الأحد 19 مايو 2024
سياسة

حسن الحو: وقفة مع الشيخ مصطفى بنحمزة

 
 
حسن الحو: وقفة مع الشيخ مصطفى بنحمزة مصطفى بنحمزة
في سياق استحضار التفاعل في الفضاء الأزرق، مع الخرجات الاستباقية لمصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي بجهة الشرق وعضو المجلس العلمي الأعلى، من خارج موقف المؤسسة العلمية حول إصلاحات مدونة الأسرة،تورد "أنفاس بريس"، التدوينة التالية التي اقتبسناها من حساب حسن الحو بالفايسبوك، من منطلق بسط الرأي الآخر وتعميم النقاش العمومي حول إصلاح مدونة الأسرة بما يراعي متطلبات التحديث ومقاصد الشريعة:
 
الذين ترتفع أصواتهم اليوم ضدا على التعديلات المرتقبة في مدونة الأسرة ومنعا لتغيير ما يعتبرونه شرع الله الذي لا ينبغي الاجتهاد فيه كالتعصيب ونصيب البنات في الارث والتعديد لم نسمع لهم نفس الضجيج في أحكام شرعية أخرى نزلت النصوص بها محكمة الثبوت والدلالة  ورغم ذلك ألغتها الدولة المغربية استجابة لتغير الظروف والتزاما بالأعراف والقوانين الدولية كـ:
- الحدود الشرعية من قطع ورجم وقتل وجلد...
- ملك اليمين واسترقاق سبايا الحروب واستعباد البشر وبيعم في سوق النخاسة.
- جهاد الطلب وغزو البلدان لنشر الاسلام بحد السيف وفرض الجزية لإقرار الناس على دينهم، 
- زواج القاصرات أو الأطفال 

وسنكتفي بهذه الأحكام التي وردت فيها نصوص قطعية مثل الآيات المشرعة للحدود في قوله :" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم" وقوله:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وارجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض" 
أما ملك اليمين فذُكر مترادفا مع الزوجات الحرائر كترداف الصلاة والزكاة كقوله : "وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ." أو قوله:" والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين"
فالاسترقاق شرع محكم يبيح تملك البشر وبيعهم والاستمتاع جنسيا بهم وإهدائهم، ولم تزل الأمم الاسلامية تعمل به حتى تركته على استحياء بعدما جرمته الأمم المتحدة، أما ما يُرَوِّج له بعض المزورين من الإسلاميين من أن الشرع جاء للتقليل منه أو إعدامه فهي دعوى كدعاويهم العريضة التي يريدون بها رتق خرق اتسع على الراقع، فتحرير العبيد كفارة وعقوبة مالية غايتها الألم النفسي بفقد المملوك لارتكاب بعض الذنوب وليس أمرا بالتحرير حفظا لكرامة البشر، والمكاتبة بين العبد وسيده وتحريره مقابل عوض مالي يدفعه أمر اختياري مباح وليس واجبا، كما أن تصرفات رسول الاسلام الذي أنزل عليه الوحي باعتباره التطبيق العملي للقرآن الكريم تخالف كل تلك الترقيعات الباردة، فرسول الاسلام لمَّا نذرت إحدى زوجاته عتق مملوكتها أرشدها أنها لو أعطتها أخوالها لكان خيرا لها، عن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضي الله عنها-: أنها أعتقت وَليدَةً ولم تستأذن النبي فلما كان يَومُها الذي يَدورُ عليها فيه، قالت: أشَعَرْتَ يا رسول الله، أني أعتقت وليدتي؟ قال: «أو فعلت؟» قالت:  نعم. قال: «أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك».متفق عليه،  فلو كان مقصود صاحب الشريعة تحرير العبيد لما نصحها  بعدم عتقها، وفي الفقه الاسلامي ما يصطلح عليه بالعبد المدبَّر وهو الذي نذر مالكه أن يُعتَق بمجرد موته، وأحد أصحاب الرسول الفقراء كان له عبد مدبَّر فأعتقه قبل موته، فرأى الرسول أن بيع العبد وانتفاع مالكه بثمنه خير من عتقه أخرج مسلم وأبو داود والنسائي من طريق أيوب، عن أبيٍ الزبير، عن جابر: أن رجلاً من الأنصار - يُقال له: أبو مذكور - أعتق غلاماً له يقال له: يعقوب  عن دُبُرٍ لم يكن له مال غيره، فدعا به الرسول فقال: من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام بثمانمئة درهم فدفعها إليه. كما باع رسول الاسلام سبايا بني قريظة من النساء والأطفال وجعل ثمنهم في الخيل والسلاح..
فمن يقرأ هذه الأحاديث وغيرها من أحاديث لعْن وكفْر العبد الآبق واستحلال دمه، ثم يقول أن الاسلام جاء لتحرير العبيد فهو إما لا يفهم أو يفهم ويتعامى حتى لا يظهر بمظهر المسلم المتنطع المتشدد.
أما الحكم الشرعي  الموجب للجهاد من أجل نشر الدين الإسلامي بالقوة فنزلت فيه آية السيف وهي قوله :"فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" وهي التي اعتمدها المسلمون في أول أمرهم ليوسعوا إمبراطوريتهم من حدود الصين شرقا إلى اسبانيا غربا فيما يعرف ب" الفتوحات الإسلامية" والأمم التي لم يكن لها طاقة بقتال الغزاة الفاتحين رضي منها المسلمون بالجزية تطبيقا للآية:" قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ"
فهذه الأحكام التي ألغتها أغلب الدول الاسلامية آياتها صريحة واضحة والأحاديث فيها أكثر من أن تحصر، فلِماذا يتغاضى دعاة الحفاظ على الشريعة عن كل هذا ويستميتون في الدفاع عن نصيب الإناث في الإرث والتعصيب والتعديد والنسب والولاية. والجواب هو أن الاسلامي وإن أظهر الاعتدال فهو يخفي أمورا لا يستطيع البوح بها خوفا على حريته أو منصبه أو رميه بالتشدد والدعشنة فيعمد إلى الأدبيات الفقهية ليستقي منها أحكام الاستضعاف والتقية والتورية.. ولو تمكن يوما ووائمته الفرصة سيظهر وجهه الحقيقي دون مساحيق أو مداهنة، ولعل أشد المدافعين اليوم على تحصين المدونة من التغيير هو الشيخ بنحمزة الذي بدأ في أول أمره معتدلا مجددا حيث كان يضرب به المثل في الاعتدال والسماحة، ثم انقلب تسعين درجة تحت تأثير تطبيل السلفيين الذين يصفونه بحارس الشريعة، ونحن لن ندخل مع بنحمزة في جدال عقيم يستعرض فيه بضاعته الفقهية وأناه المتضخمة بل سنسأله عما سلف من أحكام شرعية قطعية لنقول له :" ما رأي فضيلتكم في الحدود الشرعية كرمي المثليين من شاهق ورجم الزناة وتسمير الأعين بمسامير حامية وقطع الأيدي والأرجل من خلاف وجهاد الطلب لغزو البلدان واسترقاق الناس وزواج الصغيرة.. هل تصلح هذه الأحكام لمجتمعات القرن الواحد والعشرين ؟ فإن أجاب بالنفي سنقول له إذا لم تعد هذه الأحكام صالحة لهذا القرن لتغير الظروف فما تدافع عنه من أحكام الإرث والولاية والنسب لم يعد صالحا أيضا، أما إذا كان جوابه بالإقرار وأن هذه الأحكام لازالت صالحة، فقد كفانا مؤونة الجدال معه وأظهر خبيئة نفسه المتشددة شأنه في ذلك شأن كل الإسلاميين. والأولى عوض مناظرته فكريا أو جعله على رأس المجلس العلمي لمدينة وجدة أن يجلس عند طبيب نفسي لتقويم سلوكياته، قبل أن تنفجر في وجه المغاربة لأنه لا يختلف عن صاحب التدوينة في الصورة المرافقة للمقال الذي لم يُخف نيته مقاومة التعديلات إن أقَّرت واعتبار معدِّليها محتلين لدين وأرض المغاربة ولا ندري هل سيقاومهم بالكلمة أم بالسلاح؟!!