بالرغم من أهمية النطاق الجبلي على مستوى الموقع والرقعة الجغرافيين والوظيفة الاقتصادية والبيئية والبعد التاريخي والثقافي والاجتماعي، فقد أكد لحسن جنان، أستاذ السياسات العمومية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن هذه المناطق طالها على مدى عقود نوع من الإهمال والتهميش في السياسات التنموية للدولة، فراكمت هذه المجالات التأخر في شتى الميادين، وتفاقمت بها مظاهر تدهور المحيط البيئي بكيفية تبعث على القلق.
احتضن مجلس النواب يوما دراسيا حول التنمية في الأقاليم الجبلية، ما الذي يمثله الجبل في التنمية؟
يعتبر الجبل المغربي العمود الفقري في بنية التراب الوطني وأحد أبعاده الجغرافية التي ساهمت في تشكيل الشخصية المغربية بخصوصياتها التاريخية والاجتماعية والثقافية الراهنة. ويكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية كبرى، لكن في المقابل لم يحظ على مدى عقود بالاهتمام الذي يستحقه على مستوى السياسات العمومية وبرامج التنمية. وكانت من بعض البرامج استثنائية وانتقائية لا تدخل في إطار سياسية شمولية ومندمجة لتنمية خاصة به، مما جعله يراكم التأخر في شتى المجالات، كما تفاقمت به مظاهر تدهور المحيط البيئي، وتفكك البنيات الاقتصادية والسوسيوثقافية التقليدية والأصلية بكيفية تبعث على القلق.
يعتبر الجبل المغربي العمود الفقري في بنية التراب الوطني وأحد أبعاده الجغرافية التي ساهمت في تشكيل الشخصية المغربية بخصوصياتها التاريخية والاجتماعية والثقافية الراهنة. ويكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية كبرى، لكن في المقابل لم يحظ على مدى عقود بالاهتمام الذي يستحقه على مستوى السياسات العمومية وبرامج التنمية. وكانت من بعض البرامج استثنائية وانتقائية لا تدخل في إطار سياسية شمولية ومندمجة لتنمية خاصة به، مما جعله يراكم التأخر في شتى المجالات، كما تفاقمت به مظاهر تدهور المحيط البيئي، وتفكك البنيات الاقتصادية والسوسيوثقافية التقليدية والأصلية بكيفية تبعث على القلق.
كيف هو واقع التنمية في سلاسل الجبال بالمغرب؟
الأمر لايتعلق بالوضع الجبلي بالمغرب فقط، بل إن المسألة الجبلية تشترك وطنيا عالميا، في عدد من الخصائص:
رغم اختلاف الأوساط والثقافات، فإن سكان الجبال يمتلكون هوية مشتركة من خلال نمط العيش والمعارف والمهارات والممارسات التي اكتسبوها تجريبيا من العيش في مجالات ذات خصوصية وتفرد، وذات إكراهات طبيعية متشابهة عبر كل جبال العالم.
يعرف سكان الجبال تأخرا بينا في ما يخص التنمية بالمقارنة مع سكان السهول الأمر الذي يجعل من الهجرة إحدى خاصياتهم، مع ما تحمل هذه الظاهرة من سلبيات.
يعيش معظم سكان الجبال تهميشا على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ترفع من حدته العزلة على المستوى الجغرافي.
فقد سكان الجبال بكيفية تدريجية ومقلقة تحكمهم في الموارد الطبيعية لمجالاتهم من أراض ومعادن ووحيش ومياه وغابة وغيرها.
لا تستفيد الأنشطة الرعوية الزراعية والغابوية، التي ما تزال تشكل أهم نشاط ومورد للساكنة الجبلية، من سياسة تنموية خاصة من طرف الدول والحكومات.
لا تشكل السياسات البيئية الخاصة بحماية التنوع الإحيائي وصيانة المحيط الإيكولوجي موضوع تفاوض وشراكة مع السكان المعنيين بها، بل غالبا ما تسن هذه السياسات على حساب مصالحهم أو حقوقهم المكتسبة، وأنماط تدبيرهم للموارد المحلية أو تضامنهم التقليدي .
تساهم الأنشطة السياحية المتزايدة بالمناطق الجبلية في تفكيك المجتمعات المحلية وتغلغل الطابع الفلكلوري في ثقافاتها الأصيلة، مما يعرضها للتشويه ويهددها بالزوال.
- زاد ارتفاع تكاليف الاستثمار الناتج عن التضرس والعزلة من تهميش المناطق الجبلية على مستوى التنمية، وجعلها غير ذات أولوية في السياسات العمومية بسبب ضعف بنياتها التحتية التي لا تشجع على الاستثمار.
وتتميز الجبال المغربية برمزية قوية تاريخيا وثقافيا وبيئيا. كما تكتسي صبغة المصلحة الوطنية والأولوية المجالية في الميثاق الوطني لإعداد التراب، وذلك للاعتبارات التالية: فهي تشكل ربع مساحة البلاد، وتعتبر العمود الفقري في بنية التراب الوطني بحكم موقعها الجغرافي، كما تأوي ربع سكان المملكة، وتحتضن المجالات الجبلية جل المساحات الغابوية (65 في المائة)، وتوفر معظم الثروة المائية (70 في المائة)، ونسبة هامة من الثروة الحيوانية (داجنة ووحيش) والمعدنية. كما تشكل محيطا متميزا للنشاط السياحي إلى جانب الإنتاج الفلاحي المتنوع بتنوع الخصائص الإيكولوجية للجبل، وتجذر حضارة قروية عريقة بها، مكنت من بلورة أساليب فريدة في إعداد المجال الفلاحي وحماية التربة وتدبير الموارد المائية، وترشيد استغلال المراعي والغطاء النباتي والمتاح من الوحيش.
لكن بالرغم من أهمية النطاق الجبلي على مستوى الموقع والرقعة الجغرافيين والوظيفة الاقتصادية والبيئية والبعد التاريخي والثقافي والاجتماعي، فقد طال على مدى عقود نوع من الإهمال والتهميش للمناطق الجبلية في السياسات التنموية للدولة، فراكمت هذه المجالات التأخر في شتى الميادين، وتفاقمت بها مظاهر تدهور المحيط البيئي بكيفية تبعث على القلق.
الأمر لايتعلق بالوضع الجبلي بالمغرب فقط، بل إن المسألة الجبلية تشترك وطنيا عالميا، في عدد من الخصائص:
رغم اختلاف الأوساط والثقافات، فإن سكان الجبال يمتلكون هوية مشتركة من خلال نمط العيش والمعارف والمهارات والممارسات التي اكتسبوها تجريبيا من العيش في مجالات ذات خصوصية وتفرد، وذات إكراهات طبيعية متشابهة عبر كل جبال العالم.
يعرف سكان الجبال تأخرا بينا في ما يخص التنمية بالمقارنة مع سكان السهول الأمر الذي يجعل من الهجرة إحدى خاصياتهم، مع ما تحمل هذه الظاهرة من سلبيات.
يعيش معظم سكان الجبال تهميشا على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ترفع من حدته العزلة على المستوى الجغرافي.
فقد سكان الجبال بكيفية تدريجية ومقلقة تحكمهم في الموارد الطبيعية لمجالاتهم من أراض ومعادن ووحيش ومياه وغابة وغيرها.
لا تستفيد الأنشطة الرعوية الزراعية والغابوية، التي ما تزال تشكل أهم نشاط ومورد للساكنة الجبلية، من سياسة تنموية خاصة من طرف الدول والحكومات.
لا تشكل السياسات البيئية الخاصة بحماية التنوع الإحيائي وصيانة المحيط الإيكولوجي موضوع تفاوض وشراكة مع السكان المعنيين بها، بل غالبا ما تسن هذه السياسات على حساب مصالحهم أو حقوقهم المكتسبة، وأنماط تدبيرهم للموارد المحلية أو تضامنهم التقليدي .
تساهم الأنشطة السياحية المتزايدة بالمناطق الجبلية في تفكيك المجتمعات المحلية وتغلغل الطابع الفلكلوري في ثقافاتها الأصيلة، مما يعرضها للتشويه ويهددها بالزوال.
- زاد ارتفاع تكاليف الاستثمار الناتج عن التضرس والعزلة من تهميش المناطق الجبلية على مستوى التنمية، وجعلها غير ذات أولوية في السياسات العمومية بسبب ضعف بنياتها التحتية التي لا تشجع على الاستثمار.
وتتميز الجبال المغربية برمزية قوية تاريخيا وثقافيا وبيئيا. كما تكتسي صبغة المصلحة الوطنية والأولوية المجالية في الميثاق الوطني لإعداد التراب، وذلك للاعتبارات التالية: فهي تشكل ربع مساحة البلاد، وتعتبر العمود الفقري في بنية التراب الوطني بحكم موقعها الجغرافي، كما تأوي ربع سكان المملكة، وتحتضن المجالات الجبلية جل المساحات الغابوية (65 في المائة)، وتوفر معظم الثروة المائية (70 في المائة)، ونسبة هامة من الثروة الحيوانية (داجنة ووحيش) والمعدنية. كما تشكل محيطا متميزا للنشاط السياحي إلى جانب الإنتاج الفلاحي المتنوع بتنوع الخصائص الإيكولوجية للجبل، وتجذر حضارة قروية عريقة بها، مكنت من بلورة أساليب فريدة في إعداد المجال الفلاحي وحماية التربة وتدبير الموارد المائية، وترشيد استغلال المراعي والغطاء النباتي والمتاح من الوحيش.
لكن بالرغم من أهمية النطاق الجبلي على مستوى الموقع والرقعة الجغرافيين والوظيفة الاقتصادية والبيئية والبعد التاريخي والثقافي والاجتماعي، فقد طال على مدى عقود نوع من الإهمال والتهميش للمناطق الجبلية في السياسات التنموية للدولة، فراكمت هذه المجالات التأخر في شتى الميادين، وتفاقمت بها مظاهر تدهور المحيط البيئي بكيفية تبعث على القلق.
من بين توصيات اليوم الدراسي إصدار قانون الجبل، ما الذي يمثله ذلك من انعكاس إيجابي على التنمية بالمناطق الجبلية؟
تطرح اليوم تنمية المناطق الجبلية بإلحاح، مما يتعين إخراج قانون الجبل إلى حيز الوجود، فمشكل المناطق الجبلية ليس مشكل ضعف الموارد الترابية بقدر ما هو تأخر التنمية بها بالمقارنة مع ما وظف من استثمارات وتجهيزات في المجالات المحظوظة طبيعيا.
والحالة هذه، فإن أي استراتيجية لتنمية المناطق الجبلية لابد أن ترتكز على المبادئ التالية:
اعتبار أن المجالات الجبلية، ونظرا لكل ما سبق، تكتسي صبغة المصلحة الوطنية.
ترتهن تنمية المناطق الجبلية بالتزام قوي للدولة، وبتفعيل آليات التضامن الاجتماعي والمجالي إنصافا لمجال حيوي ترك على هامش التنمية لما يزيد عن ستة عقود.
التوفيق بين النجاعة الاقتصادية وضرورة المحافظة على توازنات الأوساط البيئية للمحيط الجبلي.
تطرح اليوم تنمية المناطق الجبلية بإلحاح، مما يتعين إخراج قانون الجبل إلى حيز الوجود، فمشكل المناطق الجبلية ليس مشكل ضعف الموارد الترابية بقدر ما هو تأخر التنمية بها بالمقارنة مع ما وظف من استثمارات وتجهيزات في المجالات المحظوظة طبيعيا.
والحالة هذه، فإن أي استراتيجية لتنمية المناطق الجبلية لابد أن ترتكز على المبادئ التالية:
اعتبار أن المجالات الجبلية، ونظرا لكل ما سبق، تكتسي صبغة المصلحة الوطنية.
ترتهن تنمية المناطق الجبلية بالتزام قوي للدولة، وبتفعيل آليات التضامن الاجتماعي والمجالي إنصافا لمجال حيوي ترك على هامش التنمية لما يزيد عن ستة عقود.
التوفيق بين النجاعة الاقتصادية وضرورة المحافظة على توازنات الأوساط البيئية للمحيط الجبلي.
هل أمام هذا الوضع في المناطق الجبلية، يمكن القول أن ساكنة الجبل كانت خارج الرادار الحكومي؟
يفضي تقييم أولي لسياسة التنمية إلى أن ما أنجز حول الجبل من دراسات ومشاريع، تم في غياب عناصر أساسية:
غياب مأسسة البحث العلمي حول الجبل عن أي جبل نتحدث؟ وهو سؤال منهجي يتعين الحسم فيه قبل أي شيء آخر. فقد تم تعريف وتحديد المناطق الجبلية بشكل توافقي في سنة 2015 فقط، ومن طرف 17 قطاعا حكوميا فقط بمناسبة المصادقة على استراتيجية الجبل (البرنامج المندمج لتنمية المناطق الجبلية، مجموعة ماكنزي، 2014)، غير أن هذا التحديد لم يتم ترسيمه لحد الآن.
غياب سياسة عمومية موجهة لتنمية المناطق الجبلية، والمعالجة "التقسيطية" لمشاكل الجبل ضمن إشكاليات ومجالات تتجاوز نطاق الجبل، ولا تأخذ بعين الاعتبار خصوصياته وتفرده.
غياب مقاربات تنموية ملائمة لسياق وإشكاليات الجبال: فقد عولج الجبل على الدوام ضمن السياسات العامة الموجهة لكامل المجال الوطني، كما عولج موضوع الجبل لحد الآن بكيفية مغلوطة وملتبسة، تجعله جزءا من العالم القروي، لكنها تجرده من الاستثناء الذي يميزه كجبل، والحال أن الجبال المغربية تراكم مظاهر تأخر العالم القروي المعروفة، إضافة إلى المشاكل الخاصة بالجبل، أهمها العزلة ووعورة التضاريس وقساوة المناخ، وصعوبة ظروف الإنتاج والتبادل، وارتفاع التكلفة في كل مظاهر الحياة، لذلك نجد أن كثيرا من الدول وضعت قوانين خاصة بجبالها لحل هذه المعضلات، بينما مشروع قانون الجبل بالمغرب لم يبرح مكانه منذ سنوات.
وفي هذا الصدد، يمكن إنشاء صندوق خاص بتدعيم الاقتصاد الجبلي، توجه موارده إلى تشجيع الإنتاج الفلاحي والاستثمار في المجالات الاقتصادية الأخرى، وإلى حماية البيئة والثروات المائية والنباتية والحيوانية صندوق خاص بالتنمية الجبلية (FDM) على غرار (FDR). وفي غياب هذا الصندوق سيكون تمويل المشاريع المقترحة لكل كتلة جبلية في يد عدة جهات، وبالتالي ينبغي استحضار الأجوبة عن الأسئلة التالية: كيف يجب أن يكون التنسيق؟ وهل ستلتزم كل جهة بنصيبها؟ وهل أصلا سيكون التصور موحدا؟ وماذا لو تعطلت إحدى الجهات؟ بينما الحل السليم هو صندوق خاص واستراتيجية خاصة، وهيأة عليا للتدبير لا تخضع لهذه المتغيرات.
يفضي تقييم أولي لسياسة التنمية إلى أن ما أنجز حول الجبل من دراسات ومشاريع، تم في غياب عناصر أساسية:
غياب مأسسة البحث العلمي حول الجبل عن أي جبل نتحدث؟ وهو سؤال منهجي يتعين الحسم فيه قبل أي شيء آخر. فقد تم تعريف وتحديد المناطق الجبلية بشكل توافقي في سنة 2015 فقط، ومن طرف 17 قطاعا حكوميا فقط بمناسبة المصادقة على استراتيجية الجبل (البرنامج المندمج لتنمية المناطق الجبلية، مجموعة ماكنزي، 2014)، غير أن هذا التحديد لم يتم ترسيمه لحد الآن.
غياب سياسة عمومية موجهة لتنمية المناطق الجبلية، والمعالجة "التقسيطية" لمشاكل الجبل ضمن إشكاليات ومجالات تتجاوز نطاق الجبل، ولا تأخذ بعين الاعتبار خصوصياته وتفرده.
غياب مقاربات تنموية ملائمة لسياق وإشكاليات الجبال: فقد عولج الجبل على الدوام ضمن السياسات العامة الموجهة لكامل المجال الوطني، كما عولج موضوع الجبل لحد الآن بكيفية مغلوطة وملتبسة، تجعله جزءا من العالم القروي، لكنها تجرده من الاستثناء الذي يميزه كجبل، والحال أن الجبال المغربية تراكم مظاهر تأخر العالم القروي المعروفة، إضافة إلى المشاكل الخاصة بالجبل، أهمها العزلة ووعورة التضاريس وقساوة المناخ، وصعوبة ظروف الإنتاج والتبادل، وارتفاع التكلفة في كل مظاهر الحياة، لذلك نجد أن كثيرا من الدول وضعت قوانين خاصة بجبالها لحل هذه المعضلات، بينما مشروع قانون الجبل بالمغرب لم يبرح مكانه منذ سنوات.
وفي هذا الصدد، يمكن إنشاء صندوق خاص بتدعيم الاقتصاد الجبلي، توجه موارده إلى تشجيع الإنتاج الفلاحي والاستثمار في المجالات الاقتصادية الأخرى، وإلى حماية البيئة والثروات المائية والنباتية والحيوانية صندوق خاص بالتنمية الجبلية (FDM) على غرار (FDR). وفي غياب هذا الصندوق سيكون تمويل المشاريع المقترحة لكل كتلة جبلية في يد عدة جهات، وبالتالي ينبغي استحضار الأجوبة عن الأسئلة التالية: كيف يجب أن يكون التنسيق؟ وهل ستلتزم كل جهة بنصيبها؟ وهل أصلا سيكون التصور موحدا؟ وماذا لو تعطلت إحدى الجهات؟ بينما الحل السليم هو صندوق خاص واستراتيجية خاصة، وهيأة عليا للتدبير لا تخضع لهذه المتغيرات.