الأحد 19 مايو 2024
فن وثقافة

أضمومة شعرية ثالثة للشاعرة مينة الأزهر موسومة بــ "تتمنّع عنّي العبارة"

 
 
أضمومة شعرية ثالثة للشاعرة مينة الأزهر موسومة بــ "تتمنّع عنّي العبارة" الشاعرة مينة الأزهر وإصدارها الجديد

ضمن منشورات "الاتحاد المغربي للثقافات المحلية"، صدرت للشاعرة مينة الأزهر أضمومة شعرية ثالثة موسومة بـ "تتمنّع عنّي العبارة"، تزين غلافها لوحة تشكيلية للفنان عبد الله بلعباس، وهي من تصميم وأنفوغرافيا محمد لعروصي.

وصدرت ومضات سليلة حاضرة أزمور الشعرية هذه، مع أحد عشر مؤلفا آخر سهر على نشرها "الاتحاد المغربي للثقافات المحلية" برسم سنة 2023، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة، تتوزع بين الدراسة والشعر والزجل والقصة واليوميات والنص المسرحي.

تقع الأضمومة في 92 صفحة من القطع المتوسط، وتضم بين دفتيها 158 ومضة شعرية موزعة على بابين: "صفصافة البيت العتيق خدشتها الخيباتُ" (61 ومضة) و"غامت وستمطر" (97 ومضة).

وفي هذا العمل الشعري الجديد، الذي يأتي بعد ديواني "غيمة تمنعني من الرقص" (2019) و"بين حُبَيبات الرّذاذِ، خلسة صفاءٍ" (2022)، تنتصر الشاعرة للنظم المقتضب، بحيث يتراوح عدد أبيات المقطوعات الشعرية في الإصدار بين ثلاثة وخمسة أبيات ولا يتجاوزه، معتمدة قي ذلك على تكثيف القول الشعري والاقتصاد في الكلمات التي هي عملة نادرة لا ينبغي تبذيرها. وكانت مينة الأزهر قد جربت تمرين الاقتضاب الشعري هذا سابقا ضمن مولودها الأول ("غيمة تمنعني من الرقص") من خلال نصوص شعرية قصيرة ضمها الديوان في نهايته ووسمتها الشاعرة بـ "انكسارات شذرية" (سبع ومضات).

بين الباب الأول للديوان ("صفصافة البيت العتيق خدشتها الخيباتُ") وبابه الثاني ("غامت وستمطر")، تنتقل الشاعرة من أجواء معاناة الكائن، ويأسه وواقعه المتأزم، إلى فساحة الأفق المنقشع أمامه، وتخلق بصيص الأمل لديه وإعادة تملكه لإنسانيته المسلوبة.

من تجليات الخيبة والمرارة المهيمنتين على ومضات الباب الأول من الأضمومة، قول الشاعرة: "على عاتيات الحزن،/ يتصيد ما بعد العشيّ روحي؛/ وعلى كتف صريم النهار،/ أدفن توتري..."

 تخيم القتامة إذن على الجزء الأول، مشكلة لوحات من الحجم الصغير مرسومة باللون الأسود القاتم، وهو ما تؤشر عليه الومضتان السابعة والحادية عشر: "في حَضرةِ الدّجى،/

تهدهد الروحَ/ أحلامٌ غميسة..."؛ "تَتَلاشى في آخِرِ اندِثارٍ/ دُموع اختَنَقتْ/  مِن فيْضِ الانهمَار...".

أما الباب الثاني من الأضمومة، فتشرع ومضاته فسحة للأمل والانتصار على الإحباط والانكسار، ومن تجليات ذلك: في يمّ الأمل،/ وَلَهٌ قديم/  يُجَدّف".

وتشكل ومضات "غامت وستمطر" لوحات تُشِعّ بألوان الحياة والتمنّي، ألوان طبيعية زاهية ترسم أفقا في الأفق، منها كذلك: طائِرُ الفِينِيقِ/ بَسَط لِي رَاحة يَدِ الحياةِ.../ لنْ أتجاهلهُ!" (الومضة 135).

 في أضمومتها الجديدة، كما في ديوانيها السابقين، تعتنق مينة الأزهر صيغة المتكلم المؤنث، تنشد نون النسوة مفردة حين تتفجع، وحين تقاوم وحين تتهلل، مغترفة قاموسها من ثنائية النوائب/ الأمل... وكيف لها غير ذلك وعلى طرف عينيها، كما تبوح في الومضة 109، "غَمَامَة مَرْجُوحَة/ لا تُرِيدُ أنْ تضَعَ"، بينما بداخلها طفلة "لَا تُرِيدُ أنْ تَكبُرَ."