الجمعة 17 مايو 2024
اقتصاد

عائلة بوعيدا أمام القضاء بتهمة الاستيلاء على عقار مخصص لبناء مستشفى كلميم

 
 
عائلة بوعيدا أمام القضاء بتهمة الاستيلاء على عقار مخصص لبناء مستشفى كلميم امباركة بوعيدة رئيسة جهة كلميم واد نون وجانب من مشروع مستشفى كلميم على الورق
تابعوا المفارقة التالية: في القرن العاشر، كان العالم والطبيب الفيلسوف أبوبكر الرازي، أحد أشهر وأفضل الأطباء في عصره، يؤمن بارتباط العلاقة بين بيئة الطبيعة وبين صحة البشر، ذات مرة، طلب منه الخليفة العباسي بناء مستشفى في بغداد. فقام الرازي باختيار موقع بناء للمستشفى، بعد عمل تجربة فريدة وغير مسبوقة، تعد الأولى في تاريخ الطب في العالم.
قام الرازي بتوظيف بيئة الطبيعة وجعلها هي التي تقرر وتختار أين يبنى هذا المشفى. اختار الرازي عدة أراضي مفتوحة التهوية وبعيدة عن اكتظاظ المدينة. ووضع فيها قطعاً من اللحم المذبوح والطازج، وترك قطع اللحم في تلك المواقع لمدة 3 أيام. وبعد انقضاء المدة، عاد لتفقد قطع اللحم في كل المواقع.
وكان أن أعلن الطبيب الرازي وقرر بناء المستشفى، بعد اختياره موقعاً من تلك المواقع. والذي وجدَ فيه قطع اللحم تبدو أقل تعفناً وأبطئ تحللاً وتلوثاً. ليكون ذلك المكان هو المناسب صحياً لإقامة المستشفى، لأن مناخه وهوائه أقل تعرضاً للعدوى. نتيجة نقاء الأوكسجين فيه دوناً عن بقية المواقع الأخرى. والتي بينت أن قطع اللحم فيها تعفنت بسرعة، بسبب الأجواء الملوثة. 
اليوم وفي سنة 2023، أي بعد مرور 11 قرنا، لم يتنافس الأطباء في كلميم على اختيار القطعة الأرضية لبناء المستشفى الجهوي، على طريقة الرازي، بل تنافس على ذلك مالكو العقارات في باب الصحراء، ليس من باب اختيار المكان الملائم لصحة المواطنين، بل العقار المناسب ليدر عليهم الأموال الطائلة، حيث حددت وزارة الداخلية المبلغ المخصص له في 500 مليون درهم، وهنا بدأ كل طرف يدافع عن عقار معين لإقامة المستشفى فوقه، والحصول على التعويض الضخم من عملية نزع الملكية..
عائلة بوعيدا، التي تنحدر منها امباركة بوعيدا، رئيسة جهة كلميم واد نون، كانت من بين الذين قدموا اقتراح بناء المستشفى، لكن رجل أعمال معروف في الجهة دخل على الخط وادعى ملكيته لهذا العقار، وتم تبادل الاتهامات بين هذا وذاك، لينتقل البحث عن عقار لحفظ صحة المواطنين، إلى متاهة في المحاكم لبحث شرعية هذا الطرف أو ذاك في امتلاك العقار المراد بناء مستشفى جهوي فوقه.
"أنفاس بريس"، بحثت في هذا الموضوع، من خلال الوثائق الإدارية والأحكام القضائية، وفي الوقت الذي ظل هاتف امباركة بوعيدا يرن دون تلقي جواب عن وجهة نظرها في هذا الموضوع، بالمقابل تم وضع شكاية ضد عائلتي بوعيدا ومايوحل، موضوعها الاستيلاء على عقار المستشفى الجهوي بكلميم بالتزوير والنصب وخلق عن علم وثائق تتضمن وقائع غير صحيحة للاستيلاء على التعويض المحكوم في شأنه.
و بعد سريان التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء تم استدعاء المشتكي براهيم بابتيش ومن معه بمواجهتهم بالشكاية ليلجؤوا الى شكاية مضادة بتاريخ في يونيو 2021 ضد ورثة علي بوعيدة كل واحد باسمه.
وعندها باشرت الفرقة الوطنية البحث حيث راسلت المحافظ بكلميم من أجل إمدادها بجميع المطالب والوثائق المذكورة في الشكايات المتبادلة من تاريخ الإيداع ومراسلة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بكلميم حول وثائق ضمن البحث.
وقد توصلت الأبحاث المنجزة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء بكتاب من المحافظ يشرح فيه جميع المراحل التي مرت بها المطالب، ليتضح أن المشتكى بهم سنة 2017 و2018 لجؤوا إلى التعرضات خارج الآجال، ليتضح أن امبارك بوعيدة تعرض على مطلب 5880/56 في السنة الذي أصبح فيها رسما عقاريا 20506/56، وتنازل عن التعرض بعد توصله من طرف اعبيد لحسن بما قدره مليون درهم سنة 2017 من التعويض المحكوم لفائدة ورثة علي بوعيدة وورثة محمد يحضيه، بعدها أتى بأبناء عمومته عائلة علي بوعيدة سنة 2018 وشركائهم ورثة ما يوحل بلقاسم ليتعرضوا من جديد خارج الاجل على مطلب 5880/56، وتم رفض التعرض في نفس اليوم ليلجأوا إلى مقاضاة المحافظة العقارية بكلميم ليقول القضاء كلمته في الموضوع باحكام قضائية نهائية لصالح المحافظ.
وامام هذا الوضع اتهم المشتكي باقي الأطراف المشتكى، أن هناك تنسيقا منذ سنة 2017 من طرف عائلة بوعيدة علي وعائلة مايوحل على السطو على عقار الغير، وبعد مسطرة نزع ملكية المستشفى الجهوي سنة 2019 حكمت المحكمة الإدارية باكادير بأحكام بالتعويض لفائدة الملاك الحقيقيين بتاريخ فبراير 2020 عندها لم يهدأ لهم بال ليلجأ ورثة بوعيدة علي وورثة ما يوحل بلقاسم إلى وضع الشكاية الكيدية في يوليوز 2020 بعد استصدار الحكم بخمسة أشهر.
منذ ذلك الوقت والقضاء ينظر في هذا الملف، وكل طرف يدلي بوثائقه وحججه، مذكرات جوابية وخبرات قضائية وأحكام ابتدائية واستنافية حول التعويضات المحكوم به والجهة المستحقة له.. بل تم الرجوع لعقد شراء عدلي مؤرخ في دجنبر 1968. 
وفي ظل تداول القضاء في هذه الوقائع، يتشبث المشتكي بمتابعة ورثة بوعيدة علي وورثة مايوحل بلقاسم في ما نسب اليهم في المحاضر المنجزة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء..