على بعد أيام قليلة على انتهاء مهلة الستة أشهر التي منحها الملك محمد السادس للجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة من أجل رفع مقترحاتها، طفا على السطح جدل جديد بشأن مدونة الأسرة بطله عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وبعض قيادات الحزب.
جريدة "أنفاس بريس"، سألت عاطفة تيمجردين، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عن أسباب تخوف الإسلاميين بالرغم من التوجيه الملكي الواضح والمباشر... تعرف على رأي عاطفة تيمجردين:
بداية يمكن القول أنه بعد 20 سنة من تفعيل مدونة الأسرة، حان الوقت لفتح ورش الإصلاح، وأن السبيل لذلك هو حوار مجتمعي مسؤول، يضمن تفكيك البناء التقليدي للعلاقة بين الرجال، والنساء في الحياة الخاصة، وتغيير التمثلات المترسبة في أذهان الأفراد بما يساهم في تكسير الصور النمطية لمهام، وأدوار الرجال، والنساء.
وفي هذا الإطار يكفي أن نرجع إلى نتائج الدراسات حول تطبيق مدونة الأسرة، التي أكدت على وجود ثغرات بالمدونة، أو سكوتها عن بعض الإشكاليات الاجتماعية، ظهور تناقضات، وعدم تناسق بين مقتضياتها .
لكن للأسف، منذ بداية ورش إصلاح مدونة الأسرة التي أعلن عنه الملك محمد السادس، وحدد لجنة للاستماع لكل أطياف المجتمع، ظهرت مواقف تعارض مسار مطلب هذا الإصلاح، في بعده الشمولي والعميق، هاجسها الخوف من قلب التراتبية المكرسة في النص، لغة، ومقتضيات، في حين أن قاعدة الاجتهاد المنفتح، والبناء تسمح بالاستجابة للأوضاع الواقعية التي تواجهها النساء، كما هو الحال بالنسبة لبقية القوانين التي تهدف إلى تنظيم جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويكفي أن نشير إلى تسارع التحول الديموغرافي الذي أدى إلى تراجع الأسرة الممتدة لصالح الأسرة النواة، والمكانة المهمة للنساء ربات الأسر (بما في ذلك المتزوجات)، والمركز الجديد للطفل داخل الأسرة وظهور فئة جديدة من النساء اللائي يعشن بمفردهن، وظهور أشكال جديدة من الهشاشة، خاصة بين الأرامل المسنات، بارتباط مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع وتأييد غالبية المغاربة من الجنسين لضرورة مساهمة الزوجين معا في الانفاق على الأسرة.
من هنا نرى أن إصلاح مدونة الأسرة ضروري وممكن، فلا يمكن الاعتداد بالدفاع عن التعدد بحجة مرض الزوجة، أو التمييز في الإرث بحجة النفقة، في الوقت الذي تنص المدونة الحالية بـالتنصيص على المسؤولية المشتركة للزوجين مع الإبقاء على الولاية القانونية للأب حصريا، إلزام الأم الموسرة بالمساهمة في رعاية أسرتها من دون أن تعترف لها بحقوق مساوية للزوج، وتجاه الأبناء، وإبقاء المدونة على مقتضيات الإرث التي تميز بين الأولاد حسب الجنس، بالرغم من المقتضى المتعلق بالمساهمة في النفقة على الوالدين، والتي توزع على الأبناء ذكورا وإناثا، حسب مواردهم وليس حسب حصتهم في الميراث.
من الضروري مساءلة كل متخوف من تمتع المغربيات والمغاربة بمدونة تضمن المساواة العدل بخصوص المصطلحات والمفاهيم التي تكرس التمييز: مثلا البناء/ المتعة/ الرجعة وإحالة المشرع على المذهب المالكي والاجتهاد الفقهي في المادة 400، تزويج الطفلات، بدل أن يتابعن دراستهن، عدم مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في عدد من القضايا، اعتماد حق الرجعة الذي يملكه الرجل على المرأة المطلقة التمييز في الحق في النسب، والتمييز في الإرث.