السبت 4 مايو 2024
فن وثقافة

عبد الرحيم أريري: الجبل المقدس بالأطلس المتوسط الشرقي

عبد الرحيم أريري: الجبل المقدس بالأطلس المتوسط الشرقي الصورة أخذت من سطح شلال مرموشة وفي الخلف جبل بولمسكر
الجبال ليست فقط منبعا للمياه، بل هي أيضا بالنسبة للعديد من سكان المجتمعات المحلية موطن للآلهة أو تحتل قدسية معينة في المخيال الجمعي للساكنة على مر التاريخ.

وإذا كان جبل بويبلان يمثل القاسم المشترك لهوية قبائل أقاليم تازة وبولمان وصفرو التي تجاور بويبلان، بالنظر لكونه  ضمن عاشر أعلى القمم الجبلية بالمغرب بعد جبل توبقال ومكون والعياشي وغيرها، وأيضا لكون بويبلان يبقى فيه الثلج لأكثر من ستة أشهر في السنة، فإن جبل بولمسكر يعد الجبل المقدس بامتياز عند قبائل جماعات مرومشة وأيت إلمان وسرغينة التابعة إداريا لإقليم بولمان.
 
جبل بولمسكر في الذاكرة الجماعية لسكان الأطلس المتوسط الشرقي يرمز للمقدس، لأنه القنطرة التي تعبر منها توسلات وابتهالات المؤمنين بالله لكي تجود عليهم السماء بالمطر.
 
قال ل لي شيخ طاعن في السن يقطن بمرموشة: " في مواسم الجفاف كان صلحاء القبيلة وشرفائها يصعدون لقمة جبل بولمسكر، وهناك ينحرون أضحيتين قربانا لله تعالى لكي يجود علينا ب"الروا"، اي بالمطر. ولما تتم عملية النحر يهبطون إلى سفح الجبل وتتصب الخيام ويكثر الناس من الدعاء الى الله ليسقي عباده وبهيمته. "
 
ليست قبائل الأطلس المتوسط من أحاط الجبال بقدسية خاصة، بل في معظم دول المعمور نجد حالات مماثلة:
ألا يتوجه شعب كيكويو إلى جبال كينيا ليسأل الآلهة "نغاي" لينعم عليها بالمطر كلما ضرب الجفاف أرضهم؟ 
ألم يشيد شعب الأنكا معابد في أعلى القمم التي ترتفع  أكثر من 6000 متر عن سطح البحر في جبال الأنديز؟ 
ألم تحرص القرى تقليديا  في الصين على تكريس معبد لآلهة الجبال المحلية المسؤولة عن السحاب والأمطار؟ 
لندخل الى موقع منظمة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة على النيت، ألا نقرأ في باب :" الهوية وثقافة المناطق الجبلية"، بأن الجبال احتلت مكانة هامة ايضا في بعض الأديان والأساطير؟!
خذوا نموذج جبل سيناء مثلا الذي ارتبط بسيدنا موسى عليه السلام، وهو الموقع الذي أنزلت عليه فيه "الوصايا العشر". أو جبل أولمبيا الذي كان يعد موطن الآلهة الإغريقية، فيما يعد جبل كايلاش مسكن الآلهة الهندوسية شيفا.
او لنتوقف عند اليابان حيث يستضيف جبل قوسان، أقدس الأديرة البوذية في البلاد !