خصصت صحيفة "غارديان" البريطانية -نقلا عن الموقع الإلكتروني لصحيفة 24 الإماراتية- افتتاحيتها اليوم الجمعة (1 غشت 2014)، لتسليط الضوء على بشاعة العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استهدف قتل الأطفال الأبرياء والذي وصفته بالفعل "المشين والقذر".
وقالت الصحيفة إن الحروب تقتل البشر، بمن فيهم المعلمون داخل فصولهم، والممرضات في مستشفياتهم، والمزارعون الذين يعملون بحقولهم، ولكن عندما يموت الأطفال جراء الصواريخ تستهدفهم مباشرة فهذا نوع آخر من "القذارة"، فالأطفال لا يملكون أدنى مسؤولية تجاه ما يحدث أو حتى تواطؤ البالغين.
مسؤولية الجميع
وتابعت أن الأطفال لا يعرفون شيئاً عن البروباغندا، ولم يخرجوا للهتاف في مسيرات غاضبة، كما لم يباركوا رجالهم ويرسلوهم للقتال، ولم يجلسوا في اجتماعات لمناقشة إيجابيات وسلبيات بدء حرب افتعلت من قبل رجال في منتصف العمر، هم يموتون فقط، أو يفقدون أطرافهم وتفقأ عيونهم.
وفي كواليس مدرسة جباليا الابتدائية، شهد مسؤولو الأمم المتحدة معاناة ودموع أطفال غزة، حيث قاموا سريعاً بنقل صور للعالم، جعلت مأساة أطفال غزة مسؤولية الجميع, ثم بدأت إسرائيل "مناورتها السياسية المعهودة"، وسارع الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، الذي ادعى الحزن، بإلقاء اللوم على الجانب الفلسطيني، قائلاً إن حماس أخفت الصواريخ والأسلحة داخل المناطق المأهولة بالسكان، وأن الجيش الإسرائيلي حاول تحديد أهدافه بدقة، إلا أن الأخطاء "تحدث أحياناً".
وأضافت الصحيفة بسخرية أن إسرائيل لم تفسر لماذا لم تضع حماس مقاتليها في ملعب كرة قدم، بحيث يمكنها أن تقصفهم دون مخاطر على المدنيين، كما لم تشرح السبب في أن جميع القتلى من المدنيين الفلسطينيين.
غزة ساحة معركة
وقال الجنرال البريطاني روبرت سميث: "في الواقع كل الشوارع والبيوت والحقول والناس مستهدفين، لا يوجد مكان آمن، كل مكان ساحة للمعركة".
وأوضحت "غارديان" أن الإسرائيليين لم يذهبوا إلى غزة لقتل الأطفال، ولكن كما قال جون سنو في تقريره هذا الأسبوع، إن الإسرائيليين ذهبوا وهم يعلمون أنهم سيقتلون أطفالاً، لأنه من المستحيل ضمن الازدحام الذي تتصف به غزة، أن يقوموا بقصف حماس دون وقوع خسائر ضخمة، والسبيل الوحيد لتجنب قتل الأطفال هو عدم الذهاب على الإطلاق، الأمر الذي يثير مسألة في غاية الأهمية، وهو لماذا ذهبوا، والتبرير الفوري للحكومة الإسرائيلية كان أن صواريخ حماس التي تدخل عبر الأنفاق، تشكل تهديداً للمدنيين الإسرائيليين.
وتابعت الصحيفة أنه يمكن لذلك أن يتسبب بحرب، لكن تهديد حماس ما زال محدود نسبياً، رغم أنه قد يصبح أخطر مع مرور الوقت، و تساءلت الصحيفة ما الذي يبرر استخدام القوة بسبب شيء يمكن أن يحدث مستقبلاً، بدلاً من شيء قد حدث بالفعل، وتابعت أن تهديد حماس لأمن إسرائيل، قد لا يتحقق في الواقع، بسبب التفوق التقني الإسرائيلي والدعم السياسي الذي تحظى به تل أبيب.
والأمر الأكثر جوهرية الذي يفسر لماذا بدأت إسرائيل الحرب على غزة، لا يتعلق بما قامت به حماس أو إسرائيل، ولكن ماذا تركت إسرائيل للتراجع، وعملية السلام التي لم تتحقق.
تجاهل السلام
وأشارت الصحيفة إلى قول الكاتب الإسرائيلي ديفيد غروسمان مخاطباً زعماء إسرائيل: "كيف أمكن أن تضيعوا السنوات التي تلت الحرب الأخيرة دون الشروع في بدء حوار للسلام، أو دون اتخاذ أدنى بادرة تجاه الحوار مع حماس، ودون محاولة تغيير الواقع المتفجرة لدينا؟".
ولفتت "غارديان" إلى أنه خلال السنوات الماضية، تجنبت إسرائيل المفاوضات مع القطاعات الفلسطينية المعتدلة، كما تجاهلت لمدة 12 عاماً، مبادرة الجامعة العربية، التي جندت خلالها دولاً عربية معتدلة لفرض سلطة على حماس لقبول حل وسطي للسلام.
حجج وذرائع
ويقول المثل الروماني: "إذا كنت تريد السلام، استعد للحرب"، ولكن هنا الحل للصراع هنا هو العكس: "إذا كنت ترغب في تجنب الحرب، استعد للسلام".
وأوضحت الصحيفة أن حكومة بنيامين نتنياهو تدفع الآن ثمن تجنبها للمفاوضات الحقيقية مع الفلسطينيين، عبر سلسلة طويلة من الذرائع والحجج، والتي بلغت ذروتها خلال المفاوضات الأخيرة التي حاول رئيس الوزراء الأمريكي جون كيري إتمامها.
وترى أنه يتوجب على حكومات العالم أن تساعد بإيجاد حل لوقف إطلاق النار يوقف القتل، وبدء الترتيبات اللازمة لتحقيق درجة من وقف النزاع المسلح وعودة السلطة الفلسطينية، ولكن ذلك لن يدوم طويلاً إذا كانت إسرائيل "ستغرق ببساطة بأرض النسيان، كما يفضل معظم السياسيين الإسرائيليين، حيث يمكن تأجيل السلام دوماً".
ضمان للمستقبل
وختمت الصحيفة بالقول إنه على الرغم أن الإسرائيليين قد يفاجئوك بنوبة من "الوقاحة والعنف"، إلا أن الكاتب ديفيد غروسمان يعتقد أنه خلف المشاهد السطيحة التي تظهر دعم العملية العسكرية في غزة، يمكن إدراك تحول في الرأي العام الإسرائيلي، الأمر الذي يفرض على كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ضمان ألا يكون هناك حرب على غزة، وألا تسقط قذيفة أخرى في فناء مدرسة فلسطينية مجدداً.