الخميس 6 فبراير 2025
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: جمعيات ومبادرات مدنية بفرنسا من اجل دعم المتضررين من زلزال الحوز

يوسف لهلالي: جمعيات ومبادرات مدنية بفرنسا من اجل دعم المتضررين من زلزال الحوز يوسف لهلالي
موجة تضامن كبيرة بفرنسا من اجل دعم ضحايا الزلزال، كان وراءها مغاربة مقيمون بفرنسا أو فرنسيون مرتبطون بالمغرب، وهي مبادرات مست كل التراب الفرنسي، وعكسها الاهتمام الإعلامي الكبير بهذه الفاجعة التي ضربت المغرب، رغم ان جزء من هذا الاعلام كان أحيانا بعيدا عن الموضوعية بل قام بدور سيء في تغطية هذه الفاجعة وفي ترويج اخبار زائفة، منها مثلا القول برفض الحكومة المغربية للمساعدات الدولية.
هذه المبادرات لتضامن قامت بها مئات الجمعيات في مختلف المدن والجهات الفرنسية سواء من خلال جمع الأموال او مختلف الحاجيات التي يحتجها المتضررون في عين المكان من اغطية وادوية وملابس وتجهيزات طبية.
وصاحب هذه العملية من اجل جمع التبرعات فنانون ومشاهير من أصول مغربية او فرنسية من اجل تعبأة الراي العام الفرنسي ومن أجل توفير الدعم لضحايا هذا الزلزال.
"المغرب بلد كبير وله الإمكانات لمواجهة هذه الكارثة " يقول ارتير وهو أحد أبناء الدار البيضاء وهو منشط تلفزي كبير بفرنسا في تصريح للقناة الثانية التي نظمت ليلة خاصة حول هذا الزلزال ودعي كل الفعاليات من اجل دعم بلدهم المغرب. وكذلك الفرنسيين من أصدقاء المغرب وعددهم كبير.
وفي نفس الاتجاه، قام فنانون من أصول مغربية بفرنسا بمبادرات لدعم بلدهم الأصلي مثل جاد المالح الذي قاد حملة لجمع التبرعات على أحد القنوات الإخبارية الفرنسية بالإضافة الى ايلي سمون، جمال الدبوز، الذي تنتقل الى مراكش وتبرع بدمه في خطوة لتشجيع هذه المبادرة.
وامام هذه التعبأة الكبيرة وسط المجتمع المدني وفي الأوساط الغير الرسمية من اجل دعم ومساندة ضحايا الزلزال في هذه المحنة، عرفت فرنسا صوتا ووجها اخر، مثله جزء من الاعلام الذي كان متحاملا، وأطلق حملة ممنهجة مفادها "ان السلطات المغربية ترفض المساعدات الغربية"، في حين ان اسبانيا وبريطانيا هي من اول البلدان الغربية التي تشارك فرقها في الإنقاذ.
هذه الحملة في بعض وسائل الاعلام الفرنسية، كانت تستهدف سيادة المغرب، وتستهدف قراره السياسي في اختيار المساعدات التي هو في حاجة اليها، وفي تنظيم المساعدات الإنسانية فوق ترابه. ولا يمكن للمغرب ان يقبل مساعدات عشرات الدول التي اقترحت ذلك، والا أصبحت هذه المساعدات عبئا يجب تنظيمه وحمايته في منطقة وعرة وشاسعة وفي ظل طرق مقطوعة ووعرة لا يمكنك الوصول الى سكانها الا عبر الجو وعبر الوسائل التي توفرها القوات المسلحة المغربية التي تتواجد في الميدان مند اللحظات الأولى لهذه الكارثة.
طبعا هذه الحملة في بعض وسائل الاعلام الفرنسية، والتي قدمت الحكومة المغربية على انها ترفض المساعدات الدولية وترفض انقاد سكانها. هو ادعاء خطير يمكن ان يتسبب في فوضى بالمنطقة في حالة تصديقه.
هذه الحملة جاءت في ظروف خاصة وهي البرود في العلاقات المغربية الفرنسية بسبب تخلف الموقف السياسي الفرنسي حول قضية الوحدة الترابية للمغرب بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة الرباط على الاقاليم الجنوبية والموقف الداعم للحكم الذاتي من طرف اسبانيا وألمانيا.
لكن رغم الحملات التي قام بها البعض، فان الروابط الإنسانية والاجتماعية بين البلدين كانت اقوى وهي التي تفسر هذا الاهتمام الاستثنائي فرنسيا بهذه الفاجعة التي ضربت المغرب، حيث تضم فرنسا أكبر جالية مغربية بالخارج تتجاوز ميلون ونصف المليون نسمة ونصفهم من مزدوجي الجنسية. بالإضافة الى 50 ألف فرنسي يقطنون المغرب وهو ما جعل المجتمع المدني الفرنسي والجالية المغربية بهذا البلد تتحرك بقوة من اجل مساعدة إخوانهم في هذه المحنة، حيث تقوم مئات الجمعيات بحملات من اجل جمع التبرعات والدعم للمناطق المنكوبة وتجنيدهم لكل الوسائل التي يتوفرون عليها. سواء من خلال جمع المساعدات المادية وكذلك المالية من خلال مختلف الجمعيات بمختلف المدن الفرنسية. بالإضافة الى وجود جمعيات غير رسمية للإنقاذ التي تشارك وتعمل تحت امرة فرق الإنقاذ المغربية بالإضافة الى مختلف الجمعيات الفرنسية المغربية المتواجدة بالميدان.
ومن الجمعيات الفرنسية الكبرى التي لها شركاء في الميدان بالمغرب وحاضرة في المناطق المنكوبة، الإنقاذ الشعبي "سكور بوبيلير" الصليب الأحمر الفرنسي ومؤسسة فرنسا، وهي كلها مؤسسات تقوم بجمع التبرعات وتبعث بها الى عين المكان. هذا بالإضافة الى جمعيات المهاجرين من مختلف المدن.
هذا ما يجعل المجتمع المدني الفرنسي حاضرا بقوة في عملية الإنقاذ التي تتم بالمناطق الحوز التي أصابها الزلزال رغم غياب فرنسا الرسمية عن هذه العملية. وهو ما يجعل علاقة المجتمعين اقوى من البرود في العلاقات السياسية بين باريس والرباط.