الأحد 30 يونيو 2024
كتاب الرأي

مارية الشرقاوي: حرية الفكر رافعة أساسية للتقدم

مارية الشرقاوي: حرية الفكر رافعة أساسية للتقدم مارية الشرقاوي
لا يمكن الحديث عن تحرير الأرض وتقدم الشعوب دون تحرير الانسان امرأة أو رجل، فالإنسان من يحرر الأرض وليست الأرض من تحرر الانسان، ولا حديث عن تقدم اقتصادي واجتماعي كعنصرين أساسيين لرقي الشعوب دون حرية التي تبقى دائما، و أبدا مطلبا أساسيا في حياة الفرد ،فلا حياة عادلة سوية دون حرية ،حرية الفكر الدي يعتبر لبنة أساسية لإنتاج انسان قادر على التفكير، والتعبير والابداع مما يساهم في الدفع بعجلة تقدم المجتمعات، وحينما نتحدث عن تحرير الفكر فالمقصود التحرير من كل الأصفاد التي تقيد طاقات الانسان الإبداعية التي لها علاقة وطيدة مع الحرية ،والقيود هنا قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ، نأخذ مثلا من خلال هدا المقال تحرير المرأة باعتبار تقييدها والتحديات التي تعترض طريق تحريرها بالمجتمعات العربية مختلفة كما وكيفا مقارنة مع الرجل، حيث نجد المرأة لازالت تمارس عليها الوصاية ،وصاية فرضتها مجتمعاتنا العربية بدون وجه حق كأنها قاصرا أو مجنونا لا عقل لها وبالتالي وجب تقييدها فكريا وسلوكيا ،و تكريس الوصاية على المرأة يعتبر ضربا سافرا لحقوق الانسان الدي لا يمكن الحديث عنه دونا عن حقوق المرأة ،فالمرأة انسان ولها من الحقوق ما للرجل دون تمييز .
 
فالعقل مرتبط بالإنسان، لا بالجنس هل ذكر، أو أنثى، وبالتالي ما يحدث من جدل حول المرأة والنقاش العقيم الدائر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى داخل الصالونات السياسية ينبئ بأن عجلة التقدم تأخد مسارا بطيئا وأحيانا خاطئا، فقد ان الأوان أن نحرر المرأة من كل ما من شأنه أن يمثل حجر عثرة أمام مجتمعنا، فمن الغريب والمستغرب له هناك من لازال يناقش هل من حق المرأة العمل؟ بل هل من حقها الخروج لقضاء أغراضها وحدها دون رفيق؟ نقاش عقيم تجاوزناه مند عقود خلت لكن لازال هناك من يناقشه، ويسقط على المرأة كل ما تعيشه المجتمعات العربية من تخلف اقتصادي واجتماعي بل حتى الكوارث الطبيعية قد يقولون سببها المرأة..
 
جدال عقيم ومخاض عسير أخد من مسار تقدم بلدنا الشيء الكثير في محاولات يائسة للاتقاط أنفاسه الضائعة بين مناصر ومعارض. وما السجال الدائر اليوم حول تعديل مدونة الأسرة وما صاحبه ولا زال يصاحبه من ملاسنات، وسب، وقدف بين التيار الحداثي والتيار المحافظ وصل لدرجة التكفير، أو التسفيه لدليل دامغ على أن الثقافة الذكورية لازالت تتحكم في تشريع القوانين وتفسيرها، هو سجال يعكس واقعا مريرا واقعا يحكي أننا لا نؤمن بالاختلاف بل مصرين على تقييد حرية الفكر في حين الاختلاف في الرأي ثروة فكرية تثري الحوار وتجود مخرجاته ،أما أحادية الفكر هي مؤشر من مؤشرات التعصب والديكتاتورية ، فهناك اتجاه لازال مصرا على منح الحرية والرفعة للرجل دونا عن المرأة وبالتالي من حقه أن يتزوج ويطلق ويعدد كيفما شاء دون قيد أو شرط ويتزوج القاصر وكاملة الأهلية لا حرج عليه في تغييب كامل لما قد ينتج عن دلك من كوارث اجتماعية، وفي المقابل نجد اتجاها يريد قلب الطاولة على كل ما له علاقة بالشريعة الإسلامية والاستناد فقط للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب مع العلم أن المغرب حين مصادقته على مجموعة من المواثيق الدولية سجل تحفظات تحمي هويته كبلد له خصوصياته التي تميزه عن باقي المجتمعات ، في حين وجب التوافق من خلال تبني نقاشا هادئا به الكثير من الانصات للرأي الاخر وليس فقط الاستماع ، وكدلك الاجتهاد من دوي الاختصاص من يمتلكون الاليات الفقهية التي تؤهلهم لهاته المهمة غير اليسيرة على اعتبار أننا دولة إسلامية طبقا للدستور الدي يبقى هو القانون الأسمى لبلدنا .
 
كخلاصة ادا لم نؤمن بأن الاقتصاد وحده لا يحقق التقدم بل هو فقط أداة من أدواته بل يلزم حدوثه موازاة مع التقدم الاجتماعي والثقافي اللدين لن تقوم لهما قائمة بدون حرية فكرية التي هي مربط الفرس وبيت القصيد فلنعلم أننا لن نصل الهدف المنشود وسنظل في دوامة يصعب الخروج منها.
 
 
مارية الشرقاوي/ كاتبة وباحثة في قضايا المرأة و الأسرة