الجمعة 17 مايو 2024
جالية

أريري: شرب البيصارة في أرض العميان بإسطنبول

 
 
أريري: شرب البيصارة في أرض العميان بإسطنبول الزميل عبد الرحيم أريري يتذوق شوربة البيصارة التركية بسوق حي"كاديكوي"
هي ثلاثة أسباب جعلتني أختار قضاء يوم كامل بالضفة الآسيوية لمدينة إسطنبول:

أولا: أردت اقتفاء أثر العميان بهذا الجزء الآسيوي للمدينة الممتد على مساحة 1864 كلم مربع ( أي 34% من مساحة إسطنبول). فالغزاة البيزنطيون الأولون لما جاؤوا لإسطنبول في القرن 7 قبل الميلاد، استغربوا من من سبقهم من الإغريق الذي استوطنوا الضفة الآسيوية للمدينة بدل أن يستوطنوا في الضفة الغربية وقالوا:" الذين بنوا المدينة بهذا الموقع هم بالتأكيد عميان، ولم يروا جمال البوسفور بالضفة الأخرى"، فأعطي الأمر لتأسيس مدينة بيزنطة على مضيق البوسفور بالضفة الأوربية، وهي التي ستصبح النواة لمدينة إسطنبول.
 
ثانيا: أردت اكتشاف الحي الأكثر محافظة بإسطنبول والتجول فيه، ألا وهو حي "أوسكودار"USKUDAR. إذ رغم أن حي "أوسكودار" لا تتجاوز مساحته 80 كلم مربع، إلا أنه يشهد تخمة في المساجد، حيث يضم 180 مسجدا، أي بمعدل مسجد في كل 44 هكتار( أي مساحة ملعب محمد الخامس بالدارالبيضاء وهوامشه: ملعب جينكا والقاعة المغطاة). في حين أن مدينة إسطنبول ذات 15 مليون نسمة، لا تضم سوى 3190 مسجدا، أي بمعدل مسجد في 171 هكتارا بكامل تراب المدينة بضفتيها: الأوربية والآسيوية.
 
وهذا يفيد أن حي أوسكودار يعرف كثافة في المساجد تساوي 4 مرات ماهو سائد بباقي أحياء المدينة التركية ( مساحة إسطنبول تبلغ 5469 كلم مربع: أي 14 مرة مساحة البيضاء، و52 مرة مساحة مدينة باريس).
 
ثالثا: أردت تذوق البيصارة التركية، إذ نصحتني إحدى مستخدمات الفندق الذي أقيم فيه بالحي العتيق "آية صوفيا" الموجود بالضفة الغربية للمدينة، بأن أجمل منطقة بمكن للمرء أن يتذوق فيها شوربة البيصارة التركية هي سوق حي"كاديكوي" KADIKOY الذي يعد من أكثر المناطق صخبا بالجانب الآسيوي لإيسطنبول. ويكفي أن أستشهد بشارع  BAHARIYE الممتد على مسافة 6 كيلومترات وبأزقته المؤدية إلى منطقة "مودا" MODA، للبرهنة على حدة الاستقطاب التجاري والسياحي، بحكم انتشار المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية. وهي منطقة لا يضاهيها في الرواج سوى شارع بغداد (طوله 14 كلم) الذي يشهد هو الآخر تدفقا هائلا للأتراك والسائحين للتسوق في محلاته الفاخرة أو "التسكع" بين الحانات والمقاهي والمطاعم، بشكل جعل السكن بهذا الشارع حكرا على الميسورين جدا فقط، نظرا للسعر الخيالي لثمن المتر المربع للشقق هناك.