الأحد 24 نوفمبر 2024
اقتصاد

أيت حمو: خلق فيدرالية لمهنيي الصبار ستبوأ المغرب مكانة مرموقة بين الدول المنتجة لهذه الفاكهة

أيت حمو: خلق فيدرالية لمهنيي الصبار ستبوأ المغرب مكانة مرموقة بين الدول المنتجة لهذه الفاكهة عبد الرحمان أيت حمو(يمينا) إلى جانب رئيس جمعية منتحي الصبار بالمكسيك
يفسر عبد الرحمان أيت حمو، مهندس فلاحي ومنسق جهوي للشبكة الدولية للتعاون التقني في مجال الصبار، في حوار مع "أنفاس بريس"، أسباب ارتفاع أسعار الصبار في المغرب خلال الآونة الأخيرة.
ودعا أيت حمو الفلاحين إلى عدم التفريط في أصناف ينفرد المغرب بالتوفر عليها. إذ ناشد مزارعي الحسيمة وشفشاون لبذل كل الجهود للمحافظة على صنف الدلاحية لما لها من خصائص مذاقية. ونفس المناشدة أرسلها لمزارعي أصناف موسى وعيسى بمنطقة أيت باعمران.
 
 
 
عرفت التين الشوكي أو الهندية أو فاكهة الفقراء أسعارًا غير مسبوقة، ما هو أسباب هذا الارتفاع الذي أثار استغراب محبي هذه الفاكهة؟
 
قبل ذكر العوامل التي أدت إلى ارتفاع سعر فاكهة التين الشوكي، أود أن أوضح أنه، بالنظر إلى فوائدها الصحية المدعومة بالأبحاث العلمية، لم تعد فاكهة الفقراء فقط، بل يسعى للاستفادة من منافعها كل الناس مهما كان وضعهم الاجتماعي.
بالنسبة لقضية الأسعار، يعود ارتفاعها لأسباب متعددة ومتشابكة، ومن أهمها:
 
1- بداية موسم الجني: كمعظم المنتجات الموسمية تكون الأسعار مرتفعة في البداية ثم تنخفض تدريجياً كلما ازداد العرض مع ارتفاع وتيرة الجني. وقد ترتفع الأسعار مرة أخرى في نهاية الموسم حين يقل الإنتاج. الخلاصة أن سعر فاكهة التين الشوكي ينصاع لقانون العرض والطلب، وهذه من إشكاليات المنتجات الفلاحية.
 
2- تقلص مساحات التين الشوكي: بسبب الحشرة القرمزية التي ظهرت في سيدي بنور خريف 2014 وانتشرت في جميع أنحاء المغرب.
 
3- الوسطاء: يلعب الوسطاء دورًا مهمًا في قنوات التسويق، ولكن ربما يبالغون في هوامش الربح على حساب المنتج والمستهلك معًا. نتمنى فقط أن تكون الأسعار المتداولة بين مختلف الفاعلين أسعارًا عادلة.
4- ارتفاع أسعار المدخلات وتكاليف النقل.
 
ذكرت أن الحشرة القرمزية دمرت معظم البساتين، لكن ما مصدر الفاكهة التي يتم تسويقها في بداية الموسم، وكيف سيكون العرض خلال الأسابيع القادمة؟
فعلاً دمرت الحشرة القرمزية معظم بساتين التين الشوكي، ولكن يمكن القول بأن بلدنا بدأت تتعافى من الوباء بفضل المجهودات التي تقوم بها وزارة الفلاحة عبر المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الذي ساند المزارعين في حربهم على الحشرة وذلك بتوزيع الأدوية المناسبة وآلات الرش.
كما يجب رفع القبعة أيضًا لجيل جديد من المزارعين اليقظين الذين يطبقون الممارسات الزراعية الجيدة ونجحوا فعلاً في الحفاظ على بساتينهم بالمراقبة المستمرة وهم يجنون الآن ثمار جهودهم.
 
كيف ترى مستقبل زراعة التين الشوكي في بلادنا؟
من المؤكد أن آفاق زراعة الصبار بالمغرب ستكون أكثر من واعدة. ولا بد أن تكون كذلك لأن هذه الشجرة مناسبة جداً لجهود بلادنا في مجال التأقلم مع التغيرات المناخية. والصبار قبل وباء الحشرة القرمزية ليس كما بعده. ستنمو هذه الزراعة على مسارين:
 
توسيع المساحات المغروسة بالأصناف المقاومة للحشرة القرمزية
*تحول المزارعين من نمط الإنتاج التقليدي إلى نمط إنتاج عصري يتميز بالتدبير المحكم للبساتين (السيطرة على الآفات، إنتاج خارج الموسم، الرفع من المردودية والجودة وتقليص كلفة الإنتاج).
 
للنجاح في هذه الطفرة، لا بد من التفكير في تنظيم سلسلة التين الشوكي على غرار السلاسل الفلاحية الأخرى كالأركان والزعفران والثمر وغيرها. من المؤكد أنه إذا أُنشئت فيدرالية متميزة لمهنيي الصبار ستتبوأ بلادنا مكانة مرموقة بين الدول المنتجة لهذه الفاكهة.
 
المغرب يتميز بتنوع مناطقه الإيكولوجية، مما يجعله قادرًا على إنتاج الفاكهة بأنواع مختلفة تلبي كل الأذواق وعلى مدار السنة.
 
ومن جهة أخرى، الصبار ليس شجرة مثمرة فقط بل يوفر كميات مهمة من الأعلاف يمكنها المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في المنتجات الحيوانية. ولنا عبرة في دولة البرازيل التي طورت تكنولوجيا تعتمد على الصبار في الإنتاج الحيواني.
 
على ذكر الدول المنتجة للصبار، ما هي وضعية القطاع في تلك البلدان، في تونس مثلاً؟
ازداد الاهتمام بزراعة التين الشوكي في كثير من الدول، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط لأنهم أدركوا أهمية النبات أمام توالي سنوات الجفاف. ففي الجارة الشمالية ظهرت مزارع عصرية رغم أن إسبانيا استعملت الحشرة القرمزية لمكافحة نوع من الصبار يعتبرونه غازيًا. بل إن إسبانيا ستستضيف في السنة المقبلة (2025) المؤتمر الدولي الحادي عشر حول التين الشوكي وسيكون المغرب من أبرز المشاركين. وفي البرتغال أيضًا هناك جهود لتوسيع مساحات التين الشوكي خاصة في الجنوب الذي تأثر كثيرًا بشح الأمطار.
 
في تونس، عاينت خلال شهر نونبر 2023 وضعًا مقلقًا للغاية بسبب الحشرة القرمزية التي تمكنت للأسف من الوصول إلى عشر ولايات. أتمنى أن يتمكن الأشقاء في تونس من السيطرة على الوباء والاستفادة من التجربة المغربية. يجدر بالذكر أن مؤسسة مغربية متخصصة في المحاربة البيولوجية قامت مؤخرًا بزيارة لتونس لتقديم الدعم الفني في هذا المجال وأعتقد أن منظمة الزراعة والأغذية (FAO) ستقوم بإنجاز مشروع استعجالي لدعم تونس في محاربة الحشرة القرمزية.
 
 
ماهي النصائح التي تقدمها لمزارعي التين الشوكي؟
نصائحي تنطلق من نتائج بحث ميداني قمت به مؤخرًا على صعيد دول شمال إفريقيا. البحث مكنني من تشخيص قطاع التين الشوكي، نقاط قوته وضعفه وكذلك فرصه وتهديداته. والخلاصة أوجزها في النقاط التالية:
 
*التين الشوكي يؤمن دخلاً مهمًا حتى في المناطق الجافة والشبه جافة، لكن يمكن مضاعفة هذا الدخل عن طريق اعتماد تقنيات زراعية حديثة.
 
*يستحيل القضاء نهائيًا على الحشرة القرمزية، لكن يمكن التعايش معها دون أن تؤثر على الإنتاج. والمقصود بالتعايش هنا هو خلق بساتين عصرية تستجيب للمعايير التقنية المعتمدة في زراعة الصبار مما يسهل المراقبة المستمرة للحشرة القرمزية وغيرها من الآفات الحالية والمحتملة.
 
*تنويع المنتجات وعدم الاكتفاء بالفاكهة. فالصبار يوفر مواد أولية يمكن تثمينها في عدد لا يحصى من المشتقات ذات القيمة المضافة العالية.
 
*الاستفادة من مزايا الأصناف المقاومة للحشرة مع عدم التفريط في أصناف ينفرد المغرب بالتوفر عليها. وهذه فرصة لمناشدة مزارعي الحسيمة وشفشاون لبذل كل الجهود للمحافظة على صنف الدلاحية لما لها من خصائص مذاقية. ونفس المناشدة أرسلها لمزارعي أصناف موسى وعيسى بمنطقة أيت باعمران.
 
 فاكهة من صنف المجذوبية بالمحمدية المهددة بالحشرة القرمزية، نموذج لنجاح جهود المزارعين في المحافظة على البساتين وتحقيق إنتاج وفير
 
مزارعون من الرحامنة تمكنوا من السيطرة على الحشرة القرمزية وحافظوا على مردودية بساتينهم.