Thursday 1 May 2025
سياسة

الطيار: متى يرفع الحيف عن مدينة "نول لمطة" مهد المرابطين بالمغرب؟

الطيار: متى يرفع الحيف عن مدينة "نول لمطة" مهد المرابطين بالمغرب؟ محمد الطيار
هناك العديد من السرديات المنتشرة التي تستهدف الاستلاء على  تاريخ المغرب وثراته، منها مثلا محاولات خلق هويات منفصلة عن تاريخ الأمة المغربية، تستند على تزوير التاريخ، وتجد سندا لها في ضعف بعض المحسوبين على الباحثين  الذين احترفوا مهنة التلفيق.
فمثلا  منطقة واد نون، تعرضت للسطو على تاريخها دون أن يقوم  أبنائها بأي عمل يبين خطورة مايقع. 
مدينة نول لمطة  التاريخية التي توجد بعض أطلالها في المدخل الشرقي لمدينة كلميم، والتي يعود تأسيسها إلى عدة قرون قبل الميلاد، كانت حاضرة جنوب المغرب وآخر العمران فيه، في وقت لم يكن للمدن القائمة حاليا وجود، سواء في سوس أو الصحراء أو في بلاد شنقيط أو شمال مالي. فقد كانت - كما قال البكري في كتابه المسالك والممالك، الجزء الثاني - قال إنها آخر عمران الاسلام . وكانت المركز الحضري لقبيلتي لمتونة ولمطة وكذلك جزولة ،حيث شكلت مركزا تجاريا مهما انذاك. 
دعوة المرابطين  سطر خطوطها  أحد أبناء قبيلة لمطة، الفقيه سيدي وكاك بن زلو  اللمطي، الذي كانت تبعد زاويته عن مدينة نول لمطة بحوالي 110 كلم فقط، لازالت توجد إلى اليوم قرب شاطيء أكلو  على بعد حوالى 15 كلم من مدينة تزنيت حاليا. وكانت تدعى قبل بزوغ حركة المرابطين، بدار المرابطين ومنها ادأخدت اسمها.
أما مؤسس دولة المرابطين الذي أطره سيدى وكاك بن زلو اللمطي، للقيام بذلك، فهو تلميذه بزاوية دار المرابطين عبد الله بن ياسين الجزولي، الذي ينحدر من بلدة تمنارت قرب بلدة فم الحصن، عمالة طاطا حاليا، و التي تبعد عن مدينة نول لمطة بحوالي 120 كلم. وقد اتخذت حركة المرابطين من مدينة نول لمطة قاعدة انطلاقها نحو سجلماسة قبل التوجه إلى غمات وتأسيس مدينة مراكش.
وقد كانت مدينة نول لمطة مكان سك العملة المرابطية، ومحل صناعة الأسلحة خاصة الدرق اللمطية التي كانت شهرتها واسعة  في عالم ذاك الزمان.
ولكن للأسف الشديد تم تلفيق العديد من الروايات التي تتحدث عن كون حركة المرابطين انطلقت من جزيرة على نهر السنغال، أو من جزيرة قرب مدينة نواكشوط الحالية، بدون مرجع أو سند تاريخي.
مع أن انطلاق دولة المرابطين كان في الحقيقة من مدينة نول لمطة حاضرة قبيلتي لمتونة و لمطة وتحت تأطير شيخ زواية دار المرابطين الفقيه سيدى وكاك بن زلو اللمطي. وذلك ماتؤكده العديد من كتب التاريخ ،  حيث تطرق مثلا الجغرافي الإدريسي، الذي عاش في فترة الموحدين ،  في الجزء الأول من كتابه " نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"،  إلى فترة نشوء دولة المرابطين. ونفس الأمر بالنسبة  للبكري الذي عاش في فترة بداية حركة المرابطين وعاصر فترتها، حيث وصف  في كتابه  المسالك والممالك، الجزء الثاني ، معالم المنطقة الجغرافية التي ظهرت فيها حركة المرابطين. والذي أكد  بشكل واضح أن ظهور حركة المرابطين كان في نول لمطة وصحراء درعة، موطن لمتونة ولمطة وجزولة. ولا علاقة لها بما عرف بعد ذلك بقرون ببلاد شنقيط أو موريتانيا حاليا.