تقدم حزب التجمع الوطني للأحرار بمقترح لتعديل قانون كفالة الأطفال المهملين، وذلك تزامنا مع فتح ورش تعديل مدونة الأسرة. مقترح القانون هو الأول من نوعه منذ فتح ورش مراجعة مدونة الأسرة.
ووفق ما نشره موقع "المفكرة القانونية"، فإن هذا يعيد إلى الواجهة الإشكاليات القانونية والإجرائية التي تواجه كفالة الأطفال بالمغرب، ويهدف إلى ضمان معالجة هذه الملفّات ضمن أجل معقول، وتخويل الطفل المكفول اكتساب نفس الإسم العائلي للأسرة الكافلة.
السياق العامّ
يتزامن تقديم مقترح لتعديل قانون كفالة الأطفال المهملين، مع الإعلان عن فتح ورش مراجعة مدونة الأسرة، حيث تطالب المنظمات الحقوقية والنسائية وعدد من الأحزاب بتمديد نطاق الإصلاحات التشريعية المرتقبة، لتشمل قوانين أخرى من بينها قانون كفالة الأطفال المهملين، الذي تمّ تنظيمه بموجب قانون 15.01 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002، وقد عرفت المادة الأولى منه الطفل المهمل بأنه:”…الطفل من كلا الجنسين الذي لم يبلغ سنّه ثماني عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية: (1) إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها؛ أو (2) إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش؛ أو (3) إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه على رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه”.
كما عرّفت المادة الثانية منه مفهوم كفالة طفل مهمل بأنّها تعني “الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده”، كما نصت على أنه “لا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا فـي الإرث”.
مستجدات المقترح
يتضمن مقترح القانون الجديد إدخال مجموعة من التّعديلات الإجرائية على مسطرة كفالة الأطفال ومن أبرزها:
* تسريع مسطرة الكفالة من خلال وضع أجل قانونيّ محدد في شهر أمام قاضي القاصرين وأمام اللجة المكلفة بالبحث.
* تخويل قاضي القاصرين حق الاستعانة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية للقيام بتقييم وضعية الطفل من حيث توفر الشروط الملائمة لضمان سلامته الصحية والبدنية وتوجيهه وتربيته ونموه البدني والعاطفي والفكري والاجتماعي، وتقييم قدرات الأسرة أو المرأة التي تتولّى كفالة الطفل أو حضانته أو رعايته فقط.
* تخويل الطفل المكفول حق الحصول على الاسم العائلي للكافل متى تقدّم هذا الأخير بطلب بذلك.
* ربط إمكانية استرجاع الولاية على الطفل المكفول من قبل أحد الوالدين الحقيقيين أو كلاهما، بضرورة موافقة الزوجين الكافلين، أو المرأة الكافلة، بما يجعل مصلحة الطفل الفضلى هي المحدد الأول للبت في طلب الاسترجاع أو التنازل.
قراءة في المقترح
تفيد إحصائيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن المحاكم المغربية سجّلت ما بين سنة 2017 و2021 ما مجموعه 7468 تصريحا بالإهمال. ففي سنة 2017 سجل 1245 تصريحا بالإهمال، وقد ارتفع هذا العدد إلى 1408 سنة 2020، وإلى 1691 سنة 2021. وتؤكد إحصائيات المنظّمات العاملة في مجال الطفولة ارتفاع معدّلات الأطفال المهملين أو المتخلى عنهم لعدة أسباب من بينها المقتضيات القانونية التي لا تعطِ أي حقوق للأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، واستمرار تجريم الإيقاف الإرادي للحمل. ورغم أهمية مقترح تعديل القانون في إدخال تعديلات جزئية قصد تسريع وتيرة إجراءات كفالة الأطفال المهملين من خلال تحديد أجل أقصاه شهر لمعالجة الملفّات، وهو ما ينسجم مع توجه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تحديد آجال افتراضية للبت في الملفات، فضلا عن محاولة المقترح ضمان حماية الطفل المكفول من أي وصم من خلال منحه الاسم العائلي للأسرة الكافلة. إلّا أنّ المقترح لا يستجيب للإشكاليات الجوهرية التي يطرحها هذا القانون على مستوى ملاءمته للدستور وللاتفاقيات الدولية، وهو ما يبدو من خلال النقاط الآتية:
* عنوان القانون الحالي “كفالة الأطفال المهملين” يحمل وصما مسبقا للأطفال باعتبارهم “مهملين” أي أطفالا تخلت عنهم أسرهم، وكان حريّا بالمشروع استعمال عبارات أكثر أنسنة واحتراما لكرامة الطفل، من قبيل “قانون حماية الأطفال”، أو “قانون الأسر البديلة” أو قانون “كفالة الأطفال”.
* نطاق القانون يقتصر على معالجة حالة الأطفال الذين يوجدون في وضعية إهمال، ولا يشمل الأطفال الذين لهم أسر لكنهم يرغبون في التخلي عن رعايتهم لأسر أخرى، وغالبا ما يطلق عليهم حسب العمل القضائي “الأطفال غير المهملين”، ولا يوجد نصّ قانوني ينظّم وضعيتهم، وهو ما يطرح إشكالات عميقة في حالة إنجاز كفالات “عرفية” أو “عدلية”، بهدف السفر بهم إلى الخارج؛
* مضامين قانون كفالة الأطفال يحمل مقتضيات تمييزية، فهو وإن كان يتيح للأم العازبة التكفّل بالطفل من دون شرط زواجها، إلا أنه لا يجيز للأسر القائمة في إطار زواج مختلط بالتكفّل بالأطفال إذا كانت الزوجة غير مسلمة، رغم أن التزامات الأمّ الكافلة لا تختلف كثيرا عن التزامات الأمّ الحاضنة، حيث تتيح مدونة الأسرة للأم غير المسلمة الاحتفاظ بحضانة أطفالها رغم الطلاق. ولا شك أن جعل الدين شرطا من الشروط الواجب توفرها في الكفيل يعتبر منافيا للاتفاقيات الدولية التي تحظر التمييز لأي سبب ومن بين هذه الأسباب التمييز بسبب الدين.
* ورغم أهمية تنصيص المقترح على حقّ الأب الكافل في منح اسمه العائلي للطفل المكفول إلا أنه لم يتطرّق الى مسألة تغيير بيانات الاسم الشخصيّ للأب والاسم الشخصي والعائلي للأم، كما أنّه لم ينظم وبشكل واضح الهدف من القيام بهذا الإجراء وما اذا كان هو إخفاء واقعة الكفالة على الطفل، أو تجنيبه فقط الوصم الاجتماعي، علما بأن القانون الحالي لا ينظم أي مسطرة خاصة لإشعار الطفل المكفول بحقيقة وضعيته، من قبيل تحديد سنّ الإشعار، والتنصيص على مواكبة نفسية واجتماعية للطفل المكفول، وهو ما يعرضه لاحقا لصدمات نفسية حين اكتشاف حقيقة الأمر بشكل فجائي.
* لم يتطرّق مقترح القانون لإجراءات التنازل عن الكفالة والتي لم ينظمها القانون الحالي، وهو ما يؤزم من وضعية الطفل المكفول في حالة تنازل طالب الكفالة عن كفالته، رغم ارتباط الطفل به ماديا ومعنويا.
* لم ينصّ المقترح الجديد على أيّ حقوق مالية جديدة لفائدة الأطفال المكفولين، مثل استفادتهم من وصية إجبارية في حالة عدم وجود وصية إرادية لهم، نظرا لأن القانون صريح في الإشارة إلى عدم استحقاقهم لأيّ ارث في تركة الأبوين الكافلين، وهو ما يعرضهم للضياع في حالة الوفاة.
وتجدر الإشارة الى أن عددا من الجمعيات الحقوقية طالبت بإعادة النظر في قانون كفالة الأطفال لمواجهة إكراهات الواقع المجتمعي الذي يتمثل في ارتفاع عدد المواليد المتخلّى عنهم، وكذا حاجيات عدد من الأسر المغربية التي لم تتمكن من الإنجاب. كما طالبت جمعيّات أخرى بإصدار قانون يسمح للأسر المغربية وبشكل صريح بتبنّي الأطفال على غرار موقف المشرع التونسي بموجب قانون 27 الصادر بتاريخ 4 مارس 1958 المتعلق بالولاية العمومية والكفالة والتبني.
ووفق ما نشره موقع "المفكرة القانونية"، فإن هذا يعيد إلى الواجهة الإشكاليات القانونية والإجرائية التي تواجه كفالة الأطفال بالمغرب، ويهدف إلى ضمان معالجة هذه الملفّات ضمن أجل معقول، وتخويل الطفل المكفول اكتساب نفس الإسم العائلي للأسرة الكافلة.
السياق العامّ
يتزامن تقديم مقترح لتعديل قانون كفالة الأطفال المهملين، مع الإعلان عن فتح ورش مراجعة مدونة الأسرة، حيث تطالب المنظمات الحقوقية والنسائية وعدد من الأحزاب بتمديد نطاق الإصلاحات التشريعية المرتقبة، لتشمل قوانين أخرى من بينها قانون كفالة الأطفال المهملين، الذي تمّ تنظيمه بموجب قانون 15.01 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002، وقد عرفت المادة الأولى منه الطفل المهمل بأنه:”…الطفل من كلا الجنسين الذي لم يبلغ سنّه ثماني عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية: (1) إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها؛ أو (2) إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش؛ أو (3) إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه على رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه”.
كما عرّفت المادة الثانية منه مفهوم كفالة طفل مهمل بأنّها تعني “الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده”، كما نصت على أنه “لا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا فـي الإرث”.
مستجدات المقترح
يتضمن مقترح القانون الجديد إدخال مجموعة من التّعديلات الإجرائية على مسطرة كفالة الأطفال ومن أبرزها:
* تسريع مسطرة الكفالة من خلال وضع أجل قانونيّ محدد في شهر أمام قاضي القاصرين وأمام اللجة المكلفة بالبحث.
* تخويل قاضي القاصرين حق الاستعانة بمؤسسات الرعاية الاجتماعية للقيام بتقييم وضعية الطفل من حيث توفر الشروط الملائمة لضمان سلامته الصحية والبدنية وتوجيهه وتربيته ونموه البدني والعاطفي والفكري والاجتماعي، وتقييم قدرات الأسرة أو المرأة التي تتولّى كفالة الطفل أو حضانته أو رعايته فقط.
* تخويل الطفل المكفول حق الحصول على الاسم العائلي للكافل متى تقدّم هذا الأخير بطلب بذلك.
* ربط إمكانية استرجاع الولاية على الطفل المكفول من قبل أحد الوالدين الحقيقيين أو كلاهما، بضرورة موافقة الزوجين الكافلين، أو المرأة الكافلة، بما يجعل مصلحة الطفل الفضلى هي المحدد الأول للبت في طلب الاسترجاع أو التنازل.
قراءة في المقترح
تفيد إحصائيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن المحاكم المغربية سجّلت ما بين سنة 2017 و2021 ما مجموعه 7468 تصريحا بالإهمال. ففي سنة 2017 سجل 1245 تصريحا بالإهمال، وقد ارتفع هذا العدد إلى 1408 سنة 2020، وإلى 1691 سنة 2021. وتؤكد إحصائيات المنظّمات العاملة في مجال الطفولة ارتفاع معدّلات الأطفال المهملين أو المتخلى عنهم لعدة أسباب من بينها المقتضيات القانونية التي لا تعطِ أي حقوق للأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، واستمرار تجريم الإيقاف الإرادي للحمل. ورغم أهمية مقترح تعديل القانون في إدخال تعديلات جزئية قصد تسريع وتيرة إجراءات كفالة الأطفال المهملين من خلال تحديد أجل أقصاه شهر لمعالجة الملفّات، وهو ما ينسجم مع توجه المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تحديد آجال افتراضية للبت في الملفات، فضلا عن محاولة المقترح ضمان حماية الطفل المكفول من أي وصم من خلال منحه الاسم العائلي للأسرة الكافلة. إلّا أنّ المقترح لا يستجيب للإشكاليات الجوهرية التي يطرحها هذا القانون على مستوى ملاءمته للدستور وللاتفاقيات الدولية، وهو ما يبدو من خلال النقاط الآتية:
* عنوان القانون الحالي “كفالة الأطفال المهملين” يحمل وصما مسبقا للأطفال باعتبارهم “مهملين” أي أطفالا تخلت عنهم أسرهم، وكان حريّا بالمشروع استعمال عبارات أكثر أنسنة واحتراما لكرامة الطفل، من قبيل “قانون حماية الأطفال”، أو “قانون الأسر البديلة” أو قانون “كفالة الأطفال”.
* نطاق القانون يقتصر على معالجة حالة الأطفال الذين يوجدون في وضعية إهمال، ولا يشمل الأطفال الذين لهم أسر لكنهم يرغبون في التخلي عن رعايتهم لأسر أخرى، وغالبا ما يطلق عليهم حسب العمل القضائي “الأطفال غير المهملين”، ولا يوجد نصّ قانوني ينظّم وضعيتهم، وهو ما يطرح إشكالات عميقة في حالة إنجاز كفالات “عرفية” أو “عدلية”، بهدف السفر بهم إلى الخارج؛
* مضامين قانون كفالة الأطفال يحمل مقتضيات تمييزية، فهو وإن كان يتيح للأم العازبة التكفّل بالطفل من دون شرط زواجها، إلا أنه لا يجيز للأسر القائمة في إطار زواج مختلط بالتكفّل بالأطفال إذا كانت الزوجة غير مسلمة، رغم أن التزامات الأمّ الكافلة لا تختلف كثيرا عن التزامات الأمّ الحاضنة، حيث تتيح مدونة الأسرة للأم غير المسلمة الاحتفاظ بحضانة أطفالها رغم الطلاق. ولا شك أن جعل الدين شرطا من الشروط الواجب توفرها في الكفيل يعتبر منافيا للاتفاقيات الدولية التي تحظر التمييز لأي سبب ومن بين هذه الأسباب التمييز بسبب الدين.
* ورغم أهمية تنصيص المقترح على حقّ الأب الكافل في منح اسمه العائلي للطفل المكفول إلا أنه لم يتطرّق الى مسألة تغيير بيانات الاسم الشخصيّ للأب والاسم الشخصي والعائلي للأم، كما أنّه لم ينظم وبشكل واضح الهدف من القيام بهذا الإجراء وما اذا كان هو إخفاء واقعة الكفالة على الطفل، أو تجنيبه فقط الوصم الاجتماعي، علما بأن القانون الحالي لا ينظم أي مسطرة خاصة لإشعار الطفل المكفول بحقيقة وضعيته، من قبيل تحديد سنّ الإشعار، والتنصيص على مواكبة نفسية واجتماعية للطفل المكفول، وهو ما يعرضه لاحقا لصدمات نفسية حين اكتشاف حقيقة الأمر بشكل فجائي.
* لم يتطرّق مقترح القانون لإجراءات التنازل عن الكفالة والتي لم ينظمها القانون الحالي، وهو ما يؤزم من وضعية الطفل المكفول في حالة تنازل طالب الكفالة عن كفالته، رغم ارتباط الطفل به ماديا ومعنويا.
* لم ينصّ المقترح الجديد على أيّ حقوق مالية جديدة لفائدة الأطفال المكفولين، مثل استفادتهم من وصية إجبارية في حالة عدم وجود وصية إرادية لهم، نظرا لأن القانون صريح في الإشارة إلى عدم استحقاقهم لأيّ ارث في تركة الأبوين الكافلين، وهو ما يعرضهم للضياع في حالة الوفاة.
وتجدر الإشارة الى أن عددا من الجمعيات الحقوقية طالبت بإعادة النظر في قانون كفالة الأطفال لمواجهة إكراهات الواقع المجتمعي الذي يتمثل في ارتفاع عدد المواليد المتخلّى عنهم، وكذا حاجيات عدد من الأسر المغربية التي لم تتمكن من الإنجاب. كما طالبت جمعيّات أخرى بإصدار قانون يسمح للأسر المغربية وبشكل صريح بتبنّي الأطفال على غرار موقف المشرع التونسي بموجب قانون 27 الصادر بتاريخ 4 مارس 1958 المتعلق بالولاية العمومية والكفالة والتبني.