أكد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين على أن المغرب، حقق في العقدين الأخيرين مكتسبات، وإنجازات هامة في مجال الإقرار الدستوري للمساواة والسعي للمناصفة بين الرجل والمرأة، غير أن الحاجة لاتزال قائمة إلى مباشرة إصلاحات جديدة تتأسس على التراكمات الفضلى لواقع مجتمعنا وطموحاتنا المشروعة في مزيد من التقدم والازدهار.
وأضاف في كلمة له اليوم الجمعة 12 أبريل 2024 بمناسبة افتتاح دورة أبريل 2024 أن هذه الدورة تأتي في سياق وطني يتسم بدينامية مستمرة يتخللها نقاش عمومي منتج حول قضايا ذات أبعاد اجتماعية، واقتصادية وسياسية ولها علاقة بمتطلبات المرحلة الحالية والتحديات المستقبلية، ومنها على الخصوص موضوع تعديل مدونة الأسرة الذي حظي بمشاورات موسعة ومثمرة مع مختلف الفاعلين، الرسميين وغير الرسميين، تنزيلا للتوجيهات الملكية الداعية إلى إعمال المقاربة التشاركية في التعاطي مع هذا الورش الإصلاحي الذي أطلقه الملك محمد السادس، وأكد عليه في العديد من خطبه، مشددا على أن ما "يبعث على الاطمئنان المطلق أن هذا الورش المجتمعي الحاسم جاء بمبادرة من أمير المؤمنين، وسبط الرسول الأمين الملك محمد السادس، حامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية".
وعلى هذا الأساس يضيف المتحدث ذاته، "فإننا على يقين تام بأن هذا النقاش، وعلى الرغم مما رافقه من تجاذب وتفاعل حاد في بعض الأحيان، سيفضي لا محالة إلى إقرار إصلاح شامل وفعلي لمدونة الأسرة، بما يعزز دورها الحيوي في بناء مجتمع يتمتع فيه الجميع بالحرية، والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، ويحافظ على تماسك الأسرة المغربية التي شكلت على الدوام نواة المجتمع المغربي المتضامن، والذي حافظ عبر التاريخ على تفرده وتميزه بفعل استناده إلى منظومة القيم التي تجمع بين الحفاظ على التقاليد العريقة وبين الانفتاح على معطيات العصر المتجددة".
وفي السياق ذاته، تحدث ميارة عن التغييرات الجوهرية التي ستطال مدونة الأسرة، مشيرا أنها تتطلب أيضا الانكباب على إصلاح، ومعالجة كافة التشريعات والسياسات، والممارسات التي لاتزال تنتابها بعض أوجه القصور، والعجز في مواكبة المباني والمعاني العميقة لدستور 2011 المتقدم لجهة النهوض بوضعية المرأة المغربية، ومنها مراجعة مختلف القوانين ذات الصلة، ولاسيما القانون الجنائي، وقانون الجنسية وقانون كفالة الأطفال المهملين، واستكمال البناء المؤسساتي بالعمل على إخراج الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى حيز الوجود.
وزاد قائلا:"من هذا المنطلق، فإننا نود أن نؤكد بهذه المناسبة تأهب مجلس المستشارين، بكل مكوناته السياسية والنقابية والاقتصادية والمهنية والترابية، للقيام بكل ما يلزم واتخاذ المبادرات الكفيلة بتنشيط قوته الاقتراحية التشريعية والرقابية والتقييمية من أجل الانخراط العملي والمنتج في المجهود الوطني الرامي إلى تأهيل وتحديث بنيات الدولة المجتمعية والاقتصادية والسياسية، بما يمكن بلادنا من تحقيق أهدافها الطموحة وتحصين مكتسباتها المتعددة وتأمين جاهزيتها لرفع تحديات المستقبل".