أكد علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، أن برنامج الدعم المالي لاقتناء السكن، سيمكن من تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن، وتقليص العجز السكني.
واعتبر علي لطفي، في حوار مع "أنفاس بريس" ان هذا البرنامج له مميزات كيرة أبرزها اعتماده على مقاربة جديدة أكثر نجاعة وفعالية وشفافية في المساعدة على تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن، تتمثل في تقديم مساعدة مالية مباشرة لمقتنين، عوض صرفها للمنعشين العقاريين.
أطلق الملك محمد السادس مبادرة الدعم المالي لاقتناء السكن، من هي الفئة المستهدفة من هذا البرنامج؟
حسب بلاغ الديوان الملكي البرنامج الجديد الخاص بالدعم المالي لاقتناء السكن، يهم الفترة ما بين 2024 و2028، وسيستفيد منه المغاربة المقيمون بالمغرب أو بالخارج، الذين لا يتوفرون على سكن بالمغرب ولم يسبق لهم الاستفادة من مساعدة خاصة بالسكن، وسيمكن البرنامج الجديد للمساعدة على السكن، من تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن، وتقليص العجز السكني، وتسريع وتيرة استكمال برنامج "مدن بدون صفيح"، وفي انتظار صدور المرسوم الذي يحدد طرق وكيفية الاستفادة ومنهم الفئات المستهدفة من الطبقة المتوسطة والفقيرة ومعايير تحديدها، هل على مستوى الدخل أم معايير أخرى تتعلق بالمحددات اجتماعية كالفقر المتعدد الأبعاد ومفهوم الطبقة المتوسطة، وعلى رأسها عدم امتلاك سكن رئيسي كشرط مبدئي للاستفادة من الدعم، بل إن وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ربطته بإحداث السجل الاجتماعي الموحد للسكن، الذي سيمكن من تحديد وضبط الفئات المستهدفة من السكن الاجتماعي، وهو ما سينهي مع أساليب السمسرة في هذه البرامج، حسب قول الوزيرة.
في اعتقادك ما هي مميزات هذا البرنامج مقارنة مع البرامج السابقة التي عرفها قطاع السكن؟
- من المميزات الرئيسية والهامة لهذا البرنامج الجديد المتعلق بالمساعدة على تملك السكن هي:
أولا: اعتماده على مقاربة جديدة أكثر نجاعة وفعالية وشفافية في المساعدة على تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن، تتمثل في تقديم مساعدة مالية مباشرة لمقتنين، عوض صرفها للمنعشين العقاريين، حيث أن الحكومات السابقة كانت تدعم الأسر الراغبة في اقتناء السكن عبر تقديم تحفيزات ضريبية، وإعفاءات ضريبية للمنعشين العقاريين تصل الى 50 الف درهم عن كل شقة يبلغ سعرها 250 الف درهم.
المميزة الثانية وهي مهمة جدا كذلك، تتمثل في تمكين الفئات المستهدفة من سكن ملائم وبسعر مناسب مدعم من طرف الدولة، عبر الرفع من قيمة المساعدة المالية لاقتناء السكن. اذا أن قيمة المساعدة ارتفعت من ما يقارب 50 ألف درهم بالنسبة للسكن الاجتماعي ولفئة محددة لا تتجاوز دخلها 5000 درهم الى مبلغ المساعدة في 100 ألف درهم من أجل اقتناء مسكن يقل ثمن بيعه أو يعادل 300.000 درهم مع احتساب الرسوم، و70 ألف درهم لاقتناء مسكن يتراوح ثمنه ما بين 300.000 درهم و700.000 درهم مع احتساب الرسوم.
أما الميزة الثالثة: انه يستهدف تقليص العجز السكني، وتسريع وتيرة استكمال برنامج مدن بدون صفيح.
رابعا: سيساهم هذا البرنامج على المستوى الاقتصادي، في الرفع من عرض السكن، وإعطاء دفعة قوية لقطاع الإسكان وتحفيز القطاع الخاص، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة وخلق فرص الشغل.
في نظرك لماذا الدولة أقدمت على هذا القرار، هل لإيجاد حل لمشكل السكن الذي تتخبط فيه الفئات الفقيرة والمتوسطة، أم أن هذا البرنامج جاء بضغط من لوبي العقار كي ينتشلهم من الأزمة والركود الذي يتخبط فيه القطاع منذ جائحة كورونا؟
بالفعل شهدت أسواق السكن والعقارات بالمغرب تغييرات كبرى وأصبحت آلية لتكديس الثروات والاستثمار وسلعة مربحة جدا، بدلاً من أن يشكّل منفعة اجتماعية وحق من حقوق الإنسان، وبالتالي أصبح السكن باهظ الثمن لا يمكن لجميع المواطنين تحمل تكاليفه الباهظة، سواء في المدن أو في البوادي، كما اشرتم الى ذلك في سؤالكم أدت الأزمة الصحية كوفد- 19 الى أزمة اقتصادية وركود وإلى تخلّف الكثير من الأشخاص عن شراء منازل أو حتى تسديد أقساط المترتبة عنهم، وظل المنعشون العقاريون يشتكون للحكومة من الركود وارتفاع أسعار المواد الأولية، وارتفاع فوائد الديون، وربما كانت هذه أيضا من ضمن أسباب النزول المتعددة، لاسيما فشل السياسة الحكومية في تحقيق أهداف توفير السكن اللائق للجميع ومحاربة مدن القصدير والبناء العشوائي ...
أطلقت الحكومات المتعاقبة العديد من البرامج السكنية، كانت في مجملها تستهدف الفئات الفقيرة والمتوسطة، كبرنامج السكن الاقتصادي، ومحاربة دور الصفيح...، إلا أن جل هذه البرامج لم تحقق الهدف منها، ولم نستطع لحد اليوم محاربة السكن الصفيحي والسكن العشوائي، أين يكمن الخلل في نظرك؟ هل الخلل في طبيعة هذه البرامج؟ أم الخلل في طريقة تنزيلها على أرض الواقع؟
- بالفعل المشروع الملكي جاء لتصحيح عدد من الاختلالات، ولتجاوز عدد من المعوقات التي أدت إلى فشل سياسات حكومية في توفير السكن الاقتصادي والاجتماعي، والقضاء على مدن القصدير، وقد رصد تقرير للمجلس الأعلى للحسابات اختلالات عديدة تشوب قطاع السكنى بالمغرب، خصوصا في ما يتعلق بدور الصفيح والمباني الآيلة للسقوط ونقص التجهيزات والبنيات التحتية. وسوء ضبط صندوق التضامن للسكن والاندماج الحضاري، والتغيير المتكرر للأهداف، حيث استمرت البؤر الخطيرة للبناء العشوائي في الانتشار في هوامش المدن، وتتسم بمناخ غير ملائم لتربية الأجيال، واستمرار صعوبات تحقيق هدف القضاء على مدن الصفيح نتيجة برامج حكومية ضعيفة، وممارسات سيئة تغيب عنها الحكامة والشفافية. وتفشت فيها ممارسات الفساد والاغتناء اللامشروع لبعض المتاجرين في العقار، الذين كانوا يحظون بمساعدات سخية من الدولة، بالاستفادة من العقار بأثمنة بخسة والإعفاءات الضريبية وبيع منتجاتهم بأسعار مرتفعة جدا، تحت غطاء الدعم الاجتماعي للسكن الاجتماعي أو تحويل أراضي مخصصة لمشاريع صناعية الى اسمنت، اختلالات كبرى عرفتها برامج السكن الاجتماعي وبرنامج مدن بدون صفيح، وبرنامج معالجة الدور المهددة بالسقوط، فضلا عن ضعف جودة السكن الاجتماعي، وهي معضلة اشتكت منها عدة أسر دون جدوى، بسبب عدم احترام بعض المنعشين العقاريين للمعايير الملزمة في بناء الشقق متكاملة وآمنة، فضلا عن تمركز غالبية الاستثمارات في المدن الكبرى وتهميش ونسيان العالم القروي ومدن المغرب العميق، علاوة على تفشي ظاهرة "النوار" والتملص الضريبي، وتجميد استثمارات وتعثر ملفات لدى الوكالات الحضرية، بسبب غياب الحكامة وغياب الالتزام ببناء المرافق الاجتماعية الضرورية. وفي غياب الشفافية والمراقبة من طرف الوزارة تفشت بشكل كبير ظاهرة السمسرة والعلاقات، استطاعت فئة لا تستوفي شروط الاستفادة من اقتناء منزل ثانوي في المدن الساحلية على حساب الفئات الفقيرة والمتوسطة كما وقع في برنامج الراميد.
ينص البرنامج الذي أشر عليه الملك على إحداث 12 وكالة جهوية للتعمير والإسكان مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجال الحضري والعالم القروي على حد سواء، هل هذه الوكالات ستعوض المؤسسات المتخصصة في المجال كالوكالات الحضرية، ومندوبيات الإسكان والتعمير وأقسام التعمير ...، أم أنها ستكون مستقلة عنهم؟
ومن أجل التمكن من تنزيل برنامج المساعدة على السكن ومواكبة عملية تجديد التخطيط العمراني والمجالي، سيتم إحداث 12 وكالة جهوية للتعمير والإسكان مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجال الحضري والعالم القروي على حد سواء. ونعتقد أن أحداث 12 وكالة جهوية، أصبح ضرورة ملحة في إطار الجهوية الموسعة كمؤسسات عمومية جهوية مستقلة تلعب دورها الأساسي كفاعل في تأطير وتأهيل المجال المعماري الحضري والقروي، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين والمتدخلين بالجهة، وتتحمل مسؤولياتها في إنعاش الاستثمار العقاري والتنمية الاقتصادية وفق هندسة معمارية تحترم فيها الهندسة المعمارية المغربية، والتراث المعماري للجهة، وبناء أمن مضاد للزلازل وفي بيئة نظيفة متكاملة، تتوفر على مدارس مصحات وحدائق ومساحات خضراء وملاعب وخلق فرص الشغل، وهو ما يتطلب أن تصبح الوكالات الحضرية مؤسسات عمومية مستقلة، ومراقبة طبعا من طرف الدولة وومتعاونة مع مكاتب عمومية مختصة LP2E للسهر على احترام شروط البناء وجودته وسلامته، خاصة أن ما عرفه المغرب بعد زلزال الحسيمة وزلزال الحوز يتطلب اعتماد معايير علمية آمنة في الهندسة المعمارية، مع احترام التراث الحضاري المغربي في كل جهة والعناية الشاملة بموظفي وموظفات وأطر الوكالات الحضرية، وتحسين وضعهم المادي والمعيشي والمهني في إطار قانون أساسي جديد يأخذ بعين الاعتبار المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم وكفاءتهم المهنية والخبرة والتجربة في الميدان.
ما الوصفة في نظرك كي نظمن نجاح هذا البرنامج الجديد، ونحقق الهدف الذي أحدث من أجله؟
مما لاشك فيه أن المشروع يأتي في إطار إرادة ملكية لتحقيق بناء مختلف أركان الدولة الاجتماعية، من خلال تنزيل عدة أوراش كبرى ذات أهمية وأولوية في التنمية المستدامة، بدءا بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة والتي تتضمن تأمين صحي للجميع، ودعم مباشر للأسر الفقيرة وتقاعد وتعويض عن فقدان الشغل، وتمتيع المواطنين المغاربة خاصة الطبقات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة بسكن لائق، باعتبار أن السكن اللائق أساس الاستقرار والأمن للفرد والأسرة. وبما أنّ المنزل هو محور حياتنا الاجتماعية والعاطفية ولربّما الاقتصادية أحيانًا، يجب أن يشكّل ملاذًا لنا ومكانًا نعيش فيه بسلام وأمان وكرامة. قد تمَّ الاعتراف بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب في المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودستور المملكة المغربية ، لذلك اعتقد ان هذا البرنامج الذي يستمد مشروعيته من الإرادة الملكية في بناء الدولة الاجتماعية سيحقق أهدافه وعلى الحكومة السهر على تنزيل كافة مضامينه بشفافية وامانة ليستفيد الجميع على قدم المساواة وعدالة مجالية بين المدن والقرى، ووفق اجندة محددة للقضاء على مدن الصفيح والدور الآيلة للسقوط، وضمان السكن اللائق كحق من حقوق الانسان، ومن أهداف العامة للمشروع دعم القدرة الشرائية للأسر ومحاربة الفقر والهشاشة.