الخميس 6 فبراير 2025
مجتمع

المالكي: المغرب يواجه سياقا جيو استراتيجيا صعبا للغاية ولابد من مراجعة سياستنا المائية والفلاحية

المالكي: المغرب يواجه سياقا جيو استراتيجيا صعبا للغاية ولابد من مراجعة سياستنا المائية والفلاحية موسى المالكي، الخبير في الجغرافية السياسية والقضايا الجيوسياسية
 قال موسى المالكي، الخبير في الجغرافية السياسية والقضايا الجيوسياسية في حوار ضمن برنامج "ملفات في الواجهة" بالإذاعة الوطنية، إن القطاع الفلاحي يعد الأكثر تضررا من التغيرات المناخية القاسية التي يشهدها العالم ككل، حيث بلغت موجات الحر والجفاف حتى أوروبا الغربية التي كانت عنوانا للوفرة فما بالك بالبلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، وضمنها المغرب الذي كان يعرف سنوات جفاف متقطعة.
وأبرز المالكي أن القطاع الفلاحي يعد ركيزة استراتيجية بالنسبة للمغرب، لأنه يضمن سيادته الغذائية واحتياجاته، ولأنه له أدوار اجتماعية فيما يتعلق بتنمية الأرياف المغربية، مشيرا بأننا أمام وضع جديد واستثنائي من حيث الحرارة والندرة، وعلى المستوى الديمغرافي نحو مقبلون على إحصاء 2024، والساكنة المغربية تمضي نحو 40 مليون نسمة، مما يعني تزايد عدد المستهلكين.
على المستوى الاجتماعي أشار المالكي أن هناك تغير في نمط العيش من حيث ارتفاع استهلاكنا للمياه. وعلى المستوى الاقتصادي هناك تنافس القطاعات الاقتصادية، حيث لم تعد الفلاحة المستهلك الرئيسي ولكن إلى جانبها هناك الصناعة والسياحة..
وعلى المستوى الجيو استراتيجي الدولي، أكد المالكي أننا أمام سياق صعب، بحيث أن التزود بالمواد الغذائية وفي مقدمتها الحبوب لم يعد عملية سهلة ترتبط برصيد مالي، وإنما تخضع لحسابات البلدان المنتجة، مقدما مثال الصين والهند اللتان تعطيان الأولوية للاستهلاك الداخلي، دون إغفال عامل الحرب الروسية – الأوكرانية، فكل هذه الأوضاع – يضيف المالكي - تفرض علينا مراجعة سياستنا المائية والفلاحية.
وأوضح المالكي، أن المغرب ومنذ سبعينيات القرن الماضي يمضي في سياسة السدود التي أطلقها الراحل الحسن الثاني وأكملها الملك محمد السادس، مشيرا استنادا إلى تصريح وزير التجهيز إلى برمجة 200 سد تلي، لكن هذه السدود تواجه إشكالات التبخر والتوحل، مما فرض الانتقال إلى محطات تحلية مياه البحر، وقد انطلقت هذه المحطات في الأقاليم الجنوبية – يقول المالكي - وكان علينا الاستفادة من هذه التجربة لإطلاق هذه المحطات بشكل مبكر في المدن الكبرى، وهو ما يجري الآن تداركه في أكادير، والدار البيضاء والناضور ، إلى جانب مشروع  الربط المائي بين الأحواض المائية التي لديها وفرة نسبيا من الشمال نحو الأحواض المائي التي تعاني من خصاص بمدن كبرى مليونية، مثل الرباط والدار البيضاء.
ودعا المالكي في نفس الحوار إلى مراجعة خريطتنا الفلاحية ، مشيرا بأن الإقطاع الفلاحي المغربي لازال صامدا في وجه التغيرات المناخية، ولكن رغم ذلك هناك مؤشرات سلبية (ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم الحمراء ) وهذه العلامات – بحسب المالكي - تفرض علينا مراجعة خريطتنا الفلاحية لتستجيب لهذه المستجدات، فلم يعد مقبولا - يقول المالكي - أن نصدر الماء تحت أي عنوان سواء من خلال الطماطم أو الحوامض الفراولة، الموز الأفوكادو، حيث يحتل المغرب مراكز متقدمة، مشددا على أهمية تخصيص المياه المستخلصة من تحلية مياه البحر لهذه المنتجات. 
كما دعا إلى التركيز على المنتجات الرئيسية التي يستهلكها المغاربة: الحبوب والأعلاف والخضر، وإلى حماية الرصيد الحيواني المغربي، وأيضا حماية الفلاح الصغير الذي سيكون الأكثر تضررا من توالي سنوات الجفاف وقد لا يصمد أمامها وقد يغادر النشاط الفلاحي إلى نشاط آخر، وق يهاجر من الأرياف إلى المدن مما يجعلنا أمام تحديات جديدة.
وأكد المالكي أن استيراد الحبوب حاليا لتعويض الخصاص أصبح ذي فاتورة مكلفة من العملة الصعبة ولم يعد متيسرا كما كان نظرا لسياقات وحسابات جيواستراتيجية دولية، داعيا إلى إعادة الاعتبار لزراعة الحبوب من القمح والشعير والذرة وعدم النظر إليها فقط من زاوية استهلاك المغاربة للخبز، بل أيضا من زاوية ضرورة توفير الأعلاف للملايين من رؤوس الماشية (20 مليون أغنام،6 مليون ماعز، 3 مليون أبقار) علما أن التغيرات المناخية تسببت في تدهور شديد للمراعي الطبيعية، التي كان يعتمد عليها الكسابون المغاربة، إذ كانت الأعلاف تعتبر مجرد تكميل للباقة الغذائية ولكن الآن – يضيف المالكي - انقلبت الآية، فالمراعي بسبب التدهور الشديد لم تعد توفر الكلأ الضروري للماشية، وأصبح الاعتماد والتركيز على الأعلاف بشكل كبير التي ارتفعت أسعارها بشكل مهول مما اضطر عدد من الكسابة إلى التخلي عنها أو تقليص عددها، مع العلم أن الفلاحين والمزارعين الصغار والمتوسطين يوفرون نسبة كبيرة من الإنتاج.