومي‭ ‬الموفر‭ ‬لهم‭ ‬بسخاء‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬التشجيع‭ ‬والتحفيز،‭ ‬وبالتجهيزات‭ ‬المتطورة‭ ‬لمشاريعهم‭ ‬الضخمة،‭ ‬ليبدأ‭ ‬استنزاف‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬والجوفية‭ ‬على‭ ‬السواء‭. ‬هكذا‭ ‬يُفترس‭ ‬الماء‭ ‬المدبر‭ ‬أصلا‭ ‬بحكامة‭ ‬وترشيد‭ ‬لفائدة‭ ‬ذوي‭ ‬حقوق‭ ‬الانتفاع‭ ‬المتوارثة‭ ‬أبا‭ ‬عن‭ ‬جد‭. ‬مجانية‭ ‬استهلاك‭ ‬الماء‭ ‬وبلا‭ ‬حدود‭ ‬ولا‭ ‬قيود‭ ‬وبلا‭ ‬ضوابط‭ ‬أخلاقية،‭ ‬قد‭ ‬تحوّل‭ ‬عالم‭ ‬واحاتنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬«الجنوب‭ ‬البعيد»‭ ‬(على‭ ‬غرار‭ ‬الغرب‭ ‬النائي Far West) بتهجير‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬بالسلب‭ ‬الناعم‭ ‬لمقدراتهم‭ ‬المائية‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬مفهوم‭ ‬«التنمية‭ ‬المستدامة»،‭ ‬الذي‭ ‬يتأكد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬أنه‭ ‬مفهوم‭ ‬مغلوط‭ ‬بشحنة‭ ‬إيديولوجية‭ ‬باتت‭ ‬مكشوفة،‭ ‬لن‭ ‬تحقق‭ ‬لا‭ ‬تنمية‭ ‬مستديمة‭ ‬ولا‭ ‬تنمية‭ ‬مستدامة‭.‬
 
يتضح‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬ظواهر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المناخ‭ ‬مألوف‭ ‬لدى‭ ‬الواحات‭ ‬وأهاليها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يفسر‭ ‬تراجع‭ ‬المساحات‭ ‬الزراعية‭ ‬التقليدية‭. ‬فالأمر‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬استبدالا‭. ‬فمقابل‭ ‬كل‭ ‬ظهور‭ ‬لبقعة‭ ‬اخضرار‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تختفي‭ ‬بقعة‭ ‬قديمة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬افتراس‭ ‬الماء‭ ‬بالضخ‭ ‬المفرط‭ ‬له‭ ‬انعكاسات‭ ‬وخيمة‭ ‬بتخفيضه‭ ‬لمستوى‭ ‬فرشات‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية،‭ ‬فتتراجع‭ ‬بموجب‭ ‬ذلك‭ ‬العيون‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تجف،‭ ‬وبالتسبب‭ ‬في‭ ‬تمازج‭ ‬المياه‭ ‬العذبة‭ ‬والمياه‭ ‬المالحة‭ ‬فيتعذر‭ ‬اعتمادها‭ ‬في‭ ‬السقي،‭ ‬والنتيجة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬سوى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المزارع‭ ‬التقليدية‭ ‬القديمة‭ ‬ضدا‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬قانون‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬يستبعد‭ ‬أي‭ ‬استثمار‭ ‬أو‭ ‬استعمال‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قائم،‭ ‬ويهدد‭ ‬ضمان‭ ‬حقوق‭ ‬المنتفعين‭ ‬السابقين‭ ‬الأصليين‭. ‬
 
ما‭ ‬الحل‭ ‬والمدخل‭ ‬لضمان‭ ‬انتعاش‭ ‬الواحات؟
فيما‭ ‬يخص‭ ‬تنمية‭ ‬الواحات‭ ‬واسترجاع‭ ‬وهجها‭ ‬ومكانتها،‭ ‬فالأمر‭ ‬يمر‭ ‬أولا‭ ‬عبر‭ ‬تقدير‭ ‬وضعها‭ ‬الاعتباري‭ ‬وجبر‭ ‬ضررها،‭ ‬إذ‭ ‬باتت‭ ‬مصنفة‭ ‬تراثا‭ ‬عالميا‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬تجاهله‭ ‬وتبخيسه‭ ‬وتتفيه‭ ‬مكوناته‭ ‬المشهدية‭ ‬والثقافية‭ ‬المميزة‭. ‬كرنفالات‭ ‬كثيرة‭ ‬وجعجعات‭ ‬كبيرة‭ ‬تخصص‭ ‬للواحات،‭ ‬لكن‭ ‬غالبا‭ ‬بلا‭ ‬طحين،‭ ‬أو‭ ‬بلا‭ ‬حتى‭ ‬آذان‭ ‬صاغية‭.‬
 
لن‭ ‬تنتعش‭ ‬الواحات‭ ‬بدون‭ ‬حماية‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬العامل‭ ‬المحدد‭ ‬لأي‭ ‬تنمية‭ ‬وإنتاج‭ ‬زراعي‭ ‬في‭ ‬البيئات‭ ‬الصحراوية‭. ‬والحماية‭ ‬تمر‭ ‬حتما‭ ‬عبر‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الضخ‭ ‬المفرط‭ ‬واستزراع‭ ‬الأراضي‭ ‬بدون‭ ‬ضمانات‭ ‬مقابل‭ ‬مائي‭ ‬كاف‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬التقليدي‭ ‬ذي‭ ‬الأسبقية‭ ‬قانونيا‭ ‬وأخلاقيا‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الحماية‭ ‬أيضا‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬النجاعة‭ ‬والاستدامة‭ ‬بتعبئة‭ ‬مقدراتنا‭ ‬المائية‭ ‬المهدورة‭ ‬نحو‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تدبير‭ ‬الماء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬ناجعا‭ ‬وعقلانيا‭ ‬دون‭ ‬تقييده‭ ‬وتأطيره‭ ‬بحكامة‭ ‬جماعية‭ ‬جيدة،‭ ‬تلغي‭ ‬مجانيته‭ ‬ولا‭ ‬محدودية‭ ‬استهلاكه،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬خصخصته‭ ‬وحرية‭ ‬التصرف‭ ‬فيه‭ ‬بفردانية‭ ‬ريعية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬المحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬الدخيلة‭ ‬المستنزفة‭ ‬للماء،‭ ‬وبإقرار‭ ‬تعزيز‭ ‬المنتوجات‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬العالية‭ ‬والأكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬للوسط‭ ‬الواحي‭. ‬وتنمية‭ ‬الواحات‭ ‬تقتضي‭ ‬أيضا‭ ‬تطوير‭ ‬أنشطة‭ ‬مكملة‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬السّياحة‭ ‬الذكية‭ ‬بمواصفاتها‭ ‬المتعددة،‭ ‬بيئية‭ ‬وثقافية‭ ‬ومنصفة‭ ‬وتضامنية،‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬وتثمن‭ ‬الخصوصيات‭ ‬وتحترم‭ ‬الثقافات‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬وتنصف‭ ‬الأهالي‭.‬