الجمعة 17 مايو 2024
اقتصاد

لحسن جنان: الجبل المغربي بين قوة الرمزية وتحديات التنمية

 
 
لحسن جنان: الجبل المغربي بين قوة الرمزية وتحديات التنمية لحسن جنان، ‬أستاذ‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬بجامعة‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بفاس
بالرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬النطاق‭ ‬الجبلي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الموقع‭ ‬والرقعة‭ ‬الجغرافيين‭ ‬والوظيفة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والبعد‭ ‬التاريخي‭ ‬والثقافي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬لحسن‭ ‬جنان،‭ ‬أستاذ‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬بجامعة‭ ‬سيدي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بفاس،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬طالها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬والتهميش‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة،‭ ‬فراكمت‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬الميادين،‭ ‬وتفاقمت‭ ‬بها‭ ‬مظاهر‭ ‬تدهور‭ ‬المحيط‭ ‬البيئي‭ ‬بكيفية‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬القلق‭.‬

 
 ‬احتضن‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يوما‭ ‬دراسيا‭ ‬حول‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجبلية،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬الجبل‭ ‬في‭ ‬التنمية؟
‬يعتبر‭ ‬الجبل‭ ‬المغربي‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬وأحد‭ ‬أبعاده‭ ‬الجغرافية‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الشخصية‭ ‬المغربية‭ ‬بخصوصياتها‭ ‬التاريخية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية‭ ‬الراهنة‭. ‬ويكتسي‭ ‬أهمية‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬وبيئية‭ ‬كبرى،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬بالاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬يستحقه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬وبرامج‭ ‬التنمية‭. ‬وكانت‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬البرامج‭ ‬استثنائية‭ ‬وانتقائية‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسية‭ ‬شمولية‭ ‬ومندمجة‭ ‬لتنمية‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬يراكم‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬كما‭ ‬تفاقمت‭ ‬به‭ ‬مظاهر‭ ‬تدهور‭ ‬المحيط‭ ‬البيئي،‭ ‬وتفكك‭ ‬البنيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسوسيوثقافية‭ ‬التقليدية‭ ‬والأصلية‭ ‬بكيفية‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬القلق‭. ‬
 
 
كيف‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬الجبال‭ ‬بالمغرب؟
الأمر‭ ‬لايتعلق‭ ‬بالوضع‭ ‬الجبلي‭ ‬بالمغرب‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المسألة‭ ‬الجبلية‭ ‬تشترك‭ ‬وطنيا‭ ‬عالميا،‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخصائص:
رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬الأوساط‭ ‬والثقافات،‭ ‬فإن‭ ‬سكان‭ ‬الجبال‭ ‬يمتلكون‭ ‬هوية‭ ‬مشتركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نمط‭ ‬العيش‭ ‬والمعارف‭ ‬والمهارات‭ ‬والممارسات‭ ‬التي‭ ‬اكتسبوها‭ ‬تجريبيا‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬ذات‭ ‬خصوصية‭ ‬وتفرد،‭ ‬وذات‭ ‬إكراهات‭ ‬طبيعية‭ ‬متشابهة‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬جبال‭ ‬العالم‭.‬
يعرف‭ ‬سكان‭ ‬الجبال‭ ‬تأخرا‭ ‬بينا‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬التنمية‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬سكان‭ ‬السهول‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬إحدى‭ ‬خاصياتهم،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬من‭ ‬سلبيات‭.‬
يعيش‭ ‬معظم‭ ‬سكان‭ ‬الجبال‭ ‬تهميشا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الثقافي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والسياسي،‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬حدته‭ ‬العزلة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجغرافي‭. ‬
فقد‭ ‬سكان‭ ‬الجبال‭ ‬بكيفية‭ ‬تدريجية‭ ‬ومقلقة‭ ‬تحكمهم‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬لمجالاتهم‭ ‬من‭ ‬أراض‭ ‬ومعادن‭ ‬ووحيش‭ ‬ومياه‭ ‬وغابة‭ ‬وغيرها‭.‬
لا‭ ‬تستفيد‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرعوية‭ ‬الزراعية‭ ‬والغابوية،‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تشكل‭ ‬أهم‭ ‬نشاط‭ ‬ومورد‭ ‬للساكنة‭ ‬الجبلية،‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬تنموية‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭.‬
لا‭ ‬تشكل‭ ‬السياسات‭ ‬البيئية‭ ‬الخاصة‭ ‬بحماية‭ ‬التنوع‭ ‬الإحيائي‭ ‬وصيانة‭ ‬المحيط‭ ‬الإيكولوجي‭ ‬موضوع‭ ‬تفاوض‭ ‬وشراكة‭ ‬مع‭ ‬السكان‭ ‬المعنيين‭ ‬بها،‭ ‬بل‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تسن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مصالحهم‭ ‬أو‭ ‬حقوقهم‭ ‬المكتسبة،‭ ‬وأنماط‭ ‬تدبيرهم‭ ‬للموارد‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬تضامنهم‭ ‬التقليدي‭ .‬
تساهم‭ ‬الأنشطة‭ ‬السياحية‭ ‬المتزايدة‭ ‬بالمناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬وتغلغل‭ ‬الطابع‭ ‬الفلكلوري‭ ‬في‭ ‬ثقافاتها‭ ‬الأصيلة،‭ ‬مما‭ ‬يعرضها‭ ‬للتشويه‭ ‬ويهددها‭ ‬بالزوال‭.‬
-‭ ‬زاد‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الاستثمار‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬التضرس‭ ‬والعزلة‭ ‬من‭ ‬تهميش‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التنمية،‭ ‬وجعلها‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬بنياتها‭ ‬التحتية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭.‬
وتتميز‭ ‬الجبال‭ ‬المغربية‭ ‬برمزية‭ ‬قوية‭ ‬تاريخيا‭ ‬وثقافيا‭ ‬وبيئيا‭. ‬كما‭ ‬تكتسي‭ ‬صبغة‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬والأولوية‭ ‬المجالية‭ ‬في‭ ‬الميثاق‭ ‬الوطني‭ ‬لإعداد‭ ‬التراب،‭ ‬وذلك‭ ‬للاعتبارات‭ ‬التالية:‭ ‬فهي‭ ‬تشكل‭ ‬ربع‭ ‬مساحة‭ ‬البلاد،‭ ‬وتعتبر‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬بحكم‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي،‭ ‬كما‭ ‬تأوي‭ ‬ربع‭ ‬سكان‭ ‬المملكة،‭ ‬وتحتضن‭ ‬المجالات‭ ‬الجبلية‭ ‬جل‭ ‬المساحات‭ ‬الغابوية‭ ‬(65‭ ‬في‭ ‬المائة)،‭ ‬وتوفر‭ ‬معظم‭ ‬الثروة‭ ‬المائية‭ ‬(70‭ ‬في‭ ‬المائة)،‭ ‬ونسبة‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬(داجنة‭ ‬ووحيش)‭ ‬والمعدنية‭. ‬كما‭ ‬تشكل‭ ‬محيطا‭ ‬متميزا‭ ‬للنشاط‭ ‬السياحي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬المتنوع‭ ‬بتنوع‭ ‬الخصائص‭ ‬الإيكولوجية‭ ‬للجبل،‭ ‬وتجذر‭ ‬حضارة‭ ‬قروية‭ ‬عريقة‭ ‬بها،‭ ‬مكنت‭ ‬من‭ ‬بلورة‭ ‬أساليب‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬المجال‭ ‬الفلاحي‭ ‬وحماية‭ ‬التربة‭ ‬وتدبير‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬وترشيد‭ ‬استغلال‭ ‬المراعي‭ ‬والغطاء‭ ‬النباتي‭ ‬والمتاح‭ ‬من‭ ‬الوحيش‭.‬
لكن‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬النطاق‭ ‬الجبلي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الموقع‭ ‬والرقعة‭ ‬الجغرافيين‭ ‬والوظيفة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والبعد‭ ‬التاريخي‭ ‬والثقافي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬فقد‭ ‬طال‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإهمال‭ ‬والتهميش‭ ‬للمناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة،‭ ‬فراكمت‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬الميادين،‭ ‬وتفاقمت‭ ‬بها‭ ‬مظاهر‭ ‬تدهور‭ ‬المحيط‭ ‬البيئي‭ ‬بكيفية‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬القلق‭.‬
 
من‭ ‬بين‭ ‬توصيات‭ ‬اليوم‭ ‬الدراسي‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬الجبل،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انعكاس‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬بالمناطق‭ ‬الجبلية؟
تطرح‭ ‬اليوم‭ ‬تنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬بإلحاح،‭ ‬مما‭ ‬يتعين‭ ‬إخراج‭ ‬قانون‭ ‬الجبل‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬الوجود،‭ ‬فمشكل‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬ليس‭ ‬مشكل‭ ‬ضعف‭ ‬الموارد‭ ‬الترابية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تأخر‭ ‬التنمية‭ ‬بها‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬وظف‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬وتجهيزات‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬المحظوظة‭ ‬طبيعيا‭.‬
والحالة‭ ‬هذه،‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬التالية:
اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المجالات‭ ‬الجبلية،‭ ‬ونظرا‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬تكتسي‭ ‬صبغة‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭.‬
ترتهن‭ ‬تنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬بالتزام‭ ‬قوي‭ ‬للدولة،‭ ‬وبتفعيل‭ ‬آليات‭ ‬التضامن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمجالي‭ ‬إنصافا‭ ‬لمجال‭ ‬حيوي‭ ‬ترك‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬التنمية‭ ‬لما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭.‬
التوفيق‭ ‬بين‭ ‬النجاعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وضرورة‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬توازنات‭ ‬الأوساط‭ ‬البيئية‭ ‬للمحيط‭ ‬الجبلي‭.‬
 
 هل‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬ساكنة‭ ‬الجبل‭ ‬كانت‭ ‬خارج‭ ‬الرادار‭ ‬الحكومي؟
‭ ‬يفضي‭ ‬تقييم‭ ‬أولي‭ ‬لسياسة‭ ‬التنمية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬أنجز‭ ‬حول‭ ‬الجبل‭ ‬من‭ ‬دراسات‭ ‬ومشاريع،‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬عناصر‭ ‬أساسية:
غياب‭ ‬مأسسة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬حول‭ ‬الجبل‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬جبل‭ ‬نتحدث؟‭ ‬وهو‭ ‬سؤال‭ ‬منهجي‭ ‬يتعين‭ ‬الحسم‭ ‬فيه‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تعريف‭ ‬وتحديد‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية‭ ‬بشكل‭ ‬توافقي‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2015‭ ‬فقط،‭ ‬ومن‭ ‬طرف‭ ‬17‭ ‬قطاعا‭ ‬حكوميا‭ ‬فقط‭ ‬بمناسبة‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬الجبل‭ ‬(البرنامج‭ ‬المندمج‭ ‬لتنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية،‭ ‬مجموعة‭ ‬ماكنزي،‭ ‬2014)،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التحديد‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬ترسيمه‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭.‬
غياب‭ ‬سياسة‭ ‬عمومية‭ ‬موجهة‭ ‬لتنمية‭ ‬المناطق‭ ‬الجبلية،‭ ‬والمعالجة‭ ‬"التقسيطية"‭ ‬لمشاكل‭ ‬الجبل‭ ‬ضمن‭ ‬إشكاليات‭ ‬ومجالات‭ ‬تتجاوز‭ ‬نطاق‭ ‬الجبل،‭ ‬ولا‭ ‬تأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬خصوصياته‭ ‬وتفرده‭.‬
غياب‭ ‬مقاربات‭ ‬تنموية‭ ‬ملائمة‭ ‬لسياق‭ ‬وإشكاليات‭ ‬الجبال:‭ ‬فقد‭ ‬عولج‭ ‬الجبل‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬ضمن‭ ‬السياسات‭ ‬العامة‭ ‬الموجهة‭ ‬لكامل‭ ‬المجال‭ ‬الوطني،‭ ‬كما‭ ‬عولج‭ ‬موضوع‭ ‬الجبل‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬بكيفية‭ ‬مغلوطة‭ ‬وملتبسة،‭ ‬تجعله‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬القروي،‭ ‬لكنها‭ ‬تجرده‭ ‬من‭ ‬الاستثناء‭ ‬الذي‭ ‬يميزه‭ ‬كجبل،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الجبال‭ ‬المغربية‭ ‬تراكم‭ ‬مظاهر‭ ‬تأخر‭ ‬العالم‭ ‬القروي‭ ‬المعروفة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشاكل‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجبل،‭ ‬أهمها‭ ‬العزلة‭ ‬ووعورة‭ ‬التضاريس‭  ‬وقساوة‭ ‬المناخ،‭ ‬وصعوبة‭ ‬ظروف‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتبادل،‭ ‬وارتفاع‭ ‬التكلفة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مظاهر‭ ‬الحياة،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وضعت‭ ‬قوانين‭ ‬خاصة‭ ‬بجبالها‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬المعضلات،‭ ‬بينما‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الجبل‭ ‬بالمغرب‭ ‬لم‭ ‬يبرح‭ ‬مكانه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يمكن‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬بتدعيم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الجبلي،‭ ‬توجه‭ ‬موارده‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وإلى‭ ‬حماية‭ ‬البيئة‭ ‬والثروات‭ ‬المائية‭ ‬والنباتية‭ ‬والحيوانية‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬بالتنمية‭ ‬الجبلية‭ ‬(FDM)‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬(FDR)‭. ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬سيكون‭ ‬تمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬المقترحة‭ ‬لكل‭ ‬كتلة‭ ‬جبلية‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬عدة‭ ‬جهات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ينبغي‭ ‬استحضار‭ ‬الأجوبة‭ ‬عن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التالية:‭ ‬كيف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التنسيق؟‭ ‬وهل‭ ‬ستلتزم‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬بنصيبها؟‭ ‬وهل‭ ‬أصلا‭ ‬سيكون‭ ‬التصور‭ ‬موحدا؟‭ ‬وماذا‭ ‬لو‭ ‬تعطلت‭ ‬إحدى‭ ‬الجهات؟‭ ‬بينما‭ ‬الحل‭ ‬السليم‭ ‬هو‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬واستراتيجية‭ ‬خاصة،‭ ‬وهيأة‭ ‬عليا‭ ‬للتدبير‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لهذه‭ ‬المتغيرات‭.‬