دعا المنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم، شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى إعادة النظر في مدى جدية وزارته في التقيد بتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد أثناء تنزيل السياسات القطاعية للتربية والتعليم.
جاء ذلك في بلاغ عقب انعقاد المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم، يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2023 للنظر في الوضعية الراهنة لقطاع التربية والتعليم، ومناقشة نقاط قوتها وضعفها.
وخلص الاجتماع إلى أن وزارة التربية الوطنية لم تكن جادة في التقيد بتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد من حيث ما اقترحه من آلية للقيادة الاستراتيجية وإدارة التغيير، كما أنها لم تضع في حسبانها إرباك سير المرافق العامة للتعليم أثناء إعدادها لمشروع مرسوم النظام الأساسي، وهو ما يوحي بضعف رؤيتها الاستراتيجية لإطلاق، ومواكبة ورش تحول نظام مواردها البشرية، يؤكد ذلك تصريح الوزير أمام الإعلام بتفاجئه بباقي الملفات العالقة للأساتذة، والمتصرفين التربويين وأطر التوجيه وغيرهم.
وزاد المنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم قائلا:"نعلم أن علل منظومة التربية والتعليم قديمة وعميقة، وأن مجرد فتح ورش علاجها هو جرأة تحسب لمن يدشنها، كما أن استعجالية التغيير لا تعني بالضرورة التعجل أثناء أجرأته، فعلاج الأمراض المزمنة لا يتم في أقسام المستعجلات بالضماد والمسكنات، وإنما يحتاج إلى التحليل الدقيق والتشخيص ومنح الزمن اللازم للاستشفاء، خاصة وأن الأمر لا يتعلق ببناء الطرق والقناطر، وإنما بناء الإنسان والمجتمع".
وأفاد المنتدى أن الوزارة قد تخلت عن مبادئ الشفافية، والديمقراطية التشاركية أُثناء مناقشتها لمشروع مرسوم النظام الأساسي مع النقابات التي بدورها لم تذع بين الأساتذة بعد جلسات الحوار غير تسريبات شحيحة، وبيانات غامضة أفقدت الثقة بين الأطراف الثلاث، وهي بذلك قد رسخت عائق انعدام الثقة الذي يعتبر من المعيقات التي رصدها تقرير النموذج التنموي الجديد واقترح لها سبل التجاوز.
وشدد المنتدى على أن الوزارة "لم تتمكن بعد من اعتماد الآليات الفعالة للقيادة، وإحداث تغييرات في التصورات، والتمثلات التي أوصى بها النموذج التنموي الجديد، حيث ظهر ذلك في ارتباك ردة فعل الوزارة تجاه تصعيد الأساتذة، سواء خلال مرافعات مسؤوليها في الإعلام، أو من خلال دعوتها المتأخرة إلى عقد لقاءات تحسيسية بالأساتذة بالمديريات الإقليمية، إذ كان حريا بها عقدها بالتزامن مع إعداد مشروع المرسوم مع ضمانة تمثيلية حقيقية لهم قبل إصداره".
وأفادت أن مرسوم النظام الأساسي لقطاع التربية يتضمن " قواعد قانونية تتسم بالرمادية والغموض، بدليل وصف مسؤولي القطاع للأساتذة بالعجز عن فهم مقتضياته، وهذا معاكس لمضمون النموذج التنموي الجديد"، كما أن الوزارة "لم تنجح في جعل مهنة التدريس مهنة ذات جودة وجاذبية، كما أنها لم تحفز مواردها البشرية بالمستوى المعقول كما أوصى النموذج الجديد وهذا جلي من خلال استمرار الاحتجاجات وكذلك باعتراف مسؤولي القطاع أمام الإعلام".
وفي السياق ذاته أبرز المنتدى أن الوزارة لم توفر بعد للأساتذة المستلزمات الضرورية لنجاح مهامهم حتى تقوم بتقييمهم على أساس المردودية، مشيرة أن "ضعف البنية المادية للمؤسسات والخصاص في مواردها البشرية، والاكتظاظ، وضعف الوسائل الديداكتيكية، وغياب مقاربة بيداغوجية معتمدة واضحة وموحدة، والتخبط في التخطيط الزمني للممارسات الصفية، كلها مشاكل لا يمكن حلها عبر إثقال كاهل الأساتذة بمزيد من المهام وتعزيز ترسانة العقاب".
كما أبرزت أن تعثر إصلاح منظومة التربية والتعليم، سواء في شِقه التنظيمي أو البيداغوجي، هو تعطيل مباشر لورش تأهيل الرأسمال البشري الذي يعول على نجاحه لتحقيق طموح مغرب الغد، وبالنتيجة هو عرقلة حقيقية لمسار التنمية الذي يرسمه النموذج التنموي الجديد.