الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: فضائح بعض الأحزاب المغربية تضرب في العمق الأخلاق السياسية والقيم الديمقراطية

صافي الدين البدالي: فضائح بعض الأحزاب المغربية تضرب في العمق الأخلاق السياسية والقيم الديمقراطية صافي الدين البدالي
في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب المغربي من الأحزاب المغربية  تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد و نهب المال العام و اقتصاد الريع وجعل المؤسسات التشريعية مؤسسات تصدر قرارات لصالح الشعب وليس لصالح لوبيات الإستغلال، نجد ما تخفيه هذه الأحزاب من ممارسات سياسية تضرب في العمق  الأخلاق السياسية والقيم الديمقراطية، ونجد أن همها هو التسابق على الريع و على الامتيازات و على المناصب العليا لتوظيف ذوي القربى وتضييق الخناق على أبناء الشعب، ويأتي تقريرالمجلس الأعلى للحسابات ليكشف عن واقع آخر تجلى في المخالفات التي ارتكبتها أحزاب منها التي تشكل الحكومة، ومنها من يشكل المعارضة الداعمة للأغلبية الحكومية،التي استفادت من الدعم الحكومي يقدر بالملاييرمن أجل الإنتخابات التشريعية والجماعية ومن أجل التكوين والبحث و الدراسات.إلا أن هذه الأحزاب لم تقم بتبرير صرف  مئات الملايين من الدراهم في الإستحقاقات الإنتخابية، ولم تقم بارجاعها لخزينة الدولة ،أما بالنسبة  للاعتمادات المتعلقة بالتكوين والدراسات والأبحاث، فإن تبرير صرف الإعتمادات جاء دون احترام  قواعد البحث ومنهجية للدراسات والتكوين، ودون احترام مبادئ المنافسة والشفافية في اختيار مكتب الدراسات، بل اقتصرت على مكاتب دراسات تشكلت لهذا الغرض من الأقارب  والأحباب حتى تستفيد العائلة من دعم الدولة في هذا المجال.
 
 والدليل على ذلك هو حزب الإتحاد الإشتراكي الذي كون مكتبا للدراسات من ابنه ومن عضوين من المكتب السياسي  طمعا في الإستيلاء على ما يقرب من 200 مليون سنتيم ليعرض نفسه إلى استنكار شبيبته في أوروبا ومناضلين لهم وزنهم في الداخل والخارج وجعل الحزب يستمر في هبوطه السياسي .أما حزب الاستقلال  والذي يعتبر من الأحزاب الوطنية التي لم تكن من الأحزاب الإدارية التي خلقها النظام للتحكم في المشهد السياسي قد تخلى عن مبادئه من أجل المال والمناصب و تثبيث الأبناء في المناصب العليا والحساسة  في غفلة من الشعب، وأحيانا في غفلة من القواعد الحزبية ليكون له نصيب في التحكم في دواليب الدولة  وكذلك المزيد من حشد دعم الدولة، لكنه وجد نفسه هو الآخر في وضع لا يحسد عليه من حيث الخروج عن دائرة الأخلاق السياسية و التربية على الممارسة السياسية الإيجابية  و ممارسةالإنتهازية والتطاحن عن    المصالح الشخصية ،  منذ أن فتح الباب على مصراعيه لأصحاب" الشكارة" والأعيان من أجل المال و المناصب، و من أجل الدعم الذي تقدمه الدولة حسب عدد الأصوات في الإنتخابات .أمام هذه الهرولة الريعية وجد نفسه في وسط مشاكل تنظيمية جمة و ممارسات غير  أخلاقية متلاحقة ،منها صفع برلماني من طرف عضو حزبي ، وهو الشيء الذي يجعل من بعض الأحزاب المغربية أحزابا دون تربية سياسيةودون ممارسة ديمقراطية داخلية حقيقية، و الأمر الأكثر خطورة على المشهد السياسي هو تصريح عضو الفريق البرلماني للحزب، نور الدين مضيان عبر  " أوديو" في حق البرلمانية عن حزب الاستقلال ،" رفيعة المنصوري" حيث اتهمها بممارسات شاذة وغير أخلاقية،  وهي تصريحات صوتية،انتشرت على نطاق واسع في الداخل وفي الخارج مست الشرف والعرض وتجاوزت الابتزازوالتشهير والتهديد.
واعتبرته جهات استقلالية بأنه   اعتداء جبان يأتي في الوقت الذي تحتفي فيه المرأة المغربية بعيدها الأممي، و ظلت تحظى بمكانة ريادية في تاريخ حزب الإستقلال، و أنها من ضمن الموقعين على وثيقة المطالبة بالإستقلال.
 
إن المشهد السياسي الذي يعرفه حزب الإستقلال من خلال الصفع والتشابك بالأيدي والسب و الشتم و تبادل التهم  في أول ملتقى من أجل التحضير لعقد المؤتمر، الذي تجاوز المدة القانونية ،و التسريبات الصوتية المنسوبة لنور الدين مضيان عضو الفريق الاستقلالي في البرلمان وهي التسريبات التي نالت من قيمة البرلمانية و من مكانة البرلماني، بل ومن قيمة  المؤسسة التشريعية كمؤسسة دستورية، لا يجب أن يلجها إلا الصادقون والنزهاء والشرفاء من أبناء الأمة .لقد وضع حزب الإستقلال و أحزاب أخرى  مغربية ، وضعت نفسها في مرمى  المساءلة و المحاسبة ، بل أكثر من ذلك عليها أن تقدم اعتذارا للشعب المغربي أو أن تقوم بحل نفسها إن لم ترد وزارة الداخلية القيام بذلك ، لأنها لم تعد قادرة على لعب دورها المجتمعي كمدافع عن القيم و نقلها والتشبث بها، وترسيخ القيم الديمقراطية، بل أصبحت تنقل الخبائث والتمرد على القيم الإجتماعية وتشويه سمعة البلاد .