Thursday 1 May 2025
سياسة

برعاية‭ ‬من‭ ‬عسكر‭ ‬دولة‭ ‬الكابرانات.. "العقدة المغربية" تتحول إلى كابوس فـي الإعلام الجزائري

برعاية‭ ‬من‭ ‬عسكر‭ ‬دولة‭ ‬الكابرانات.. "العقدة المغربية" تتحول إلى كابوس فـي الإعلام الجزائري الجنيرال شنقريحة، الحاكم الفعلي بالجزائر، والرئيس تبون
من‭ ‬المثير‭ ‬للانتباه‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري،‭ ‬رغم‭ ‬التغيير‭ ‬الجذري‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬الأدوار‭ ‬والذهنيات‭ ‬والنفسيات،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬رهين‭ ‬"لحظة‭ ‬التأسيس"‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬يرتمي‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬«البروباغندا»‭ ‬الساعية‭ ‬إلى‭ ‬إبراز‭ ‬الجزائر‭ ‬بوصفها‭ ‬«قوة‭ ‬ضاربة»‭ ‬تقود‭ ‬«الحركات‭  ‬التحررية‭ ‬المناهضة‭ ‬للاستعمار»‭. ‬وقد‭ ‬تمثل‭ ‬المظهر‭ ‬البارز‭ ‬لهذا‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬الدعائية‭ ‬المنحطة‭ ‬لخلق‭ ‬بيئة‭ ‬تعادي‭ ‬المغرب،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إضعاف‭ ‬مؤسساته،‭ ‬والنيل‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬سيادته،‭ ‬واستنزاف‭ ‬طاقته‭ ‬وإلهائه‭ ‬بـاختلاق‭ ‬دولة‭ ‬«جمهورية‭ ‬البوليساريو‭ ‬الوهمية‭ ‬السعيدة»!

لم‭ ‬يخرج،‭ ‬إذن،‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬أفرزتها‭ ‬«لحظة‭ ‬البروباغاندا»،‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭ ‬إعلان‭ ‬ورثة‭ ‬الهواري‭ ‬بوخروبة،‭ ‬الذين‭ ‬يحكمون‭ ‬البلد‭ ‬بالنار‭ ‬والحديد،‭ ‬الحرب‭ ‬الشاملة‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬انتقاما‭ ‬للانتصار‭ ‬الساحق‭ ‬للجيش‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري،‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬انطلاق‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬أكنوبر‭ ‬1963،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬آنذاك‭ ‬بحرب‭ ‬الرمال‭.‬

والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬يحقق‭ ‬المغرب‭ ‬انتصارا‭ ‬دوليا‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬حتى‭ ‬يبدأ‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬بث‭ ‬الرسائل‭ ‬الحاقدة‭ ‬التي‭ ‬تبخس‭ ‬جهد‭ ‬الجار‭ ‬وتجرده‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬كفاءة‭ ‬أو‭ ‬استحقاق،‭ ‬بل‭ ‬تعتبر‭ ‬أي‭ ‬فوز‭ ‬حققه‭ ‬انتصارا‭ ‬مسروقا‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬وأبنائه‭ ‬وبناته‭ ‬ولاعبيه‭ ‬وجغرافيته‭ ‬وتاريخه‭ ‬وثقافته‭ ‬وتراثه‭ ‬وعلومه‭ ‬وآدابه،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نعاينه‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬مع‭ ‬كأس‭ ‬الأمم‭ ‬الإفريقية‭ ‬بالكوت‭ ‬ديفوار،‭ ‬حين‭ ‬انبرى‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬لتجييش‭ ‬الجزائريين‭ ‬بإظهار‭ ‬المغرب‭ ‬بصفته‭ ‬عدوا‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬ظهره‭ ‬كل‭ ‬المصائب‭ ‬والمحن،‭ ‬وأن‭ ‬تميزه‭ ‬الكروي‭ ‬مجرد‭ ‬خرافة،‭ ‬ومؤسساته‭ ‬مجرد‭ ‬مصانع‭ ‬للتآمر‭ ‬على‭ ‬الجزائر،‭ ‬وعلى‭ ‬«قوتها‭ ‬الضاربة»!
 
وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬تعبر‭ ‬حال‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري،‭ ‬بتركيزه‭ ‬الحاقد‭ ‬على‭ ‬المغرب،‭ ‬عن‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬مرض‭ ‬نفسي‭ ‬واجتماعي‭ ‬تحيل‭ ‬إليه‭ ‬النزعة‭ ‬إلى‭ ‬كره‭ ‬الآخرين،‭ ‬والميل‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬بهم‭ ‬كقاعدة‭ ‬عامة،‭ ‬والانزعاج‭ ‬من‭ ‬نجاحاتهم‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬بخيبة‭ ‬أمل،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالوقوف‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬انتظار‭ ‬أي‭ ‬زلة‭ ‬قدم‭ ‬تنجم‭ ‬عنهم‭. ‬بل‭ ‬إبداء‭ ‬الغضب‭ ‬باستمرار‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬تميز‭ ‬أو‭ ‬تفوق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬احتكاك‭ ‬حاد‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يختلف‭ ‬معه،‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يستثمر‭ ‬في‭ ‬نماذج‭ ‬مختلفة‭.‬

ويكاد‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬المراقبون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬مصاب‭ ‬باضطراب‭ ‬الشخصية‭ ‬الحدية،‭  ‬حيث‭ ‬يكشف‭ ‬الغضب‭ ‬الحاد‭ ‬والاندفاع‭ ‬والحالات‭ ‬المزاجية‭ ‬المتقلبة‭ ‬تجاه‭ ‬المغرب‭ ‬والمغاربة،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬يخفي‭ ‬شخصية‭ ‬«ترغب‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬بالحب‭ ‬ووجود‭ ‬علاقات‭ ‬دائمة»،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬شخصية‭ ‬انتحارية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خدمات‭ ‬علاجية‭ ‬طارئة‭ ‬لتقليص‭ ‬مساحة‭ ‬العدوانية‭ ‬والاندفاع،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬شجار‭ ‬حربي‭ ‬مع‭ ‬الذات‭ ‬أولا،‭ ‬ومع‭ ‬من‭ ‬تعتبره‭ ‬ذاتها‭ ‬المسروقة!
 
لقد‭ ‬حاول‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري،‭ ‬بعد‭ ‬تعرضه‭ ‬للانتقاد‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭ ‬بناء‭ ‬إعلام‭ ‬«مستقل»‭ ‬يوهم‭ ‬بأن‭ ‬«النظام»‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬وباء‭ ‬الحزب‭ ‬الوحيد‭ ‬«البروباغندا»‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬النواة‭ ‬الصلبة‭ ‬لسياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العداء‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بها،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام،‭ ‬المأخوذ‭ ‬بالنعرة‭ ‬والحماس‭ ‬الزائد‭ ‬للتفوق‭ ‬الوهمي،‭ ‬إلى‭ ‬نسب‭ ‬أشهر‭ ‬معالم‭ ‬المغرب‭ ‬الأثرية‭ ‬وأبرز‭ ‬الإنجازات‭ ‬العلمية‭ ‬والرياضية،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬الرموز‭ ‬والمزارات‭ ‬والأولياء‭ ‬إلى‭ ‬بلاده،‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬قذرة‭ ‬تقع‭ ‬خارج‭ ‬أي‭ ‬تصنيف‭ ‬عقلاني‭ ‬أو‭ ‬علمي‭. ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬غريبا‭ ‬عن‭ ‬إعلام‭ ‬يدار‭ ‬بجهاز‭ ‬التحكم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬«القصر‭ ‬الجمهوري»‭. ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬والاستئجار‭  ‬أن‭   ‬الصحافة‭ ‬الجزائرية‭ ‬التي‭ ‬يقال‭ ‬عنها‭ ‬إنها‭ ‬«مستقلة»‭ ‬لا‭ ‬تدفع‭ ‬أي‭ ‬إيجار‭ ‬لما‭ ‬يسمى‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬«بيت‭ ‬الصحافة»‭ ‬«مقرات‭ ‬وزعت‭ ‬على‭ ‬الصحف‭ ‬الجزائرية»،‭ ‬وأن‭ ‬خزينة‭ ‬دولة‭ ‬الكابرانات‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تمول‭ ‬«بروباغاندا‭ ‬مناهضة‭ ‬المغرب»،‭ ‬ليتحدث‭ ‬الصحافيون،‭ ‬بأقلام‭ ‬وأفواه‭ ‬لا‭ ‬تمل‭ ‬ولا‭ ‬تكل،‭ ‬عن‭ ‬«الاحتقان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالمغرب»،‭ ‬وعن‭ ‬العبودية‭ ‬المتجذرة‭ ‬والعصر‭ ‬الطباشيري‭ ‬الأول‭ ‬والطغيان‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬المملكة‭ ‬العلوية‭ ‬الشريفة،‭ ‬والحال‭ ‬أنها‭ ‬خيالات‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الأذهان‭ ‬المريضة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المأجورين!
 
إن‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري،‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬وإغلاق‭ ‬الأجواء،‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأعلام‭ ‬مصاب‭ ‬بعقدة‭ ‬اسمها‭ ‬المغرب،‭ ‬إذ‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬صحيفة،‭ ‬ولا‭ ‬برنامجا‭ ‬سياسيا‭ ‬أو‭ ‬ثقافيا‭ ‬أو‭ ‬رياضيا،‭ ‬ولا‭ ‬نشرة‭ ‬إخبارية،‭ ‬إلا‭ ‬والهجوم‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬وقادته‭ ‬ومؤسساته،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأبشع‭ ‬النعوت،‭ ‬هو‭ ‬سيد‭ ‬الموقف‭.  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬أن‭ ‬مسيري‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬«اتحدوا»‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الامتثال‭ ‬للكابرانات،‭ ‬وأن‭ ‬الجزائريين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يعيشون‭ ‬طغيان‭ ‬«الحزب‭ ‬الوحيد»‭  ‬«والستراتوقراطية‭ ‬المُقَنَّعة»‭ ‬بقيادة‭ ‬«الكابران»‭ ‬شنقريحة‭ ‬وأزلامه‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭. ‬وسبب‭ ‬ذلك،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬هو‭  ‬التأييد‭ ‬الدولي‭ ‬المتزايد‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بوصفه‭ ‬حلا‭ ‬سياسا‭ ‬وحيدا‭ ‬لنزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬المفتعل‭.‬
 
ويعمد‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬تخوين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬المغربية،‭ ‬وفي‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المغربي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬الإشاعات‭ ‬والأكاذيب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الادّعاء‭ ‬بوجود‭ ‬حرب‭ ‬باردة‭ ‬يقودها‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج؛‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأخبار‭ ‬والتحليلات‭ ‬مجرد‭ ‬أحتلاقات‭ ‬يكذّبها‭ ‬الواقع‭ ‬وتفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الحجج‭ ‬والدلائل‭. ‬

إن‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري‭ ‬ليقتنع‭ ‬بالفعل‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى،‭ ‬وأنه‭ ‬له‭ ‬أجندة‭ ‬لتقسيم‭ ‬الجزائر،‭ ‬وأنه‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬افتقار‭ ‬الأسواق‭ ‬الجزائرية‭ ‬إلى‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية،‭ ‬وأنه‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬عن‭ ‬العواصف‭ ‬والأعاصير‭ ‬والحرائق‭ ‬وجميع‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬والموبقات‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬البلاد،‭ ‬وأنه‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬خروج‭ ‬المنتخب‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬المونديال،‭ ‬وصانع‭ ‬أزمة‭ ‬البطالة،‭ ‬وممول‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬طوابير‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الحليب‭ ‬والدقيق‭.. ‬إلخ‭. ‬وما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأعلام‭ ‬يمتح‭ ‬من‭ ‬القاموس‭ ‬الحربي‭ ‬أنه‭    ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬انفعالية‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬كما‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬النزاهة‭ ‬الفكرية‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬المهنة،‭ ‬والتحيز‭ ‬للحقيقة‭ ‬والمصداقية،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬يستعمل‭ ‬عبارات‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬«نظام‭ ‬الاحتلال»‭ ‬و«جيش‭ ‬الاحتلال»‭ ‬و«العدوان»‭ ‬و«تصفية‭ ‬الاستعمار»‭ ‬و«بلاد‭ ‬هكا»‭ ‬و«العدو‭ ‬الغاشم»،‭ ‬بل‭ ‬الأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬حين‭ ‬يسكت‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬انتصار‭ ‬مغربي‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬وحين‭ ‬يضطر‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬«التحايل»‭ ‬المثير‭ ‬للضحك‭ ‬والسخرية‭.‬

ولا‭ ‬يفسر‭ ‬هذه‭ ‬«البروباغندا‭ ‬الحاقدة»‭ ‬إلا‭ ‬وقوع‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬شرك‭ ‬«الاختلاق»،‭ ‬والإمعان‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬الأباطيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬معاداة‭ ‬المغرب،‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬الكابرانات‭ ‬يعلمون‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬ليست‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬المغاربة،‭ ‬ولكنّ‭ ‬معركته‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬مع‭ ‬تردي‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬عسكري‭ ‬مصاب‭ ‬بـ‭ ‬«داء‭ ‬الشعور‭ ‬بالعظمة»!‭ ‬

لقد‭ ‬نجح‭ ‬الكابرانات‭ ‬في‭ ‬«إلهاء»‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائرية‭ ‬عن‭ ‬معركته‭ ‬الأولى،‭ ‬بعدما‭ ‬قاموا‭ ‬بتكميم‭ ‬أفواه‭ ‬الصحافيين‭ ‬والحقوقيين‭ ‬النزهاء،‭ ‬كما‭ ‬قاموا‭ ‬بإرشاء‭ ‬المتزلفين‭ ‬و«لحاسي‭ ‬الكابة»‭ ‬والمرتزقة‭  ‬والراغبين‭ ‬في‭ ‬الإثراء‭ ‬السريع،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬السباق‭ ‬المحموم‭ ‬الذي‭ ‬دخله‭ ‬الصحافيون‭ ‬الجزائريون‭ ‬لإنتاج‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬الكاذبة‭ ‬عن‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يعكسه‭ ‬عدد‭ ‬القصاصات‭ ‬الإخبارية‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬«وكالة‭ ‬الانباء‭ ‬الجزائرية،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التهجم‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬«انفعال‭ ‬عابر»‭ ‬بل‭ ‬عقيدة‭ ‬إعلامية‭ ‬الغاية‭ ‬منها‭ ‬استهداف‭ ‬المؤسسات‭ ‬المغربية‭. ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭  ‬دولة‭ ‬تفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الرشد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬الخلافات،‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تراهن‭ ‬على‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولا‭ ‬تستحضر‭ ‬حتى‭ ‬منطق‭ ‬القرب‭ ‬الجغرافي،‭ ‬بل‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬«الجوار‭ ‬صعبا»،‭  ‬و«المصير‭ ‬المشترك»‭ ‬معلقا‭.. ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يعلن‭ ‬المغرب‭ ‬تخليه‭ ‬عن‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬تمام‭ ‬الإدراك‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬المنطق،‭ ‬ولا‭ ‬يدير‭ ‬لعبته‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬التفاوض‭ ‬والإقناع‭ ‬ومد‭ ‬اليد‭ ‬وتطوير‭ ‬العمل‭ ‬الديبلوماسي‭.‬

يسير‭ ‬المغرب‭ ‬بخطى‭ ‬حثيثة‭ ‬واثقة‭ ‬صوب‭ ‬الحسم‭ ‬النهائي‭ ‬لملف‭ ‬الصحراء‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكده‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬والعربي‭ ‬والإفريقي،‭ ‬ولذلك‭ ‬ليس‭ ‬ذنبه‭ ‬أن‭ ‬حكام‭ ‬الجزائر‭ ‬لا‭ ‬يتوفرون‭ ‬على‭ ‬السرعة‭ ‬نفسها،‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الحافز‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬تبقى‭ ‬لتدبير‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدولية‭. ‬كما‭ ‬ليس‭ ‬ذنبه‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الإعلام‭ ‬الجزائري‭ ‬إلى‭ ‬جوقة‭ ‬مثيرة‭ ‬للسخرية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬أقطاب‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬لا‭ ‬تتوانى‭ ‬عن‭ ‬التضليل‭ ‬والاختلاق،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬الهزيمة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الكابرانات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المد‭ ‬المغربي‭ ‬الفعال‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية"الوطن الآن"
                                                                                         رابط العدد هنا