رغم ما يقوم به رجال السلطة من مهام ووظائف للحفاظ على النظام والأمن العموميين وتحقيق التنمية الترابية، فإن هناك صعوبات تواجه تحقيق هذه الأهداف، ومن أجل العمل على تجاوزها، يبقى الالتزام بالمقتضيات القانونية وتسخيرها هو الحل. وإن نحن قمنا بالبجث بدستورسنة 2011، نجد أنه جاء بحلول لكل المشاكل التي تعرقل وتعطل مسلسل التنمية والسياسات التنموية، لكن التنزيل الأمثل لهذه السياسات لا يستقيم إلا بالتنزيل السليم للمقتضيات الدستورية والنصوص المنبثقة عنها، ومن أهم ما جاء به الدستورالمغربي لسنة 2011 نجد المقاربة التشاركية والحكامة الجيدة وسيتم من خلال هذا الموضوع التطرق لدورهما في تجاوز الصعوبات التي تؤثر سلبا على التنمية، لذلك فقد تم تقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين المطلب الأول تم تخصيصه للصعوبات التي تعطل التنمية الترايبية أما المطلب الثاني فيتحدث عن افاق النهوض بالتنمية الترابية
المطلب الأول : الصعوبات التي تعطل التنمية الترابية.
يعتبر رؤساء جمعيات المجتمع المدني إلى جانب النخب السياسية المحلية أهم المعنيين بالمصلحة العامة وحسن تدبير الشأن المحلي من خلال المقاربة التشاركية لكن ضعفهم يؤثر سلبا على مسلسل التنمية لذلك لضعف دور العمل الجمعوي (الفقرة الأولى) وكذلك ضعف النخب السياسية المحلية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : دور العمل الجمعوي.
يشكل العمل الجمعوي في البلدان المتحضرة أحد الأركان الاساسية في تأطير المواطنين وتمثيلهم حيث أصبح معولا عليه في التعبيرعن طموحاتهم من أجل لعب دور الوساطة بين المجتمع وباقي الجهات سواء كانت سلطة أو منتخبين أو غيرهم، وذلك عن طريق المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات وصنعها وبلورتها ومتابعة تنفيذها بل وممارسة الرقابة الأدبية على الهيئات المنتخبة والتنفيذية في قيادة المسيرة التنموية. خصوصا و أن النسيج الجمعوي يتمتع بقدر وافر من الضمانات الفعلية التي يتمتع بها من استقلالية مالية وإدارية وحياد تام عن أي
تموقع سلطوي، سياسي أو انتخابي بذلك أصبح قوة اقتراحيه فعالة و منظمة تسهم في تفعيل التنمية الشاملة والمستدامة و في العمل على تحقيق هذه التنمية في مجالات شتى ومن دون أن تدخل في لعبة الأرقام عن التكاثر السرطاني الذي يعرفه النسيج الجمعوي بالمغرب، ما يعرف بظاهرة التفريخ الجمعوي وهي ظاهرة صحية لا محال حيث أصبح تاسيس الجمعيات في بلدنا سهلا ميسرا يهم مجالات عدة، فإن بعض الجهات استغلت كل هذا التيسير لخلق جمعيات لخدمة أهداف معينة طمعا في الاسترزاق، أو لاهداف انتخابية، وقد يتم التخلي عن هذه الجمعيات بمجرد الانتهاء من المهمة الموكولة لها، ولعل استغلال ضعف التكوين أو ضعف المستوى الدراسي لفاعلين محسوبين على العمل الجمعوي من طرف الانتهازيين الذين وجدوا في العمل الجمعوي ضالتهم.
- الثانية : النخب السياسية المحلية.
لا يمكن للنخبة السياسية أن تنجح في أداء مهامها ووظائفها وأدوارها إلا إذا كانت نخبة مثقفة ومبدعة ونزيهة، وتجعل المصلحة العامة قبل مصلحتها الشخصية بمعنى أن النخبة لا تكتسب قيمتها المجتمعية إلا بخدمة الدولة والمواطنين، وتسعى إلى التضحية والوفاء والتجلد والصبر، مع التطلع إلى تحقيق الأهداف التي سطرتها في برامجها السياسية أو النقابية، وتكون ملتزمة بما نادت به من شعارات سياسية أو إدارية أو اقتصادية أو مجتمعية، مع تطبيقها على أرض الواقع بشكل عاجل أو متدرج حسب أهمية المشاريع والقرارات والأولويات وبفعل واقع اللامركزية الذي عايشه المغرب والذي تميز بمحدودية المستوى التكويتي والمعرفي للمنتخبين دخل المغرب في ما سمي بتجربة المناظرات الوطنية للجماعات المحلية منذ السبعينات تقريبا، هذه المناظرات التي هي حلقات دراسية يتوقف من خلالها المنتخبون على ثغرات اللامركزية و مستلزمات النهوض بها، ما يتيح أمامهم فرصة للتكوين الضروري لممارسة مهامهم الانتدابية ويعتبر ضعف المستوى المعرفي لدى النخب من الصعوبات التي يعاني منها العمل السياسي جهويا ذلك أن المشرع لم يشر إلى شرط الكفاءة التعليمية في المترشحين للمجالس الجهوية مما يشكل عقبة أمام تسيير هذه المجالس، فكيف للمنتخبين ذوي المستوى التعليمي المتواضع أو المنعدم أحيانا، أن يحللوا وتائق ذات الطبيعة التقنية، ومما لاشك فيه أن عدم اشتراط المشرع لمستوى تعليمي ومؤهلات علمية في المنتخبين أن يسقط المجالس الجهوية فى أيدى الهواة بدل المختصين أو المؤهلين لذلك والاعتقاد بأن اشتراط مستوى تعليمي معين أو عنصر الكفاءة من شأنه أن يمس بالديمقراطية، يجانب الصواب، فعنصر التعليم والكفاءة شرط الفعالية الديمقراطية، إذ من غير المعقول في ظل تعقيدات الشأن المحلي أن يتولى قيادته لا يتوفرون على الحد الأدنى من التعليم والكفاءة. وعلى العموم فإن محدودية التكوين المعرفي في المجالس حاليا يضعنا أمام صورتين إمامجالس تعيش إخلال في التدبير وإما تدخل السلطة المحلية للقيام باختصاصات هذه المجالس.
المطلب الثاني : افاق النهوض بالتنمية.
لقد أكد دستور سنة 2011 على مبادئ الحكامة الجيدة (الفقرة الأولى) كما تضمن المقاربة التشاركية (الفقرة الثانية).
- الأولى : إحداث المرصد الوطني للمرافق العمومية.
تنزيلا لأحكام الدستور ولا سيما الفصل 157 منه، تم إصدار القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية كإطار مرجعي يحدد مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية الأخرى والأجهزة، وقد خصص هذا القانون بابا لإحداث مرصد وطني للمرافق العمومية لرصد مستوى حكامة ونجاعة هذه المرافق وكذا جودة الخدمات التي تقدمها، حيث يتولى مهمة جمع المعطيات والمعلومات المتعلقة بالمرافق العمومية، وإنجاز دراسات وأبحاث، وتقييم وقع الاستراتيجيات والمخططات والبرامج، واقتراح تدابير وإجراءات لتطوير أداء هذه المرافق والرفع من جودة خدماتها. وفي إطار التنزيل السليم لمقتضيات القانون رقم 54.19 السالف الذكر وأمر أنهاء من خلال هذا المرصد الوطني يمكن رصد الكثير من المستويات وجعله الية للتقييم حتى بالنسبة للموظفين والأعوان بمختلف المؤسسات الإدارية والقضائية وإحداث مرصد بكل جهة في إطار الحكامة الترابية.
الفقرة الثانية : اعتماد المقاربة التشاركية.
إن الحديث عن المقاربة التشاركية يأتي في سياق التحول في العلاقة القائمة بين السلطة والمواطنين فلم يعد الاهتمام بالشان العام والعناية به حكرا على الدولة والجماعات الترابية فقط، بل إن أطراف أخرى أصبحت مدعوة لتساهم في تدبير الشأن العام الترابي، ونذكر هناعلى الخصوص الساكنة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتطور وعي الأفراد نتيجة انتشار المعلومات، وارتفاع المستوى الدراسي والثقافي يقوي من فرص تفعيل المقاربة التشاركية، ويجعل العمل بها ضرورة ملحة. إن الأهمية التي يكتسبها مفهوم المقاربة التشاركية تتجلى في أنه يقدم منظورا جديدا لتدبير التنمية الترابية ينطلق من إعادة توزيع الأدوار بين الفاعلين المحليين كما أنه يمكن من إعادة النظر في مفهوم المشاركة المحدودة المتخصرة فى التمثيلية السياسية، التى تحمل المشاركة في مجرد الإدلاء بالصوت الانتخابي، وذلك للقصـ ور فى تحقيق رغبة المواطنين في المشاركة فى التدبير الترابي و العمل بمفهوم المشاركة الذي يندرج ضمن الديمقراطية االتمثيلية قد صار لا يفي بالغرض المطلوب، فهذه الأخيرة بينت عن أزمة تتمثل في وجود ضعف في التواصل الفعال وفي تعميق الروابط التدبيرية بين السكان وممثليهم، وهكذا جاءت الديمقراطية التشاركية، لكي ترفع هذا التحدي وتساهم في إعادة تصحيح الإشكالية السابقة من هذا المنطلق، يمكن القول إن الاعتماد على المقاربة التشاركية كنهج التدبير الشأن العام الترابي. أصبح ضرورة أساسية للنهوض بالتنمية الترابية بكافة مظاهرها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولقد نص القانون التنظيمي على العمل وفقا لمنهج تشاركي مع الساكنة والمجتمع المدني وبتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة، وتماشيا مع توجهات برنامج التنمية الجهوية. وإنه من خلال تفعيل المقاربة التشاركية الحقيقية، سيكون التنسيق بين كل الأطراف بما فيهم رجال وأعون السلطة سواء في المجالات الأمنية أو التنموية، وذلك لأجل الحفاظ على الاستقرار والأمن والأمان والسلم الاجتماعي والتعاون، كما يمكن المنهج التشاركي تشجيع التضامن والعمل الإنساني ولقد بينت الكارثة الطبيعية التي تعرض لها المغرب، أن الشعب مجند وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
خاتمة :
إذا كانت الحكامة ترتكزعلى ربط المسؤولية بالمحاسبة فان المقاربة التشاركية مرتبطة بالقيم الإنسانية والمبادئ التي تميزالمغاربة الصالحين وهذا ما أوصى به جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه بإن التضامن يجد منهله في أخلاقنا وتربيتنا وثراتنا ويجب أن يكون تضامنا مستمرا لمساعدة الفقراء.
ولقد نجح الملك محمد السادس حفظه الله في تنمية المغرب بالارتقاء به إلى مصاف الدول التي يحتدى بها كما حرص على الاهتمام بالفقراء من خلال تنزيل العديد من برنامح الدعم في السراء والضراء وتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية وتعميمها على جميع المغاربة
- كان الدستور يتضمن المقتضيات التي يجب العمل بها فإن حكمة جلالة الملك محمد السادس وخطبه السامية بمثابة التوجيه وخارطة الطريق للنجاح في جميع المجالات والحلول لكل المشاكل حيث أكد جلالته على أن الالتزام بالجدية في العمل يجب أن تكون مذهبنا لما لها من نتائج إيجابية لتحقق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية.
المراجع :
الخطب الملكية السامية
الدستور المغربي لسنة 2011 القانون رقم 54.19
عمر دغوغي الادريسي الفـــســاد في الـــعـــمـــل الـــجـــمـــعــوي.
هشام ورقيا ضعف النخب المحلية وتطلعات الجهوية المتفدمة.