الأحد 5 مايو 2024
اقتصاد

لمحاربة "النْوارْ" في بيع الشقق للمواطنين.. "كصير" يدعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها

لمحاربة "النْوارْ" في بيع الشقق للمواطنين.. "كصير" يدعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها يوسف كصير، رئيس جمعية حماية المستهلك بالجهة الشرقية بوجدة
يصطدم المواطنون المغاربة الراغبون في شراء مسكن أو عقارات أخرى بظاهرة "النوار" التي أضحت تحكم العديد من المعاملات العقارية وتفرض على مقتني السكن نسبة من المبلغ الإجمالي للعقار المعروض للبيع، يتعين على الراغب في شرائه أن يدفعها إلى مالك العقار، خارج المبلغ المصرح به في عقد البيع.
ويقدم المشتري مبلغ "النْوار Noire" مباشرة إلى البائع، إما في شكل سيولة نقدية أو بواسطة شيكات تحول إلى أسماء شخصية، عوض أن تكون في اسم المقاولة التي تبيع العقار. ويتم الدفع قبل إنهاء المسطرة المتعلقة بالتسجيل والتحفيظ، إذ يأخذ شكل عربون لإبرام عقد عرفي يقوم مقام وعد بالبيع.
وارتباطا بالموضوع، قال يوسف كصير: رئيس جمعية حماية المستهلك بالجهة الشرقية بوجدة في تصريح ل "أنفاس بريس"، أن “الاعتقاد السائد لدى معظم الناس من الناحية الواقعية، لاسيما طرفي عقد البيع، أن ما يسمى بـ”النوار”هو جزء لا يتجزأ من عملية البيع حتى سار شائعا في الكثير من التعاملات العقارية”، غير أنه “مسألة غير قانونية تنطوي على إثراء بلا سبب وابتزاز من نوع خاص من طرف البائع وتضرب الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة المنشودة”.
و من شأنه تأزيم وضع المستهلك البسيط صاحب الحلم المنشود الحصول على سكن يغنيه من ضغط الكراء.
وتابع محدثنا أن “النوار” “فيه نوع من الابتزاز من طرف البائع، سواء أكان مقاولا أو منعشا عقاريا، للمواطن العادي الذي يريد اقتناء سكن”، مذكرا بأنه كثيرا ما نسمع أن الدولة تتدخل في شخص إدارة الضرائب لإعادة مراجعة الضريبة على الأرباح العقارية. وينص  230 من قانون الالتزامات والعقود على أن العقد شريعة المتعاقدين؛ وهو ما يعني أن ما يصرح به في عقد البيع بين البائع والمشتري هو المعتد به من الناحية القانونية. 
كذلك لجأت أطراف التعامل مع البيوعات العقارية إلى ما يسمى بالزونينغZONING. وهذا حل نسبي يخدم تفادي التملص الضريبي لكن من يحمي المستهلك وهو يشكل الحلقة الضعيفة في هذا الشأن. 
وقد كانت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين قد أطلقت حملة ضد “النوار” في 2010 من أجل إرساء دعائم الشفافية في القطاع تماشيا مع ميثاق الآداب وأخلاقيات المهنة الذي اعتمدته في هذا المجال، عبر دعوة الفاعلين في الإنعاش العقاري إلى الإعلان على واجهات العمارات التي يشيدونها أن “أثمنة البيع مصرح بها 100 في المائة”.
ومن أجل محاربة التهرب الضريبي في التعاملات العقارية من خلال عدم التصريح بقيمة بيع العقار الحقيقية، اعتمدت المديرية العامة للضرائب إجراءات جديدة غير مسبوقة تمثلت في وضع أثمنة مرجعية لبيع العقار بمختلف أنواعه وشرعت في العملية بمدينة الدار البيضاء لتعممها على عدد من المدن الأخرى، وذلك بهدف احتساب الضريبة بناء على الأثمنة المرجعية وليس التصريح.
ومن شأن هذه المبادرة التي اعتمدتها المديرية العامة للضرائب المساهمة بشكل كبير في محاربة ظاهرة “النوار”، وكذا تفادي الخلافات بين أرباب العقارات والإدارة الضريبية بشأن القيمة الحقيقية للعقار في إطار آلية المراجعة الضريبية.
من جهة جمعية حماية المستهلك، أكد كصير  أن القوانين التي تحمي المستهلك وخاصة قانون 31/08  ليس فيه أية إشارة لا مباشرة ولا ضمنية لمحاربة الظاهرة، وأشار أن من يتحمل المسؤولية في الوقت الراهن هم الموثقون والعدول من جهة أولى. وإذا امتنعوا عن تحرير مثل هذه العقود فهو حل جزئي على ألأقل،  ثم المنعشين العقاريين والخواص انطلاقا من زاوية أخلاقية .
كممثل جمعية حماية المستهلك، نهيب بالمؤسسات الحكومية بالضرب على يد هذه الفئة الجشعة التي اصبحت تتسبب في تأزيم المستهلك المغربي في مجموعة من المجالات و لعل ما يحصل الآن من غلاء أسعار مواد أساسية وغلاء عقار وغلاء مواد تكميلية ... يوضح بجلاء الوضعية الكارثية التي تنتظر المستهلك المغربي وما يهدد واقعه السوسيو اقتصادي.
"نحن نعمل من جهتنا على التحسيس و التوعية كلما سنحت الفرصة لذلك لكن ليس كافيا، و لعل ما أقدمت عليه الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك بالمغرب بعدما أسست شباك المستهلك الاحترافي خاص بالعقار لدليل على هذا". 
وختاما دعا محاورنا الحكومة إلى أن تتحمل مسؤولياتها وإلى مراجعة قانون 31/08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك بإقحام بنود تتعلق بمحاربة آفة "النوار". إلى جانب تنظيم مناظرة وطنية للتفكير في آليات تحد من تفاقم الوضع.