السبت 23 نوفمبر 2024
جالية

الوزير بيرو يعتكف في البيرو

الوزير بيرو يعتكف في البيرو

موسم الهجرة إلى الجنوب هو الرواية التي لم يكتبها الطيب صالح، ففي فصل الصيف يشرع المغاربة المقيمون بالخارج في العودة إلى أرض الوطن، محملين بحب الوطن ومحملين بما جنوه من تعب طوال السنة، ويفضل أغلب مغاربة العالم قضاء عطلة الصيف في أرض الوطن، ورغم متاعب العودة يصرون على المجيء للمرة والأخرى.

فعودة المهاجرين المغاربة بمناسبة عطلة الصيف يقتضي مساءلة وزارة الجالية والهجرة عما قامت به وهل قامت أصلا بشيء يذكر لصالحهم؟ وهل وضع الوزير أنيس بيرو خطة واقعية لمعالجة إشكالات المهاجرين أم هو معتكف في "البيرو" منتظرا التقارير؟

إن أهم ما قام به أنيس بيرو، الوزير التجمعي، هو بضعة زيارات إلى أماكن وجود المهاجرين، حيث تم استقباله بالاحتجاج حيثما حل وارتحل، فالمهاجر اليوم يريد حلولا لمشاكله لا زيارات فولكلورية، ويريد وزارة تقف بجنبه لا وزيرا يجعل منه عنونانا لرحلاته المتكررة، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وتزداد سنة بعد أخرى معاناة المهاجرين المغاربة في رحلة الإياب والذهاب، ولا يجدون مصالح الوزارة بل تتركهم لمصيرهم المجهول عرضة للابتزاز في كثير من الأحيان، حيث لا توجد الوزارة في مراكز الاستقبال، كما أنها لم تهيئ الظروف المناسبة لرحلة العبور، كما أن الوزارة لا تولي اهتماما لوجود المهاجر بأرض الوطن، فمنهم من يقضي عطلته لحل بعض المشاكل ومنهم يعتكف في الإدارة للحصول على وثائق إدارية.

فالوزارة غير معنية بمشاكل المهاجر وهو يعبر الحدود عائدا إلى أرض الوطن أو قافلا نحو بلد الاستقبال، وغير معنية بمصاحبته لحل مشاكله، كما إنها لا تهتم بتاتا بالمغاربة الذين يرغبون في إقامة مشاريع استثمارية بل إن الكثير من المهاجرين عادوا من حيث أتوا لأن الأبواب سدت في وجههم.

ومع ذلك فإن بيرو الجالس في البيرو وما يخرج منه سوى ليسافر للقاء بعض الجمعيات المحسوبة على رؤوس الأصابع، وهي الجمعيات المعروفة بالتطبيل لسياسة الوزير، في حين أن أغلب الجمعيات الفاعلة، والتي تضم أغلب المهاجرين وأطرهم العليا، قررت مقاطعة الوزير وخرجاته غير المجدية.

وقد أصيب الوزير بعدوى المناظرات والحوارات الوطنية التي أبدعها وزير العدالة والتنمية الحبيب الشوباني، وهي الحوارات التي تستهلك المال العام لكن بلا فائدة، وفي هذا السياق نظم ملتقى الصخيرات للمهاجرين، والذي قاطعته الجمعيات الفاعلة، في حين حضرته بضع جمعيات معروفة بحظوتها وقربها من الوزير ومن بعض الديبلوماسيين.

للمهاجرين مشاكل ومطالب لا يمكن علاجها ومعالجتها عن طريق الجلوس في البيرو ولا عن طريق رحلات إلى هنا وهناك  تستنزف الميزانية العامة ولا عن طريق الملتقى البئيس ولا عن طريق الكلام الفارغ ولكن عن طريق وضع الخطة الناجعة لمواجهة التحديات.

سقط بيرو مرة أخرى مع موسم العودة حيث نم تسجيل غياب تام لمصالحه، مع طرافة مضحكة وهي تكليف موظفين باستقبال جثامين الموتى المغاربة بالمطارات.

عن يومية "النهار المغربية"، الأربعاء 16 يوليوز 2014

ملحوظة꞉ العنوان من اقتراح هيئة التحرير