الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

كريم مولاي: الجزائر دولة مختطفة من طرف المخابرات العسكرية المسؤولة عن الإبادة الجماعية للمدنيين

كريم مولاي: الجزائر دولة مختطفة من طرف المخابرات العسكرية المسؤولة عن الإبادة الجماعية للمدنيين كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية
كشف كريم مولاي، وهو ضابط سابق في المخابرات الجزائرية، تورّط المخابرات العسكرية الجزائرية في حمامات الدم ضد المعارضين، ومسؤوليتها عن الإبادة الجماعية للمدنيين، وهو ما تعضده أدلة وشواهد تاريخية تلطخها الدّماء على أرض الجزائر" .  ويفضح الضابط السابق، في حوار مع "الوطن الآن" و"أنفاس بريس" ، ما أسماه "المجازر الرهيبة التي ارتكبت في الجزائر على يد عناصر المخابرات العسكرية للجزائر تجاه الجزائريين".
 
 أنت‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬المعارضين‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬وعشت‭ ‬أحلك‭ ‬لحظات‭ ‬العشرية‭ ‬السوداء،‭ ‬وخبرت‭ ‬النظام‭...‬برأيك‭ ‬لماذا‭ ‬يتم‭ ‬تصفية‭ ‬المعارضين‭ ‬للنظام‭ ‬الجزائري؟
 ثمة‭ ‬جناح‭ ‬من‭ ‬جنرالات‭ ‬فرنسا‭ ‬او‭ ‬حزب‭ ‬فرنسا‭ ‬المعروف‭ ‬اختصارا‭ ‬بـ‭ ‬DAF‭ ‬وهؤلاء‭ ‬هم‭ ‬بعض‭ ‬الضباط‭ ‬الذين‭ ‬انشقوا‭ ‬عن‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي‭ ‬وانظموا‭ ‬لصفوف‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭. ‬وهي‭ ‬خطة‭ ‬معدة‭ ‬ومدروسة‭ ‬ومباركة‭ ‬من‭ ‬ديغول‭ ‬بنفسه‭ ‬منذ‭ ‬1958‭ ‬الى‭ ‬غاية‭ ‬1961‭.‬
 
حيث‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬ولعبوا‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الولايات‭ ‬واغتصاب‭ ‬الشرعية‭ ‬الثورية‭ ‬واغتيال‭ ‬المجاهدين‭ ‬الحقيقيين‭ ‬وابعادهم‭ ‬عن‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬وتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬اعلى‭ ‬هرم‭ ‬للسلطة‭. ‬وكان‭ ‬الحامي‭ ‬والمدافع‭ ‬الشرس‭ ‬وبدون‭ ‬هوادة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬هو‭ ‬بومدين‭.‬
 
كم‭ ‬هو‭ ‬مؤلم‭ ‬لنا‭ ‬كجزائريين‭ ‬أن‭ ‬تنقل‭ ‬لنا‭ ‬الأخبار‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الجزائري‭ ‬الفار‭ ‬من‭ ‬جحيم‭ ‬الاستبداد‭ ‬وقلة‭ ‬ذات‭ ‬اليد،‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬ومنها‭ ‬فرنسا‭ ‬المستعمر‭ ‬القديم،‭ ‬طلبا‭ ‬للكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬افتقدها‭ ‬في‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭..‬
‭ ‬ولكم‭ ‬يحز‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الجزائريين‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الاستقلال،‭ ‬لم‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬قوية‭ ‬قادرة‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬تحمي‭ ‬الجزائريين‭ ‬من‭ ‬ويلات‭ ‬الجوائح‭ ‬والكوارث،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬إيجاد‭ ‬كيان‭ ‬سياسي‭ ‬ديمقراطي‭ ‬حديث‭ ‬يوازي‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬غزيرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭..‬

 
شخصيا،‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬تجربتي‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬فإنني‭ ‬أمتلك‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬للقول‭ ‬بأن‭ ‬الجزائر‭ ‬دولة‭ ‬مختطفة،‭ ‬وأن‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقلال‭ ‬والوطنية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلا‭ ‬لافتات‭ ‬للتسويق‭ ‬السياسي‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬وإلا‭ ‬فإن‭ ‬الجزائر‭ ‬اليوم‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬وصحية‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬أيام‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬العجاف‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬العسكر‭ ‬قتلت‭ ‬الحلم‭ ‬بالحياة‭ ‬والمستقبل،‭ ‬وأوجدت‭ ‬أجيالا‭ ‬منبتة،‭ ‬فلا‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬لحركة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬المجيدة‭ ‬التي‭ ‬أجبرت‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬الرحيل،‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬الحضاري‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬سياسية‭ ‬ديمقراطية،‭ ‬وإنما‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬جيل‭ ‬هجين‭ ‬سرق‭ ‬منه‭ ‬الاستبداد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬ذو‭ ‬معنى‭...‬
 
ربما‭ ‬عزاؤنا‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬الذكرى‭ ‬61‭ ‬للاستقلال‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬شارك‭ ‬بأغلبيته‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عامين،‭ ‬وقاطع‭ ‬بأغلبيته‭ ‬مسرحية‭ ‬الانتخابات،‭ ‬يبعث‭ ‬فينا‭ ‬الأمل‭ ‬بإمكانية‭ ‬بزوغ‭ ‬فجر‭ ‬ديمقراطي‭ ‬حقيقي‭ ‬يأمل‭ ‬أمثالي‭ ‬من‭ ‬المنفيين‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قريبا،‭ ‬وما‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬بعزيز‭...‬
 
من‭ ‬هم‭ ‬جنرالات‭ ‬الدم‭ ‬الذين‭ ‬يسفكون‭ ‬دماء‭ ‬المعارضين؟
‬حسب‭ ‬تجربتي‭ ‬في‭ ‬المخابرات‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الجزائر‭ ‬عرفت‭ ‬عشرية‭ ‬سوداء‭ ‬من‭ ‬صنيعة‭ ‬المخابرات،‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المجازر‭ ‬الرهيبة‭ ‬التي‭ ‬أربكت‭ ‬كل‭ ‬حسابات‭ ‬الملاحظين‭ ‬خاصة‭ ‬البعثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وهي‭ ‬مجازر‭ ‬إبادة‭ ‬للجزائريين‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬عناصر‭ ‬المخابرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭.‬

 
وهذه‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬المخابرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الجزائرية‭ ‬بإيعاز‭ ‬من‭ ‬الجنرالات‭ ‬لامين‭ ‬زروال‭ ‬ومحمد‭ ‬العماري‭ ‬وخالد‭ ‬نزار‭ ‬ومحمد‭ ‬مدين‭ ‬وإسماعيل‭ ‬العماري‭ ‬والبشير‭ ‬طرطاق‭ ‬وأحمد‭ ‬خرفي‭ ‬وآخرون‭  ‬اصبحوا‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬جنرالات‭ ‬اليوم‭ ‬6000‭ ‬ألف‭ ‬قتيل‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬واحدة.
 
3‭ ‬ أبريل‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬ثاليت‭ ‬في‭ ‬المدية‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬52‭ ‬شخصا‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬53‭ ‬شخصا‭ ‬من‭ ‬ساكني‭ ‬القرية‭.‬
21‭ ‬ أبريل‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬حوش‭ ‬خميستي‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬93‭ ‬قرويا‭ ‬خلال‭ ‬ثلاث‭ ‬ساعات‭.‬
16‭‬ يونيو‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬دائرة‭ ‬لابقوير‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬50‭ ‬مدنيا‭.‬
27‭‬ يوليو‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬سي‭ ‬زيروق‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬مدنيا‭.‬
3‭ ‬ غشت‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬قويد‭ ‬الحاد‭ ‬ومزوارة‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬76‭ ‬مدنيا‭.‬
20‭ ‬ أغسطس‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬سوهاني‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬64‭ ‬مدني‭.‬
26‭ ‬ غشت‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬بني‭ ‬علي‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬100‭ ‬مدني‭.‬
29‭ ‬ غشت‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭  ‬الرايس‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬400‭ ‬مدني‭.‬
‭ ‬شتنبر‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬بني‭ ‬مسوس‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭  ‬200‭ ‬مدني‭.‬
22‭ ‬ شتنبر‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬بن‭ ‬طلحة‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬400‭ ‬مدني‭.‬
23‭ ‬ شتنبر‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬العنتري‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬117‭ ‬مدني‭.‬
30‭  ‬ شتنبر‭ ‬1997‭ ‬وقعت‭ ‬ثلاث‭ ‬مجازر‭ ‬في‭ ‬الخربة‭ ‬وأولاد‭ ‬صحين‭ ‬وأولاد‭ ‬الطيب‭ ‬في‭ ‬غيليزان‭ ‬وسقط‭ ‬فيها‭ ‬1280‭ ‬مدنيا‭.‬
4‭ ‬ يناير‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬ثلاث‭ ‬مجازر‭ ‬في‭ ‬مكناسة،‭ ‬وسوق‭ ‬الحد،‭ ‬وحد‭ ‬الشكالة‭ ‬في‭ ‬غيليزان‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬120‭ ‬مدنيا‭.‬
11‭‬ يناير‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬سيدي‭ ‬حماد‭ ‬بالعاصمة‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬200‭ ‬مدني
26‭‬ مارس‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬قويد‭ ‬بواجة‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬52‭ ‬مدنيا‭.‬
في‭ ‬8‭ ‬دجنبر‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬تاجينا‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬81‭ ‬مدنيا‭.‬
12‭‬ دجنبر‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬الكاليتوس‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬14‭ ‬مدنيا‭.‬
28‭‬ يونيو‭ ‬1998‭ ‬وقعت‭ ‬مجزرة‭ ‬الكاليتوس‭ ‬الثانية‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬22‭ ‬مدنيا‭.‬

 
هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬تدبير‭ ‬المخابرات‭ ‬وفرقة‭ ‬الموت‭ ‬تحديدا‭ ‬بمساعدة‭ ‬التائبين‭ ‬والجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المصنوعة‭ ‬في‭ ‬مخابر‭ ‬المخابرات‭.‬ وأن‭ ‬هذه‭ ‬المجازر‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬محاطة‭ ‬بالثكنات‭ ‬العسكرية،‭ ‬ومراكز‭ ‬الأمن‭ ‬وعناصر‭ ‬الحرس‭ ‬البلدي،‭ ‬وهي‭ ‬جهات‭ ‬أمنية‭ ‬رفضت‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬منعت‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الهروب،‭ ‬حسب‭ ‬شهادات‭ ‬عدة‭ ‬ظهرت‭ ‬أخيرا‭ ‬تؤكد‭ ‬تورط‭ ‬المخابرات‭ ‬وقوات‭ ‬الأمن‭ ‬بالتواطؤ‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية“‭.‬