العمل في البيوت أو كمنظفات يأتي على رأس انشغالات النساء المغربيات العاملات بإسبانيا. أكثر من النصف منهن يعملن ضمن هذا التخصص الذي يعتبر خاصا على وجه الحصر بالمهاجرين.
صلابة القوانين والحواجز الإدارية تحد من ولوج اليد العاملة الأجنبية في القطاع الاقتصادي إلى مناصب العمل المتخصص والأنشطة الذهنية. هذه الملاحظة هي خلاصة تحقيق أنجز لفائدة بلدية مدريد.
تحقيق شمل 204 امرأة نشيطة أو تبحث عن عمل يرتبط بخدمات مساعدة جمعيات تعمل في مجال الإدماج السوسيومهني للمهاجر. أغلب النساء ضمن هذه الفئة عانين لأكثر من عامين من البطالة، كما أنهن كن في وضع نظامي ويتوفرن على أوراق إقامة سليمة. ما يمكن تسجيله هو أن حوالي 50 في المائة كن عاطلات عن العمل مقابل الثلث فقط ضمنهن عملن لأقل من عام أو لم يحظين أبدا بفرصة لممارسة نشاط مهني. النساء اللواتي استطعن الولوج لسوق الشغل يشتغلن في البيوت أو يعملن كمنظفات أو يعتنين بالأطفال والأشخاص المسنين. هذه النسبة تتبث غياب رؤية لديهن للعمل في القطاع الخاص.
من خلال المقابلات التي أنجزت مع هؤلاء النساء يتبين أنهن يتمتعن بـ "معاملة لائقة" من قبل مشغليهن ومن طرف المجتمع. نسبة منهن صرحن بتعرضهن للإهانة أو من معاملات عنصرية بسبب جنسهن أو لباسهن أو أصولهن. كما سجلت بعض حالات التحرش الجنسي (5 في المائة من المستجوبات).
غالبية النساء المغربيات في إسبانيا يشتغلن في البيوت (55 في المائة) ، مرافقة القاصرين (14 في المائة) والأشخاص المسنين أو العاجزين (14 في المائة). وتوجد نسبة محدودة للمغربيات العاملات في الفلاحة (4 في المائة) مقابل نسبة 14 في المائة من النساء يعملن في قطاع الخدمات (الفنادق، المطاعم، الأنشطة الثقافية، السياحة).
ظل العمل في البيوت هو القطاع الذي يضم أكبر عدد من النساء المغربيات بإسبانيا. ولم تشهد هذه الوضعية أي تطور منذ بداية تسوية أوضاع الأجانب عام 1991. وهي نفس الوضعية التي يعيشها المهاجرون من جنسيات أخرى.
التحقيق يتضم أيضا مؤشرات أخرى تهم وضعية المرأة المغربية المهاجرة، فقط 40 في المائة من المغربيات النشيطات لديهن علاقة مع عامة الناس. هؤلاء صرحن بأنهن عملن في ظروف مناسبة، احترام متبادل، احترام عقد العمل. حالات التمييز بسب الجنس أو المظهر أو الأصل يهم فقط 19 امرأة من أصل 204 من المستجوبات، الإهانة والابتزاز 13 امرأة (6 في المائة) و10 عانين من التحرش الجنسي. هذه النسب تبدو ضعيفة مقارنة مع الدراسات والتقارير التي تصدرها النقابات الإسبانية في ما يخص معاملة المرأة العاملة. ففي أول دراسة لها تخص التحرش الجنسي بالعاملات الإسبانيات، صدرت عام 1998، كشفت مركزية الاتحاد العام للشغالين (UGT) أن 84 في المائة من النساء عانين من تحرش جنسي خفيف و55 في المائة من تحرش جنسي معتدل، و27 في المائة من تحرش جنسي متوسط، و27 في المائة من تحرش جنسي قوي و14 في المائة من تحرش جنسي جد قوي. وقد نشرت هذه المعطيات ضمن دراسة تحت عنوان "التحرش الجنسي في العمل" للسوسيولوجيةAna Mejías García عام 2001.
اختيار المهاجرات المغربيات للعمل كخادمات يعود إلى وعيهن بصعوبات الولوج لسوق الشغل بالنسبة للأجانب. كما يعود أيضا للمساواة بين الجنسين التي تم إقرارها بإسبانيا منذ دخولها إلى الاتحاد الأوروبي. الطلب القوي على اليد العاملة النسوية في جميع القطاعات الاقتصادية نتيجة الضغط القوي للحركات الاجتماعية التي تدعو إلى تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل والذي ساهم في تسريع وتيرة اندماج المرأة الإسبانية في الأنشطة الإنتاجية.
حاليا التشغيل في البيوت أو كمنظفات في إسبانيا مرتبط بظاهرة الهجرة مقابل التخلي التدريجي عن ممارسة هذه المهنة من طرف النساء الإسبانيات اللواتي يفضلن العمل في الأنشطة المذرة للدخل بشكل أفضل والأكثر إنتاجية وغير المتعبة. المهاجرة المغربية، على غرار المهاجرات من جنسيات أخرى، يجدن أنفسهن ضمن هذه المعادلة الميركنتيلية التي تسهل لهن الحصول على أول فرصة عمل منذ وصولها إلى إسبانيا من أجل كسب لقمة العيش على أمل الولوج إلى أنشطة أخرى بضمانات أفضل.