تأكد لجريدة "أنفاس بريس" بعد جولتها بين محلات بيع اللحوم ببعض الأحياء بمدينة اليوسفية، يومي الجمعة والسبت 14 و15 يونيو 2024، أن هناك نسبة مهمة من أسر هذه المدينة الفوسفاطية، قد خلصت إلى قناعة وموقف مبدئي يتمثل في عدم شراء كبش عيد الأضحى، والإكتفاء بشراء كمية من اللحوم والدجاج والأسماك، أمام ارتفاع أثمنة الأغنام بشكل غير مسبوق، علما أن أغلب أرباب بيوت هذه الأسر يشتغلون في القطاع العام، ويتسلمون أجرهم الشهري بانتظام، سواء من رجال التعليم أو موظفين بالجماعات المحلية، وغيرها من القطاعات الأخرى.
وحسب معاينتنا لهذه الظاهرة التي بدأت تتمدد وسط المجتمع المغربي، فقد سجلنا اصطفاف مجموعة من المواطنات والمواطنين أمام محلات الجزارين بمدينة اليوسفية وشراء كمية مهمة من اللحم، فضلا عن اقتنائهم للأسماك والدجاج.
في هذا الصدد أكد أحد المواطنين لجريدة "أنفاس بريس" بالقول: "لا يمكنني شراء خروف يتجاوز 3500 درهم، وإلا سأسقط في المحظور". وشدد نفس المتحدث على أن "ثمن كبش العيد قد تجاوز الحد المقبول والمنطقي. فمن أين لي أن أوفر مبلغ 5000 درهم لشراء كبش صردي، اللهم إن قررت الاقتراض، وبعد ذلك تظل أجرتي معرضة للاقتطاعاتّ".
وعن اختيار شراء اللحم بالتقسيط والسمك أو الدجاج أوضح قائلا: "اقتنعت بهذا الموقف مع أسرتي، واكتفينا بشراء كمية من اللحم والسمك والدجاج، ولم نتجاوز 2000 درهم، ونطلب من الله أن يتقبل منا عملنا في ظل هذه الأزمة".
في سياق متصل، أكد أحد الجزارين بمدينة اليوسفية للجريدة، أن مجموعة من الأسر قد توافدت على محله من أجل شراء كمية من اللحم والكبد بالتقسيط، نظرا لغلاء أضاحي العيد، وعدم قدرة تلك الأسر على شراء كبش العيد كالمعتاد. وأشار في تصريحه إلى أن كل الزبناء الذين فضلوا شراء اللحوم الحمراء والبيضاء كانوا مقتنعين بفكرتهم وموقفهم، انطلاق من قوله عزّ وجلّ: "لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسا إِلَا وَسْعَهَا".
وطالبت مجموعة من الأسر التي لم تسعفها ميزانيتها الشهرية من توفير كبش عيد الأضحى من بعض الجزارين وبائعي الدجاج أن يقوموا بفتح محلاتهم التجارية مباشرة بعد يوم العيد لتلبية طلباتهم على مستوى إضافة بعد كميات اللحوم البيضاء والحمراء.
من المعلوم أن وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات في حكومة عزيز أخنوش، كان قد صرح أمام البرلمان بأن المغرب يوفر حاليا برسم سنة 2024، لشعيرة عيد الأضحى ما مجموعه 8.7 مليون من رؤوس الغنم، وشدد على أن هناك اكتفاء ذاتيا على المستوى الوطني. إلا أن واقع الأمر يقول عكس ذلك، فلو كانت الأغنام متواجدة بوفرة والعرض يفي بالطلب، لما عرفت الأغنام هذا الارتفاع المهول في أثمنتها التي لا تناسبها بالمرّة، لا على مستوى الحجم فقط بل على مستوى الوزن، وحتى على مستوى النظرة والجودة والسلالة المفضلة عند المغاربة.
من جهة أخرى يرى مراقبون ومهتمون بقطاع الفلاحة، أن الجهات المسؤولة على القطاع تتفرج على سلخ المواطن البسيط منذ أن ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم في الأسواق وتعدى 100 درهم، بفعل تتابع سنوات الجفاف وغلاء الأعلاف إلى جانب تراجع عدد رؤوس الأغنام المؤهلة للذبيحة.
في هذا الصدد، ومن أجل العمل على تراجع أثمنة لحم الغنم بالأسواق المغربية، افترض أحد العارفين بقطاع الفلاحة، بأن السوق المغربية تتطلب يوميا توفير 50 ألف رأس من الغنم للاستهلاك، في حين أن يوم عيد الأضحى فقط سيستهلك المغاربة 7.8 مليون رأس من الغنم. وأوضح بأن الحكومة لو ألغت عيد الأضحى هذه السنة، وأجلته للمسوم القادم، ستوفر ستة أشهر من استهلاك لحم الغنم، مما سينعكس على سعرها حيث من الممكن أن يتراجع إلى حدود 50 درهم للكيلوغرام.