الثلاثاء 30 إبريل 2024
اقتصاد

القطب المالي بالبيضاء.. سفر يمتد إلى 104 سنة!

القطب المالي بالبيضاء.. سفر يمتد إلى 104 سنة! الزميل عبد الرحيم أريري بمقهى Alexis بالقطب المالي
عمر هذا المكان الذي أتناول فيه كوبا من القهوة يبلغ 104 سنة، وأقصد بذلك العمر العمراني وليس الجيولوجي. إذ في سنة 1920، قرر الاستعمار إحداث مطار أنفا لتسهيل الربط بين الدارالبيضاء وفرنسا لتيسير تدفق المعمرين، بالنظر إلى الفورة التي بدأت تعرفها الدارالبيضاء آنذاك بعد البدء في بناء ميناء البيضاء وإحداث منطقة صناعية بحزام روش نوار/ عين السبع، وموازاة مع بروز ملامح "الهمزة العقارية" عقب إصدار تصاميم المهندس "بروست".
 
إلا أن بناء قاعدة عسكرية أمريكية بالنواصر عام 1951 وتسليمها للمغرب بعد جلاء الجنود الأمريكان عام 1963، سيجعل الملاحة الجوية تتركز حول النواصر( الذي سيسمي بمطار محمد الخامس)، وبالتالي أضحت وظيفة مطار أنفا تقتصر على الطيران الخفيف وطيران رجال الأعمال الذين يملكون طائرات خاصة.
 
لكن في سنوات الرصاص التي عرفها المغرب، سيتم استغلال مطار أنفا لجلب القوة العمومية من مدن أخرى بالطائرات لتعزيز الأمن بالدار البيضاء لإخماد الاحتجاجات الاجتماعية القوية (مثلا: عام 1965 و1979، وبالخصوص في انتفاضة جوان الدموية لسنة1981).
 
مع بداية العهد الجديد وفتح ورش العدالة الانتقالية وطي سنوات الرصاص، قررت الدولة- في شخص الملك محمد السادس- ردم مطار أنفا عام 2006، وتحويله من منصة قمعية إلى مضخة مالية وعمرانية ليس للدار البيضاء فقط، بل للمغرب ككل. 
 
في عام 2007، سيغلق مطار أنفا نهائيا وتم خلق القطب المالي، كما تم خلق شركة خاصة تتولى إعمار حي المطار تابعة "للسيديجي" تسمى اختصارا AUDA.
 
اليوم يمكن القول أن المغرب ربح الرهان، وهاهي الأبراج التي تؤثث الحي المالي، تحتضن مكاتب الأعمال وشركات البورصة والأسواق المالية وباقي المجالات المصرفية والبنكية والتأمينات وإعادة التأمين، كما أن أبراجا أخرى ستخرج أساساتها من الأرض عما قريب. إذ ينتظر أن يساهم مشروع تهيئة حي القطب المالي بعد انتهائه من خلق حوالي 80.000 منصب شغل. وهي الدينامية المتوقع أن تشهد وتيرة أكبر في عام 2025 بعد افتتاح القنصلية الأمريكية الجديدة الكائنة بزنقة البحر على امتداد ثلاثة هكتارات( خلف ثانوية الكندي)، على اعتبار أن  الولايات المتحدة لما اختارت ضخ 300 مليون دولار  لبناء قنصلية جديدة وضخمة بالقطب المالي، فلكونها تراهن - كما سبق وأكد السفير الأمريكي دافيد فيشر- على مستقبل الدار البيضاء كمركز إقليمي في مجال الأعمال والتجارة وكبوابة لإفريقيا.