أرصد بشكل مستمر من خلال مواكبة النقاش العمومي حول مدونة الأسرة ، كورش مجتمعي مهم ، وجود حالة تخوف كبير لدى مختلف الفرقاء بما يكشف هشاشة منسوب الثقة ، وبالتالي تظهر الحاجة إلى حسن تفهم السياقات ؛ سيما أن السياق هو الذي ينتج المعنى كما أفاد المناطقة منذ المعلم الأول . ولست بحاجة هنا لأذكر بضرورة احتكام الجميع إلى صوت العقل والحكمة في بناء استنتاجات ومواقف ملائمة لكون هذا أساس خدمة المجتمع ، خاصة أن الحرية المتاحة في وسائل التواصل الإجتماعي " تفبرك " تمثلات جاهزة في خضم حرب كسر العظام الأيديولوجية بعيدا عن حقيقة المساطير المفروض اتباعها من أجل ولادة مدونة جديدة عبر مراحل التشريع المعتمدة . ولفهم أكثر وضوحا لدواعي هذا الوعي الشقي الذي يميز مختلف الفرقاء وفق مرجعياتهم المختلفة ؛ أود اللحظة التذكير بهذه المنطلقات التاريخية التي توطد لهذه المخاوف المبالغ فيها أحيانا لدرجة الفوبيا .
حيثيات المنطق التاريخي الأول :
بخصوص الإتجاه الأصولي أو السلفي ، أو الإسلامي عامة بمختلف تفرعاته ، هناك تخوف كبير من الإلتفاف حول ما بقي من تمظهرات الشريعة الإسلامية في نظائم التشريع مغربيا ، خاصة أمام اكتساح مقُولات الغرب الرأسمالي للعالم كله في مضمام الإخضاع الناعم ( الحرب الحضارية ) الذي يزكي فرضية المؤامرة من قبل قوى عظمى تتربص بالإسلام وبكل الخصوصيات الثقافية للشعوب. وهذا التأويل يجد سندا له في منطقه اشتغال الغرب ( الغرب كمقولة إيديولوجية هو الولايات المتحده الأمريكية وأروبا ) منذ 1917 لحظة ميلاد وعد بلفور من جهة ومعاهدة سايكس - بيكو من جهة ثانية التي ظلت طي السرية قبل أن يفضح أمرها زعيم الإتحاد السوفياتي فلاديمير لنين ، إلى تفكيك دولة الخلافة العثمانية بمقتضى معاهدة سيفر عام 1919 ، نحو إعدام صدام حسين فجر العيد الإبراهيمي وتفكيك لحمة العراق وتقديمه هدية للصفويين ، إلى ما يحصل ، هنا وهناك ، راهنا من دعم الإنحرافات القيمية من شذوذ جنسي وحريات فردية لدعم النعرات الطائفية والفوضى الخلاقة باسم الحرية غير المقيدة كما ترتضيها الشركات العابرة للحدود خدمة لجشع النزعات الإستهلاكية الرأسمالوية المستحوِذة . وعليه تتعمق لدى هذا الفصيل الفكري مخاوف بسيكولوجية ، أكثر منها ثقافية ، في ولادة مدونة علمانية بالمطلق تماشيا مع مخططات القوى العظمى التي تخوض حربا ثقافية وحضارية مفضوحة ؛ وهو بذلك يضع فرضية سعي الغرب إلى إخضاع الدولة صوب عينيه بغاية الحسم مع ما بقي من خصوصيات في التشريع المغربي . وعليه تمتح المخاوف هنا من سند التجربة التاريخية في استهداف المغرب كدولة إسلامية لها خصوصيات تثير رفض الغرب لها على عدة مستويات ؛ ومنه فالخوف منهجي ومشروع .
بخصوص الإتجاه الأصولي أو السلفي ، أو الإسلامي عامة بمختلف تفرعاته ، هناك تخوف كبير من الإلتفاف حول ما بقي من تمظهرات الشريعة الإسلامية في نظائم التشريع مغربيا ، خاصة أمام اكتساح مقُولات الغرب الرأسمالي للعالم كله في مضمام الإخضاع الناعم ( الحرب الحضارية ) الذي يزكي فرضية المؤامرة من قبل قوى عظمى تتربص بالإسلام وبكل الخصوصيات الثقافية للشعوب. وهذا التأويل يجد سندا له في منطقه اشتغال الغرب ( الغرب كمقولة إيديولوجية هو الولايات المتحده الأمريكية وأروبا ) منذ 1917 لحظة ميلاد وعد بلفور من جهة ومعاهدة سايكس - بيكو من جهة ثانية التي ظلت طي السرية قبل أن يفضح أمرها زعيم الإتحاد السوفياتي فلاديمير لنين ، إلى تفكيك دولة الخلافة العثمانية بمقتضى معاهدة سيفر عام 1919 ، نحو إعدام صدام حسين فجر العيد الإبراهيمي وتفكيك لحمة العراق وتقديمه هدية للصفويين ، إلى ما يحصل ، هنا وهناك ، راهنا من دعم الإنحرافات القيمية من شذوذ جنسي وحريات فردية لدعم النعرات الطائفية والفوضى الخلاقة باسم الحرية غير المقيدة كما ترتضيها الشركات العابرة للحدود خدمة لجشع النزعات الإستهلاكية الرأسمالوية المستحوِذة . وعليه تتعمق لدى هذا الفصيل الفكري مخاوف بسيكولوجية ، أكثر منها ثقافية ، في ولادة مدونة علمانية بالمطلق تماشيا مع مخططات القوى العظمى التي تخوض حربا ثقافية وحضارية مفضوحة ؛ وهو بذلك يضع فرضية سعي الغرب إلى إخضاع الدولة صوب عينيه بغاية الحسم مع ما بقي من خصوصيات في التشريع المغربي . وعليه تمتح المخاوف هنا من سند التجربة التاريخية في استهداف المغرب كدولة إسلامية لها خصوصيات تثير رفض الغرب لها على عدة مستويات ؛ ومنه فالخوف منهجي ومشروع .
حيثيات المنطق التاريخي الثاني :
بخصوص الإتجاه العلماني أو اللائكي ، أو الحداثي عموما بكل تفرعاته ، تنبعث تخوفات هذا الفصيل كذلك من التجربة التاريخية تحت ضغط الذاكرة التاريخية وما كان فيها من وخز ، والتي تجعل الحداثي لا ينجح في تجاوز مأساة العقل كما كانت في تاريخ الإسلام منذ محنة المعتزلة الذين بطشت بهم السلطة السياسية المسنودة بتزكية فقهاء السلطة ، على غرار محاصرة العقل ضمن ما يمكن وصفه بمحاكم التفتيش الإسلامية ، منذ العصر الأموي نحو ما حصل فيما بعد مع حكم العباسيين كما حصل لفلاسفة إخوان الصفا وخلان الوفاء من حصار شديد من جهة السلطة المركزية والفقهاء بسبب أرائهم التي تجاوزت سقف المتوافق عليه من عقيدة الأمة ( الأمة التي لا تجتمع على ضلل ) فكتبوا عشرات الرسائل في سراديب تحت الأرض وبصفات مجهولة خوفا من البطش الذي عمل على إنفاذه تحالف الحكم السياسي المركزي مع فقهاء الريع . إن المثقف الحداثي ، بشكل ما ، يعيش من جديد مرارة ما حصل من إحراق كتب إبن رشد ومضايقة أبا حيان التوحيدي وبشاعة ما حصل لإبن المقفع ولكل الفلاسفة تقريبا ، وقدرة السلطة السياسية على استدراج إبن تيمية الذي انقلب جذريا بإيعاز من الريع السلطوي ضد العقل ( محمود إسماعيل كشف حقيقة إنقلاب إبن تيمية من فيلسوف متحرر إلى فقيه السلطة ) ، ومع وقع مع اغتيال الحلاج بعد بتر أطرافه وصلبه بتحالف كذلك بين السلطة السياسية والفقهاء . وكلها تمظهرات قساوة العقل الفقهي واستبداده من خلال تحالفه مع السلطة السياسية بهدف فرملة إنبلاج العقل النقدي الحر بعيدا عن سياجات الفقه الإكليريكي الذي ولد من رحم زواج سلطة الدين وسلطة السياسة ، وبالتالي يولد السؤال من رماد الرعب بصيغة ما هي الضمانات الممكن الوثوق بها من أجل عدم تكرار تجربة إعاقة الفقهاء ومعهم العوام ( الأرذلين ) لولادة متن قانوني يحترم حقوق المرأة والطفل دون السقوط في توازنات الرعب ( دين - سياسة / إسلاميين - سلطة ) باسم الخصوصية بما سيمنع مجددا تقدم المجتمع نحو معانقة الديموقراطية بعلة تسلط الثابت الأيديولوجي كما يرتضيه حلف دين - سلطة ضدا على زوج ديموقراطية - حقوق الإنسان ؛ وعليه فالخوف منهجي ومشروع .
بخصوص الإتجاه العلماني أو اللائكي ، أو الحداثي عموما بكل تفرعاته ، تنبعث تخوفات هذا الفصيل كذلك من التجربة التاريخية تحت ضغط الذاكرة التاريخية وما كان فيها من وخز ، والتي تجعل الحداثي لا ينجح في تجاوز مأساة العقل كما كانت في تاريخ الإسلام منذ محنة المعتزلة الذين بطشت بهم السلطة السياسية المسنودة بتزكية فقهاء السلطة ، على غرار محاصرة العقل ضمن ما يمكن وصفه بمحاكم التفتيش الإسلامية ، منذ العصر الأموي نحو ما حصل فيما بعد مع حكم العباسيين كما حصل لفلاسفة إخوان الصفا وخلان الوفاء من حصار شديد من جهة السلطة المركزية والفقهاء بسبب أرائهم التي تجاوزت سقف المتوافق عليه من عقيدة الأمة ( الأمة التي لا تجتمع على ضلل ) فكتبوا عشرات الرسائل في سراديب تحت الأرض وبصفات مجهولة خوفا من البطش الذي عمل على إنفاذه تحالف الحكم السياسي المركزي مع فقهاء الريع . إن المثقف الحداثي ، بشكل ما ، يعيش من جديد مرارة ما حصل من إحراق كتب إبن رشد ومضايقة أبا حيان التوحيدي وبشاعة ما حصل لإبن المقفع ولكل الفلاسفة تقريبا ، وقدرة السلطة السياسية على استدراج إبن تيمية الذي انقلب جذريا بإيعاز من الريع السلطوي ضد العقل ( محمود إسماعيل كشف حقيقة إنقلاب إبن تيمية من فيلسوف متحرر إلى فقيه السلطة ) ، ومع وقع مع اغتيال الحلاج بعد بتر أطرافه وصلبه بتحالف كذلك بين السلطة السياسية والفقهاء . وكلها تمظهرات قساوة العقل الفقهي واستبداده من خلال تحالفه مع السلطة السياسية بهدف فرملة إنبلاج العقل النقدي الحر بعيدا عن سياجات الفقه الإكليريكي الذي ولد من رحم زواج سلطة الدين وسلطة السياسة ، وبالتالي يولد السؤال من رماد الرعب بصيغة ما هي الضمانات الممكن الوثوق بها من أجل عدم تكرار تجربة إعاقة الفقهاء ومعهم العوام ( الأرذلين ) لولادة متن قانوني يحترم حقوق المرأة والطفل دون السقوط في توازنات الرعب ( دين - سياسة / إسلاميين - سلطة ) باسم الخصوصية بما سيمنع مجددا تقدم المجتمع نحو معانقة الديموقراطية بعلة تسلط الثابت الأيديولوجي كما يرتضيه حلف دين - سلطة ضدا على زوج ديموقراطية - حقوق الإنسان ؛ وعليه فالخوف منهجي ومشروع .
إستنتاج بكثير من الوعي الشقي :
من خلال تعقب سيكولوجية المتحدثين من كِلا الفريقين ، يبدو أن باطولوجيات التاريخ وأعطابه تشكل خلفية المخاوف كلها حيال المدونة المنتظرة لدرجة بلوغ الخوف مستوى الفوبيا ، وهو ما يجعل فرضية المؤامرة السلاح الفتاك المعتمد من أجل الدفاع عن الرأي أولا ونسف دفوع الطرف الآخر ثانيا ؛ ضمن قوالب لعبة شد الحبل بين طرفي معادلة قوامها الخوف والشك وفق فرضية المؤامرة التي تمتح من التاريخ ، والتاريخ هذا " أخطر منتوج أعدته كمياء العقل البشري " كما قال بول فاليري .
من خلال تعقب سيكولوجية المتحدثين من كِلا الفريقين ، يبدو أن باطولوجيات التاريخ وأعطابه تشكل خلفية المخاوف كلها حيال المدونة المنتظرة لدرجة بلوغ الخوف مستوى الفوبيا ، وهو ما يجعل فرضية المؤامرة السلاح الفتاك المعتمد من أجل الدفاع عن الرأي أولا ونسف دفوع الطرف الآخر ثانيا ؛ ضمن قوالب لعبة شد الحبل بين طرفي معادلة قوامها الخوف والشك وفق فرضية المؤامرة التي تمتح من التاريخ ، والتاريخ هذا " أخطر منتوج أعدته كمياء العقل البشري " كما قال بول فاليري .
في ضرورة توطيد شرعية الثقة لإنجاح التمرين :
مهما تحقق حجم كبير من الغيرة إزاء الدين ( الفصيل الأول ) أو حيال الديموقراطية وحقوق الإنسان ( الفصيل الثاني ) لا يليق التشكيك في الدولة لدرجة توقع المؤامرة سيما في موضوع له صلة وثيقة بشرعية الدولة نفسها ، ذاك أن الدين من أهم أسس سردية قيام هذه الدولة تاريخيا ، وبالتالي لا يمكن ، منهجيا في مضمار محاججة الدولة وإقامة البرهان عليها ، وحتى تكتيكيا في إطار المزايدات الأيديولوجية عليها ، استحضار إمكانية ولادة مدونة « ثورية » تنتصر لحقوق الإنسان والديمقراطية من أجل إرضاء الغرب " المتٱمر " وخلفه " بيادق " الحداثة من العلمانيين المغاربة الذين أعلنوا معركتهم ضد الدين (جدلا ) ، أو أن تنتصر للمطارحة الإسلامية التي يرافع عنها فقهاء الإرتكاسية والرجعية ( جدلا ) ؛ لدواعي متعددة في مقدمتها كون الدولة تدبر التوجه العام للمجتمع بأدوات ضبط موارد النزاع دون صدام وبالحد الأقصى من المرونة وهذا ثابث تاريخيا في تعامل العقل الدولتي مع سؤال الإصلاح عامة ومع خلافات الفرقاء خاصة . بمعنى أخر إن الدولة لا يمكن بالمطلق أن تكون ثورية بالمنطق العلماني من أجل مدونة تقدمية ، أو أن تكون أصولية بالمنطق السلفي من أجل مدونة إسلامية ، مهما اشتدت وطأة الضغط من أي جهة داخلية أو خارجية ، لأنها ، أي الدولة ، تواكب تحولات المجتمع بيقظة كبيرة مستحضرة مخاطر المساس بلحمة المجتمع وهو ما يجعل منطق التوافقات أساس تدبير مورد النزاع. وبالتالي فالدولة لن تخضع لأية توجيهات أو ضغوط في موضوع مجتمعي يلامس ثوابتها هي أولا قبل كل شيء في كنف انقسامات مجتمعية أساسها التنافر في إطار نوع من " الفرق بين الفرق " ( هناك مصدر تحت عنوان الفَرْق بين الفِرَق للمؤرخ البغدادي ) ؛ وعليه أعتبر أن الدولة ( المخزن كمفهوم تاريخي - سوسيولوجي منذ القرن التاسع عشر = أعتمد هنا مفهوم المخزن بحمولته التاريخية العلمية وليس السياسية كما يروج راهنا / هند عروب فككت منطق اشتغال مفهوم المخزن ) أكثر ذكاءً في تقدير المخاطر وفي مواكبة تطلعات طرفي معادلة طالما كانا ينشدان استدراجها ( أي الدولة ) حتى تكون حليفا استراتيجيا ضد الطرف الأخر ( العلماني يريد التحالف مع الدولة ضد « الرجعيين » والأصولي يريد التحالف مع الدولة ضد « الملحدين » ، والدولة تقدر توزان الرعب هذا بذكاء كبير = أي ضبط مورد النزاع ) وهو ما ترفضه الدولة بالمطلق ( الشيء نفسه حصل قبيل 2004 مع خطة إدماج المرأة في التنمية مع محمد سعيد السعدي / التحكيم الملكي = ميلاد المدونة ) ؛ لذلك أتوقع ولادة مدونة معتدلة تستجيب لبعض المفارقات التقنية دون الذهاب بعيدا في خلق الفجوة بين طرفي المعادلة بما قد ينعكس سلبا على لحمة المجتمع الذي ما يزال دون وعي كاف في تدبير اختلافاته بهدوء .
مهما تحقق حجم كبير من الغيرة إزاء الدين ( الفصيل الأول ) أو حيال الديموقراطية وحقوق الإنسان ( الفصيل الثاني ) لا يليق التشكيك في الدولة لدرجة توقع المؤامرة سيما في موضوع له صلة وثيقة بشرعية الدولة نفسها ، ذاك أن الدين من أهم أسس سردية قيام هذه الدولة تاريخيا ، وبالتالي لا يمكن ، منهجيا في مضمار محاججة الدولة وإقامة البرهان عليها ، وحتى تكتيكيا في إطار المزايدات الأيديولوجية عليها ، استحضار إمكانية ولادة مدونة « ثورية » تنتصر لحقوق الإنسان والديمقراطية من أجل إرضاء الغرب " المتٱمر " وخلفه " بيادق " الحداثة من العلمانيين المغاربة الذين أعلنوا معركتهم ضد الدين (جدلا ) ، أو أن تنتصر للمطارحة الإسلامية التي يرافع عنها فقهاء الإرتكاسية والرجعية ( جدلا ) ؛ لدواعي متعددة في مقدمتها كون الدولة تدبر التوجه العام للمجتمع بأدوات ضبط موارد النزاع دون صدام وبالحد الأقصى من المرونة وهذا ثابث تاريخيا في تعامل العقل الدولتي مع سؤال الإصلاح عامة ومع خلافات الفرقاء خاصة . بمعنى أخر إن الدولة لا يمكن بالمطلق أن تكون ثورية بالمنطق العلماني من أجل مدونة تقدمية ، أو أن تكون أصولية بالمنطق السلفي من أجل مدونة إسلامية ، مهما اشتدت وطأة الضغط من أي جهة داخلية أو خارجية ، لأنها ، أي الدولة ، تواكب تحولات المجتمع بيقظة كبيرة مستحضرة مخاطر المساس بلحمة المجتمع وهو ما يجعل منطق التوافقات أساس تدبير مورد النزاع. وبالتالي فالدولة لن تخضع لأية توجيهات أو ضغوط في موضوع مجتمعي يلامس ثوابتها هي أولا قبل كل شيء في كنف انقسامات مجتمعية أساسها التنافر في إطار نوع من " الفرق بين الفرق " ( هناك مصدر تحت عنوان الفَرْق بين الفِرَق للمؤرخ البغدادي ) ؛ وعليه أعتبر أن الدولة ( المخزن كمفهوم تاريخي - سوسيولوجي منذ القرن التاسع عشر = أعتمد هنا مفهوم المخزن بحمولته التاريخية العلمية وليس السياسية كما يروج راهنا / هند عروب فككت منطق اشتغال مفهوم المخزن ) أكثر ذكاءً في تقدير المخاطر وفي مواكبة تطلعات طرفي معادلة طالما كانا ينشدان استدراجها ( أي الدولة ) حتى تكون حليفا استراتيجيا ضد الطرف الأخر ( العلماني يريد التحالف مع الدولة ضد « الرجعيين » والأصولي يريد التحالف مع الدولة ضد « الملحدين » ، والدولة تقدر توزان الرعب هذا بذكاء كبير = أي ضبط مورد النزاع ) وهو ما ترفضه الدولة بالمطلق ( الشيء نفسه حصل قبيل 2004 مع خطة إدماج المرأة في التنمية مع محمد سعيد السعدي / التحكيم الملكي = ميلاد المدونة ) ؛ لذلك أتوقع ولادة مدونة معتدلة تستجيب لبعض المفارقات التقنية دون الذهاب بعيدا في خلق الفجوة بين طرفي المعادلة بما قد ينعكس سلبا على لحمة المجتمع الذي ما يزال دون وعي كاف في تدبير اختلافاته بهدوء .
في براغماتية الدولة وإيجابيتها في إدارة الأزمة :
وإذا كان للمثقف المتحدث ، وفق كل المرجعيات سلفية أو تقدمية / أصولية أو لائكية ، صوت شجاع في رفض دفوع الطرف الأخر ؛ فإن الدولة تفكر خارج نظائم هذين الطرفين وبهما معا في الوقت ذاته من منطلق حسن إدارة الأزمة لصالح منطق التوافقات الضامنة لاستمرارية السلم المجتمعي في انتظار نضج كل الشروط الذاتية والموضوعية ذلك أن الدولة امتداد لتوازنات المجتمع ولمنسوب ثقة نخبه .
وإذا كان للمثقف المتحدث ، وفق كل المرجعيات سلفية أو تقدمية / أصولية أو لائكية ، صوت شجاع في رفض دفوع الطرف الأخر ؛ فإن الدولة تفكر خارج نظائم هذين الطرفين وبهما معا في الوقت ذاته من منطلق حسن إدارة الأزمة لصالح منطق التوافقات الضامنة لاستمرارية السلم المجتمعي في انتظار نضج كل الشروط الذاتية والموضوعية ذلك أن الدولة امتداد لتوازنات المجتمع ولمنسوب ثقة نخبه .
في صلابة شرعية عقل الدولة :
أعتبر أن إمارة المؤمنين صمام أمان هذا الوطن ، فهي التي تحمي الإسلاميين من تغول العلمانيين الذين ( جدلا ) يجارون تطلعات العالم حقوقيا ضمن الشرعية الديموقراطية ضد خصوصيات المجتمع ولتقليم أظافر " الرجعية " . وهي نفسها التي تحمي العلمانيين من تغول الإسلاميين الذين ( جدلا ) يوظفون الله وشرعية المقدس التيولوجي من أجل محاصرة العقل والحرية باسم الخصوصية العقدية ولتكسير أجنحة " الإلحادية " . ولولا هذه الشرعية الدينية التي تحضى بها الملكية لَتعمق مورد النزاع لدرجة " الحرب " بين أبناء الدار . فهل نسي الفصيل العلماني أن الدين من أسس شرعية الدولة وبالتالي لن تسمح بتجاوزه كمعطى حاسم في إدارتها للنزاع ؟! أم هل نسي الفصيل الإسلامي أن الديموقراطية وحقوق الإنسان من أسس شرعية الدولة التي نصت على سمو الشُّرعة الدولية لحقوق الإنسان في تصدير دستور 2011 ؟!
في مشروعية الملكية في حلحلة مورد النزاع :
إن أهم ما يميز المغرب ، في نظري ، هو قدرة عبقرية الملكية الدستورية - الديموقراطية - الإجتماعية - البرلمانية على ضبط دقة التوازنات بميزان بيض النمل ، وأنا هنا لست أنصب نفسي محاميا شرسا عن الدولة ، لكنني ، بشكل ما ، دارس جيد لسوسيولوجيا الإصلاح ولتاريخية تداولية المفهوم منذ قرنين من الزمان على أقل تقدير بما يجعلني أزعم أن الدولة لن تُجاري هوس النزاع بين طرفي المعادلة إلا بإيجابية التحكيم المخولة دستوريا للملكية الدستورية - الديموقراطية - الإجتماعية - البرلمانية كصمّام أمان هذا الشعب والضامنة لوحدته وانسجامه وفق مختلف المرجعيات دون استخفاف ودون غلو وبحكمة وذكاء لصالح كل الأطراف كمشترك إنساني ترعاه الملكية بقوة وباحترافية في إدارة موارد النزاع لصالح المجتمع قبل كل الأطراف .
وعليه ختاما من ضروريات صون المشترك الإنساني للمغاربة الثقة الثابثة في الملكية لكون مصلحة المجتمع الفضلى قوام تفكيرها شرعا ودستوريا من أجل مصالح العباد والبلاد ؛ أفلا يتقون ؟!
إن أهم ما يميز المغرب ، في نظري ، هو قدرة عبقرية الملكية الدستورية - الديموقراطية - الإجتماعية - البرلمانية على ضبط دقة التوازنات بميزان بيض النمل ، وأنا هنا لست أنصب نفسي محاميا شرسا عن الدولة ، لكنني ، بشكل ما ، دارس جيد لسوسيولوجيا الإصلاح ولتاريخية تداولية المفهوم منذ قرنين من الزمان على أقل تقدير بما يجعلني أزعم أن الدولة لن تُجاري هوس النزاع بين طرفي المعادلة إلا بإيجابية التحكيم المخولة دستوريا للملكية الدستورية - الديموقراطية - الإجتماعية - البرلمانية كصمّام أمان هذا الشعب والضامنة لوحدته وانسجامه وفق مختلف المرجعيات دون استخفاف ودون غلو وبحكمة وذكاء لصالح كل الأطراف كمشترك إنساني ترعاه الملكية بقوة وباحترافية في إدارة موارد النزاع لصالح المجتمع قبل كل الأطراف .
وعليه ختاما من ضروريات صون المشترك الإنساني للمغاربة الثقة الثابثة في الملكية لكون مصلحة المجتمع الفضلى قوام تفكيرها شرعا ودستوريا من أجل مصالح العباد والبلاد ؛ أفلا يتقون ؟!