السبت 27 يوليو 2024
كتاب الرأي

علي بوزردة: عندما يريد وزير إسرائيلي إعادة إنتاج دراما "هيروشيما" في غزة

علي بوزردة: عندما يريد وزير إسرائيلي إعادة إنتاج دراما "هيروشيما" في غزة علي بوزردة
قبل 7 أكتوبر، كانت إسرائيل تتباهى أمام جيرانها العرب بأنها دولة لا تقهر، ولم تخف اعتزازها، أو بالأحرى غطرستها، بكونها إحدى الدول التي تمتلك وحدات مسلحة وأجهزة أمنية وأنظمة استخباراتية الأكثر تطورا في العالم.
أدى الهجوم المفاجئ الذي شنه مسلحو حماس في "السبت الأسود" يوم الغفران إلى الاطاحة بأسطورة قوة إسرائيل "العملاقة"، وصدم سكانها المدنيين الذين اعتقدوا قبل ذلك بأنهم في مأمن من أي خطر، خاصة بعد تصفية آلاف الأشخاص، بالاضافة الى احتجاز 240 رهينة. 
 
 "مأساة" ستظل خالدة في ذاكرة الإسرائيليين إلى الأبد، دون أن ننسى العار الذي شمل L’Establishment المؤسسة الإسرائيلية في مواجهة مغامرة عدد قليل من مقاتلي حماس الذين استهان بهم السياسيون بأوامر من رئيس حكومة مهووس بحب الذات الى حد انه يحب أن نسميه "الملك بيبي".
علاوة على ذلك، وفي حالة من الغضب، لم يتردد نتنياهو في المقارنة بين هجوم "7 أكتوبر" والهجوم الذي شنه اليابانيون على بيرل هاربور Pear Harbour في السابع من دجنبر  1941. وقد أرغم هذا الحادث المفاجئ والجريئ الأميركيين على دخول الحرب، قبل أن تقرر واشنطن في وقت لاحق الدخول في حرب بإسقاط قنبلتها الذرية على هيروشيما.  ولقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم، كما قُتل الأشخاص القريبون من نقطة الانفجار على الفور، أما على مسافات أبعد، فقد عانى الأبرياء من الحروق والآثار الشديدة للإشعاع.  وبعد عقود، سيولد في مدينة هيروشيما ونواحيها العديد من الأطفال بتشوهات بسبب هذا الإشعاع الرهيب.  ولم تعتذر واشنطن قط عن هذه الجريمة ضد الانسانية وهذا الرعب المهول.
ولا بد من التأكيد على أن اليابان في ذلك الوقت أرادت بكل تأكيد تجنب الاستسلام، خاصة أنه كان «غير مشروط» كما طالب بذلك الرئيس الأميركي هاري ترومان.
وبالعودة إلى نتنياهو، هل هذا "الحيوان السياسي" الذي "جُرح" في أناه المتضخمة وأعمته الرغبة في الانتقام، سوف يُسقط نفسه في هذه المقاربة الذرية؟  وإلا لماذا يجرؤ وزير التراث الاسرئيلي على التصريح علناً بأنه يريد إسقاط: "نوع من القنبلة النووية على قطاع غزة بأكمله، يسويها بالأرض، ويقتل الجميع"؟
باختصار: هذه «جريمة ضد الإنسانية» و«محرقة» في غزة أليس كذلك ؟ 
 كيف يمكن أن يكون لديهم مثل هذا الفقدان للذاكرة بعد كل ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية؟  أي استهزاء وأي همجية!
لقد تم بالفعل تجاوز الرقم القياسي المتمثل في مقتل 10000 فلسطيني مقارنة بوفاة ألف إسرائيلي.  وأسقط الجيش الإسرائيلي على غزة أكثر من 23 ألف طن من القنابل، وهو ما يعادل القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما في 6 أغسطس 1945.
عن ماذا، نتنياهو وحكومته المتطرفة، يبحثان عنه؟  تحرير الرهائن؟  بالطبع لا ؟
استسلام قادة حماس؟  لا.  إبادة الفلسطينيين بحجة «مكافحة الإرهاب»؟
رغبة الانتقام المفرطة في هذه الحرب التي لا نهاية لها ضد الفلسطينيين خاصة وانها تحظى بدعم أعمى من قبل واشنطن.  "لإسرائيل الحق، بل ومن واجبها، أن تدافع عن نفسها..."، هذا ما قاله وكرره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جولاته في الشرق الأوسط.  باختصار : ضوء أخضر لمواصلة القتل والتدمير في غزة حتى إشعار آخر..
ملحوظة: الأمر الغريب في قصة إعلان الوزير القومي المتطرف عميحاي إيليا هو أن نتنياهو هدد بإقالته من الحكومة. هذا الاخير كان غاضباً منه، ليس لفكرة "إلقاء القنبلة الذرية على غزة"، لا أبداً. نتانياهو "زعل منه" لأنه اعترف رسمياً بامتلاك إسرائيل القنبلة النووية. 
وأمام الضجة التي أثارتها تصريحاته، اضطر الوزير المعني إلى نشر رسالة على موقع X (تويتر سابقًا) يدعي فيها أن تصريحه كان "مجازيًا".
استعارة ومجاز في زمن الحرب؟  ولماذا لم يعترف بكل ببساطة أنها كانت "زلة لسان" تعكس في الواقع الحالة الذهنية والنفسية لصناع القرار الإسرائيليين في هذه الأوقات العصيبة؟
علي بوزردة/ عن موقع Article19.ma
ترجمة: هشام ناصر