سفيرة المغرب ببلغاريا: الزلزال أظهر سمة التعايش والتضامن بين الملك والشعب ومدى صمود المغرب أمام الأزمات

أكدت السفيرة زكية الميداوي، سفيرة المغرب ببلغاريا، في حوار تلفزي على القناة البلغارية Nova TV من خلال برنامج "Réveille-toi"، أن الزلزال الذي ضرب المغرب ليلة 8 شتنبر 2023، قد أدى إلى تدمير كافة الدواوير والقرى بإقليم الحوز، مهدما منازل وبنى تحتية، بما في ذلك الطرق، ما تسبب في سقوط العديد من الضحايا والإصابات.
وأبرزت سفيرة المغرب ببلغاريا، أن الزلزال أظهر سمة التعايش والتضامن التي تجمع، دائما وأبدا، الشعب المغربي بملوكه، وتبرز مدى صمود المغرب أمام الأزمات.

سعادة السفيرة، ما هي آخر أرقام الوفيات والجرحى؟
- بداية، أود أن أشكرك السيدة آني ساليك، وأن أشكر فريق NOVA TV على استضافتي في هذه المقابلة، خاصة والتغطية الجيدة التي قامت بها قناتكم التلفزيونية للوضع في إقليم الحوز، الذي يعتبر مركز الزلزال المدمر الذي ضرب بلدي المملكة المغربية.

أود أيضًا أن أشكركم على تعاطفكم مع بلدي في هذه الأوقات الصعبة وأهنئكم على التزامكم بقضية الأطفال، كسفيرة للنوايا الحسنة لليونيسف.

حسب بلاغ لوزارة الداخلية المغربية، فقد بلغ عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب عدة أقاليم وعمالات مغربية، 2946 شخصا، فيما وصل عدد الجرحى إلى 5674 شخصا.

في إندونيسيا، وبنما، وأيضا في تركيا – اهتز العالم حرفيا في الأشهر الأخيرة، لكن وسائل الإعلام العالمية تحدثت عن زلزال القرن - الذي ضرب المغرب – فماهي الاضرار التي خلفها؟
- ذلك أن هذا الزلزال (بقوة 6.9 درجة) يعد الأعنف بعد الزلزال الذي بلغت قوته 5.7 درجة والذي دمر مدينة أكادير في فبراير 1960، وأدى إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص على الساحل الغربي من البلاد. اما الزلزال الحالي، ذو القوة الغير المسبوقة، والذي ضرب وسط المغرب ليلة 8 شتنبر 2023، فقد أدى إلى تدمير كافة الدواوير والقرى بإقليم الحوز، مهدما منازل وبنى تحتية، بما في ذلك الطرق، ما تسبب في سقوط العديد من الضحايا والإصابات.

وبناء على التعليمات الملكية السامية، فقد تحركت على الفور كافة هياكل الدولة والمجتمع المدني والمواطنين المغاربة للتدخل وتقديم المساعدات الأساسية. وبفضل هذه التعبئة المباشرة تمكنا من إنقاذ العديد من الأشخاص الذين دفنوا تحت الأنقاض.

تظهر مقاطع الفيديو مباني تاريخية قديمة وهي تنهار الواحدة تلو الأخرى. كما لا تملك السلطات أي وسيلة لمعالجة هذا الأمر، ولكن من المحتمل أن تكون هناك مشاكل أخرى تتعلق بجودة بناء المباني الحديثة ومراقبة تراخيص البناء. هل صحيح أنه في المغرب غالبا ما يكون للمبنى عدة مالكين ويتم بناؤه بشكل عشوائي وبدون مخطط معماري؟
- يتواجد مركز الزلزال على بعد 72 كيلومترا جنوب غرب مراكش، رابع أكبر مدينة في البلاد ومقصد سياحي شهير، وهي موطن لتراث تاريخي وثقافي غني ومتنوع. وقد تأثرت العديد من المعالم التاريخية، بما في ذلك مواقع مصنفة من قبل منظمة اليونسكو كتراث عالمي، بدرجات متفاوتة، ولكن لم تتدمر.

على سبيل المثال، تعرض مسجد الكتبية، الذي يمثل قيمة عالمية استثنائية بمئذنته التي يبلغ ارتفاعها 77 مترًا (التي أسسها المرابطون في الفترة 1070-1072)، لأضرار. وبالتالي، وبحسب خبراء في مجال التراث التاريخي والثقافي، فإن عملية ترميم الآثار المتضررة من الزلزال قد تمتد إلى 6 أشهر، حسب درجة الضرر.

وتجدر الاشارة أن اقليم الحوز، الواقع في جهة مراكش، هو الأكثر تضررا من الزلزال.

وتعمل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة وكذا الوكالات الحضرية المنتشرة بجميع ربوع المملكة، وكذا المؤسسات شبه العمومية الأخرى، على ضمان احترام القوانين والقواعد ومعايير البناء المعمول بها في المغرب. إضافة إلى ذلك، فإن هناك لجان تقوم بالمراقبة والتحقق مما إذا كانت أعمال البناء تحترم المعايير المطلوبة.

وللتذكير، ففي المغرب، لا يمكن لأي أحد أن يبني شيئا دون الحصول أولا على ترخيص من السلطات العمومية المعنية. وبالتالي، إذا حدث اي بناء أو حتى تعديل، مهما كان بسيطا، قد تم تنفيذه دون ترخيص مسبق ودون التزام بمعايير البناء، فإن السلطة المختصة توجه تلقائيًا إنذارا للمعني بالأمر وفي حالة عدم الاستجابة تقوم السلطات بهدم الانشاءات المخالفة.

تنظيم جيد جداً للدولة -بحسب شهود عيان أكدوا أن فرق الإنقاذ مجهزة تجهيزاً جيداً توجهت على الفور إلى المناطق الجبلية أثناء الليل. ما هي الإجراءات المتبعة في المغرب في حالة الطوارئ؟
- أولا، مباشرة فور حدوث الزلزال الذي ضرب الحوز، أصدر جلالة الملك محمد السادس تعليماته للقوات المسلحة الملكية، التي سخرت بشكل عاجل، ليلة 8 شتنبر 2023، موارد بشرية ولوجستيكية مهمة، جوية وبرية، فضلا عن وحدات تدخل متخصصة، وسريعة تعتمد على فرق البحث والإنقاذ ومستشفى طبي جراحي ميداني تم إحداثه لهذا الغرض.

كما ترأس الملك محمد السادس، غداة وقوع الزلزال، جلسة عمل خصصت حصرا لتدارس الوضعية والوقوف على حصيلة الخسائر البشرية والمادية، وذلك قصد التحرك بناءا على ما حصل.

وفي هذا الصدد، أطلع المسؤولون المعنيون الملك محمد السادس، على آخر التطورات في العمالات والأقاليم المتضررة من الزلزال.

وبعد إعلان عن حالة الطوارئ والأزمات وعن حداد وطني لمدة ثلاثة أيام على أرواح الضحايا والمصابين، أصدر الملك تعليمات حازمة من أجل تعزيز إجراءات الطوارئ المتخذة، سلفا، بجميع الوسائل المتاحة على مستوى الدولة المغربية. وفي هذا الصدد، فمنذ اللحظات الأولى التي أعقبت الزلزال، قامت كل من القوات المسلحة الملكية والسلطات المحلية ومصالح الأمن ووحدات الوقاية المدنية، وكذا الوزارات المعنية، بتنسيق جهودها والتي تمحورت حول: تعزيز مخزون الدم الوطني في كافة مراكز نقل الدم بالمملكة.

• تزويد المناطق المتضررة بالماء الصالح للشرب.
• توزيع المواد الغذائية والخيام والأغطية على السكان المتضررين.
• الاستئناف السريع للخدمات العامة (المياه والكهرباء والصحة والطرق وغيرها).

كما قام الملك محمد السادس بزيارة المستشفى الجامعي “محمد السادس” بمدينة مراكش، للاستفسار وتفقد بنفسه الحالة الصحية للمصابين والاطلاع على كيفية تقديم الخدمات الصحية والرعاية لهم. واغتنم الملك محمد السادس هذه الفرصة للتبرع بدمه؛ في بادرة تشهد على تضامن وتعاطف الملك مع شعبه عموما، ومع الضحايا على وجه الخصوص.

هذا وكما شاهدتم عبر منصات التواصل الاجتماعي، فقد تبرع ملايين من المغاربة أيضًا بالدم. وهب العديد منهم داخل وخارج البلاد، لتقديم المساعدات على شكل تبرعات مختلفة (طعام، ماء، دواء، خيام، أغطية، ملابس، إلخ).

وقد أظهر هذا الزلزال سمة التعايش والتضامن التي تجمع، دائما وأبدا، الشعب المغربي بملوكه، وتبرز مدى صمود المغرب امام الازمات. فالمغاربة لا تجمعهم بملكهم فقط لحظات الفرح كالتي عشناها من خلال النتائج التي حققها المنتخب الوطني المغربي في نهائيات كأس العالم بقطر 2022 بل أيضا اللحظات الصعبة التي خلفها هذا المصاب والتي تظهر مدى التلاحم بين الشعب المغربي والعرش العلوي.

كم سيكلف الدولة ومتى يمكن إعادة بناء ما تم هدمه؟ حتى لو لم نتمكن من إحياء الموتى أو إعادة بناء المباني التاريخية ذات القيمة التي تحكي قصة الإنسانية بشكل كامل؟
- سيواصل المغرب عمليات إنقاذ ودفن الضحايا الذين فقدهم في هذا المصاب الجلل، وسيواصل توفير مستلزمات المواد الغذائية والخدمات الأساسية (كالرعاية الطبية، والمياه، والكهرباء، والأغطية، والملابس، وما إلى ذلك) والتكفل بالأطفال الأيتام وإيواء من فقدوا منازلهم.

وستكون المرحلة التالية هي إعادة بناء المساكن والبنية التحتية اللازمة في المناطق المدمرة. علاوة على ذلك، فقد ترأس الملك محمد السادس، يوم 14 سبتمبر 2023، اجتماع عمل آخر خصص لتفعيل برنامج الطوارئ لإعادة إيواء ضحايا الكارثة ورعاية الفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز، بالإضافة الى الإسراع في تنفيذ عمليات إعادة التأهيل وإجراءات إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من هذا الزلزال.
وقد شدد جلالة الملك على ضرورة أن تتم عملية إعادة الإعمار على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي بانسجام مع تراث المنطقة والذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة.

هذا البرنامج، ذو الأبعاد المتعددة، سيعبئ، أساسا الوسائل المالية الخاصة للدولة والمؤسسات العمومية، وسيكون أيضا مفتوحا للمساهمات الواردة من الفاعلين الخواص والجمعويين، وكذا الدول الشقيقة والصديقة، التي ترغب في ذلك والتي يجدد لها جلالة الملك محمد السادس بهذه المناسبة عبارات الشكر الصادقة للمملكة المغربية.

من جهة أخرى، وبالنسبة للشق المتعلق بتكلفة إعادة الإعمار والترميم، لا أستطيع أن أعطيكم تقديرًا، ولو تقريبيًا، للتكلفة اللازمة لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة والمنازل والمباني وترميم المعالم التاريخية.

كيف حالكم وحال عائلتكم وكيف عشتم هذا الزلزال؟
- يعيش أفراد عائلتي في مدينتي الرباط وفاس، وهما بعيدتان تمامًا عن مراكش. وعلى الرغم من هذه المسافة، إلا أنهم شعروا بالهزات الأرضية وغادروا منازلهم متجهين إلى أماكن أكثر أمانًا. لقد كانت هذه المأساة مؤلمة لكل المغاربة، وحتى بالنسبة لأولئك الذين يقيمون خارج المغرب، فقد عاشوا هذا الوضع بخوف وفزع.

بالنسبة لي، فأنا مكسورة حتى أعماق قلبي وروحي وأشعر بحزن رهيب وأتمنى أن أتمكن مع مرور الوقت من التغلب عليه.

أخيرًا، هل هناك أي شيء تودون مشاركته مع البلغار الذين يشاهدونكم الآن؟
- وقبل أن أختم هذا اللقاء، أود أن أتقدم للشعب والحكومة البلغارية بتعازيّ الحزينة والصادقة إثر الفيضانات الأخيرة التي تسببت بخسائر بشرية ومادية في البحر الأسود في بلغاريا.

وأود أن أعرب عن امتناني للشعب البلغاري وقادته، نساء ورجالا، كل حسب رتبته وألقابه، ولجميع الأصدقاء والمواطنين في بلدكم الجميل، الذين أظهروا لي دعمهم وتضامنهم وتعاطفهم.