يرى محمد الطيار؛ باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن عقيدة النظام العسكري الجزائري تتسم بالعدوانية بشكل كبير؛ مشيرا الى أن السفير الأمريكي السابق في الجزائر روبرت فورد سبق له أن تطرق الى ذلك في برقية دبلوماسية بعثها الى واشنطن تعود الى عام 2008؛ حيث أشار فيها إلى أن: «قيادة الجزائر عبارة عن مجموعة من الأشخاص حادي الطباع والمصابين بجنون الارتياب»، وهذه الصفات هي التي تحدد سمات عقيدة خاصة تشكلت عبر العقود الأخيرة وتمظهرت في عدة مناسبات، مضيفا بأن هذه العقيدة تمد الفاعلين الأمنيين في الدولة بإطار نظري يسعى الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لفرنسا، وأهداف النظام العسكري الجزائري.
ما هي قراءتك لاستمرار المناوشات الجزائرية ضد المغرب في المحافل الدولية وآخرها تصريح المدرب عمروش ضد المغرب في كأس إفريقيا؟
فيما يخص استمرار مناوشات واستفزازات الجزائر للمغرب في العديد من المحافل الدولية، ليس بالأمر الجديد، فالجزائر ربطت وجودها منذ البداية بعقيدة تؤطر الفاعلين الأمنيين في الدولة. وقبل أن نتطرق إلى طبيعة هذه العقيدة ينبغي العودة الى جذورها لكي نفهم طبيعة الصراع القائم في المنطقة. أولا لما قامت الثورة الجزائرية انخرط المغرب ملكا وشعبا في مساندتها في المحافل الدولية، فهناك خطاب تاريخي للملك الراحل محمد الخامس بمقر الامم المتحدة يطالب فيه باستقلال الجزائر وانسحاب فرنسا، كما انخرط الشعب المغربي بكل أطيافه في مساندة الثورة الجزائرية، بالمال والعتاد العسكري والدعم بكافة أشكاله. غير أنه وبعد حصول الجزائر على الاستقلال، وهو استقلال مشروط يقوم على التعاون بين فرنسا والجزائر في عدة مجالات (في المجالات الاستخباراتية والاستراتيجية والاقتصادية بالدرجة الأولى)، ولما وقع انقلاب هواري بومديان وبن بلة على قادة الثورة الجزائرية الحقيقيين وتنفيذ عدد من الاغتيالات ضد قادة الثورة الجزائرية وسجن العديد منهم وهروب العديد منهم الى المغرب واسبانيا وملاحقة البعض الآخر واغتيالهم على أراضي دول أخرى، سيطر الجناح الموالي لفرنسا واعتمد بالدرجة الأولى على ضباط سابقين في الجيش والمخابرات الفرنسية وسطر لنفسه سياسة تنسجم مع الاستراتيجية التي وضعها الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول والتي تقوم على محاصرة المغرب ومنعه من التواصل مع عمقه الافريقي، ومن القيام بدوره التاريخي المركزي والريادي الذي لعبه طيلة قرون في إفريقيا. فأصبحت مهمة الهواري بومدين ومعاونيه، من ضباط فرنسا السابقين، هي تنزيل الاستراتيجية التي وضعها شارل ديغول والتي تقوم كما قلت على منع المغرب من التواصل مع غرب افريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي، حيث قام بإلحاق الصحراء الشرقية المغربية بالجزائر لقطع تواصله المباشر بمنطقة الساحل الافريقي، كما دفع الهواري بومدين الرئيس الموريتاني المختار ولد دادة لإقحام موريتانيا في المطالبة بالصحراء لما أراد المغرب استكمال وحدته الترابية بعد تمكنه من استرجاع طرفاية وسيدي إيفني، وهو الأمر الذي أدى الى تجميد المسلسل الذي كان قد اعتمده المغرب آنذاك من أجل استرجاع الصحراء المغربية مستعملا الأمم المتحدة في ذلك. ولما تمكن المرحوم الحسن الثاني من تجاوز هذا العائق، قام الهواري بومدين باحتضان البوليساريو بمساعدة اسبانيا كميليشيات انفصالية، وقام بإقامة المخيمات في منطقة تندوف، وجلب إليها العديد من مواطني مالي وخاصة من منطقة أزواد ومن موريتانيا وأيضا من الصحراويين وخاصة من ساكنة تندوف الذين كانوا يعيشون في ظروف الفقر، كما تم جلب العديد من المواطنين الذي تم اختطافهم سنتين 1979 و1980 من الصحراء المغربية (من مناطق آسا ولبيرات وفم الحصن وطانطان والسمارة..). لذلك في الحقيقة فالأمر يتعلق بمشروع استعماري قديم والجزائر ليست الا أداة.
فيما يخص استمرار مناوشات واستفزازات الجزائر للمغرب في العديد من المحافل الدولية، ليس بالأمر الجديد، فالجزائر ربطت وجودها منذ البداية بعقيدة تؤطر الفاعلين الأمنيين في الدولة. وقبل أن نتطرق إلى طبيعة هذه العقيدة ينبغي العودة الى جذورها لكي نفهم طبيعة الصراع القائم في المنطقة. أولا لما قامت الثورة الجزائرية انخرط المغرب ملكا وشعبا في مساندتها في المحافل الدولية، فهناك خطاب تاريخي للملك الراحل محمد الخامس بمقر الامم المتحدة يطالب فيه باستقلال الجزائر وانسحاب فرنسا، كما انخرط الشعب المغربي بكل أطيافه في مساندة الثورة الجزائرية، بالمال والعتاد العسكري والدعم بكافة أشكاله. غير أنه وبعد حصول الجزائر على الاستقلال، وهو استقلال مشروط يقوم على التعاون بين فرنسا والجزائر في عدة مجالات (في المجالات الاستخباراتية والاستراتيجية والاقتصادية بالدرجة الأولى)، ولما وقع انقلاب هواري بومديان وبن بلة على قادة الثورة الجزائرية الحقيقيين وتنفيذ عدد من الاغتيالات ضد قادة الثورة الجزائرية وسجن العديد منهم وهروب العديد منهم الى المغرب واسبانيا وملاحقة البعض الآخر واغتيالهم على أراضي دول أخرى، سيطر الجناح الموالي لفرنسا واعتمد بالدرجة الأولى على ضباط سابقين في الجيش والمخابرات الفرنسية وسطر لنفسه سياسة تنسجم مع الاستراتيجية التي وضعها الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول والتي تقوم على محاصرة المغرب ومنعه من التواصل مع عمقه الافريقي، ومن القيام بدوره التاريخي المركزي والريادي الذي لعبه طيلة قرون في إفريقيا. فأصبحت مهمة الهواري بومدين ومعاونيه، من ضباط فرنسا السابقين، هي تنزيل الاستراتيجية التي وضعها شارل ديغول والتي تقوم كما قلت على منع المغرب من التواصل مع غرب افريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي، حيث قام بإلحاق الصحراء الشرقية المغربية بالجزائر لقطع تواصله المباشر بمنطقة الساحل الافريقي، كما دفع الهواري بومدين الرئيس الموريتاني المختار ولد دادة لإقحام موريتانيا في المطالبة بالصحراء لما أراد المغرب استكمال وحدته الترابية بعد تمكنه من استرجاع طرفاية وسيدي إيفني، وهو الأمر الذي أدى الى تجميد المسلسل الذي كان قد اعتمده المغرب آنذاك من أجل استرجاع الصحراء المغربية مستعملا الأمم المتحدة في ذلك. ولما تمكن المرحوم الحسن الثاني من تجاوز هذا العائق، قام الهواري بومدين باحتضان البوليساريو بمساعدة اسبانيا كميليشيات انفصالية، وقام بإقامة المخيمات في منطقة تندوف، وجلب إليها العديد من مواطني مالي وخاصة من منطقة أزواد ومن موريتانيا وأيضا من الصحراويين وخاصة من ساكنة تندوف الذين كانوا يعيشون في ظروف الفقر، كما تم جلب العديد من المواطنين الذي تم اختطافهم سنتين 1979 و1980 من الصحراء المغربية (من مناطق آسا ولبيرات وفم الحصن وطانطان والسمارة..). لذلك في الحقيقة فالأمر يتعلق بمشروع استعماري قديم والجزائر ليست الا أداة.
ما هي أبرز سمات عقيدة النظام الجزائري بهذا الخصوص؟
هذه العقيدة تتسم بالعدوانية بشكل كبير، وقد شخص السفير الأمريكي السابق في الجزائر وضعيتهم النفسية، حيث قال السفير «روبرت فورد» في برقية دبلوماسية بعثها الى واشنطن تعود الى عام 2008: "قيادة الجزائر عبارة عن مجموعة من الأشخاص حادي الطباع والمصابين بجنون الارتياب"، وهذه الصفات هي التي تحدد سمات عقيدة خاصة تشكلت عبر العقود الأخيرة وتمظهرت في عدة مناسبات. وكما قلت فهي تمد الفاعلين الأمنيين في الدولة بإطار نظري يسعى الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لفرنسا، وأهداف النظام العسكري الجزائري. لذلك فالنظام الجزائري قد بنى عقيدته داخليا وخارجيا على أساس العداء للمغرب، وفي نفس الوقت خلق بيئة غير آمنة في محيطه الإقليمي سواء في تونس أو ليبيا أو مالي أو النيجر، وبالأساس في المغرب وحتى في موريتانيا. خلق هذه البيئة يقوم على أساس توظيف الإرهاب، أي الجماعات التي تحسب على الإرهاب وهي تابعة للأمن العسكري الجزائري، ومحاولة اختراق النسيج السياسي داخل هذه البلدان، وتوظيف بعض العملاء في كل من تونس ومالي وليبيا والنيجر موريتانيا، وتوظيف ميليشيات البوليساريو وعملائها داخل الصحراء المغربية. لذلك لا نستغرب في كون وجود الجزائر كدولة واستمراريتها مرتبط أساسا بالعداء للمغرب، من أجل خلق حالة من الاستنفار داخل الشعب الجزائري. فالمغرب – حسب هذه العقيدة – يتربص بالجزائر التي هي في نفس الوقت مستهدفة من طرف جيرانها. ولا يمكن أن نتصور تغييرا في مواقف الجزائر ما دام النظام العسكري يسيطر على دواليب الحكم في هذه الدولة، وما دام يخدم بكل طاقته استراتيجية مسطرة في حقبة شارل ديغول ولازالت مستمرة، تستهدف تطويق المغرب وعزله، والحيلولة دون تمكنه من استرجاع مكانته السياسية والريادية كدولة وأمة مركزية في إفريقيا وفي حوض البحر الابيض المتوسط. هذه العقيدة توظف كل مقدرات الشعب الجزائري، سواء الغاز والنفط وغيرهما، من أجل خدمة هذه الاستراتيجية.
هذه العقيدة تتسم بالعدوانية بشكل كبير، وقد شخص السفير الأمريكي السابق في الجزائر وضعيتهم النفسية، حيث قال السفير «روبرت فورد» في برقية دبلوماسية بعثها الى واشنطن تعود الى عام 2008: "قيادة الجزائر عبارة عن مجموعة من الأشخاص حادي الطباع والمصابين بجنون الارتياب"، وهذه الصفات هي التي تحدد سمات عقيدة خاصة تشكلت عبر العقود الأخيرة وتمظهرت في عدة مناسبات. وكما قلت فهي تمد الفاعلين الأمنيين في الدولة بإطار نظري يسعى الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لفرنسا، وأهداف النظام العسكري الجزائري. لذلك فالنظام الجزائري قد بنى عقيدته داخليا وخارجيا على أساس العداء للمغرب، وفي نفس الوقت خلق بيئة غير آمنة في محيطه الإقليمي سواء في تونس أو ليبيا أو مالي أو النيجر، وبالأساس في المغرب وحتى في موريتانيا. خلق هذه البيئة يقوم على أساس توظيف الإرهاب، أي الجماعات التي تحسب على الإرهاب وهي تابعة للأمن العسكري الجزائري، ومحاولة اختراق النسيج السياسي داخل هذه البلدان، وتوظيف بعض العملاء في كل من تونس ومالي وليبيا والنيجر موريتانيا، وتوظيف ميليشيات البوليساريو وعملائها داخل الصحراء المغربية. لذلك لا نستغرب في كون وجود الجزائر كدولة واستمراريتها مرتبط أساسا بالعداء للمغرب، من أجل خلق حالة من الاستنفار داخل الشعب الجزائري. فالمغرب – حسب هذه العقيدة – يتربص بالجزائر التي هي في نفس الوقت مستهدفة من طرف جيرانها. ولا يمكن أن نتصور تغييرا في مواقف الجزائر ما دام النظام العسكري يسيطر على دواليب الحكم في هذه الدولة، وما دام يخدم بكل طاقته استراتيجية مسطرة في حقبة شارل ديغول ولازالت مستمرة، تستهدف تطويق المغرب وعزله، والحيلولة دون تمكنه من استرجاع مكانته السياسية والريادية كدولة وأمة مركزية في إفريقيا وفي حوض البحر الابيض المتوسط. هذه العقيدة توظف كل مقدرات الشعب الجزائري، سواء الغاز والنفط وغيرهما، من أجل خدمة هذه الاستراتيجية.
ماذا عن انحسار الدور الجزائري في المنطقة رغم تبني عقيدة العداء ضد المغرب؟
كما تلاحظ، فإنه كلما تقلص نفوذ فرنسا في إفريقيا سواء في الساحل الإفريقي أو على مستوى منظمة الاتحاد الإفريقي، كلما تقلص نفوذ الجزائر وازداد انكماشا، فنفوذ هذه الأخيرة مرتبط في الحقيقة بنفوذ فرنسا في إفريقيا. فالجزائر مرتبطة بالأبناك الفرنسية، وأوراقها المالية تطبع في فرنسا، وهي أيضا مرتبطة بفرنسا في عدد من الأمور التي تعتبر من مظاهر سيادة الدول. لذلك فانحسار الدور الجزائري مرتبط بتراجع الدور الفرنسي، ليس في إفريقيا فقط بل على مستوى العالم. وكما تعلم فإن فرنسا لم تخرج لحد الآن بموقف صريح وواضح حول سيادة المغرب على صحرائه، وهي تناور وتنافق وتحاول الضغط على المغرب وابتزازه، وتستعمل بعض المصطلحات من قاموس النفاق السياسي، من قبيل الترحيب بمقترح الحكم الذاتي، أو تأييده، وهي لازالت في الحقيقة ضمن المنطقة الرمادية بحكم أن الترحيب أو تأييد مقترح الحكم الذاتي لا يعني بالضرورة الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، ولا يعني بالضرورة الاقرار بأنه الحل الوحيد لحل النزاع في إطار السيادة المغربية.
كما تلاحظ، فإنه كلما تقلص نفوذ فرنسا في إفريقيا سواء في الساحل الإفريقي أو على مستوى منظمة الاتحاد الإفريقي، كلما تقلص نفوذ الجزائر وازداد انكماشا، فنفوذ هذه الأخيرة مرتبط في الحقيقة بنفوذ فرنسا في إفريقيا. فالجزائر مرتبطة بالأبناك الفرنسية، وأوراقها المالية تطبع في فرنسا، وهي أيضا مرتبطة بفرنسا في عدد من الأمور التي تعتبر من مظاهر سيادة الدول. لذلك فانحسار الدور الجزائري مرتبط بتراجع الدور الفرنسي، ليس في إفريقيا فقط بل على مستوى العالم. وكما تعلم فإن فرنسا لم تخرج لحد الآن بموقف صريح وواضح حول سيادة المغرب على صحرائه، وهي تناور وتنافق وتحاول الضغط على المغرب وابتزازه، وتستعمل بعض المصطلحات من قاموس النفاق السياسي، من قبيل الترحيب بمقترح الحكم الذاتي، أو تأييده، وهي لازالت في الحقيقة ضمن المنطقة الرمادية بحكم أن الترحيب أو تأييد مقترح الحكم الذاتي لا يعني بالضرورة الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، ولا يعني بالضرورة الاقرار بأنه الحل الوحيد لحل النزاع في إطار السيادة المغربية.