الخميس 18 إبريل 2024
اقتصاد

 أبناك المغرب... "مَا حَدْهَا تْقَاقِ وْهِيَّ تْزِيدْ فِي الْبَيْضْ"

 أبناك المغرب... "مَا حَدْهَا تْقَاقِ وْهِيَّ تْزِيدْ فِي الْبَيْضْ" الأبناك أضحت تعاني من نقص على مستوى التوعية والتعريف بأنواع المعاملات البنكية مع الزبناء
هل تحول زبناء الأبناك المغربية إلى فريسة بين فك وكالاتها عبر ربوع الوطن؟ لماذا لم يعد الزبون ملكا كما كان متعارفا عليه في قاموس المعاملات المالية؟ ولماذا تحول الزبون في زمن الربح والجشع إلى ضحية أمام عتبات العديد من الوكالات البنكية التي تحتقره وتتعامل معه كبضاعة قابلة للمتاجرة والاستهلاك؟ وما هي المشاكل التي يعاني منها زبناء الأبناك بالمغرب؟ وكيف سيكون مستقبل المعاملات البنكية والتجارية بين الأفراد والمؤسسات والشركات. هي أسئلة وأخرى ستجيب عليها جريدة "أنفاس بريس" من خلال لقاءات مع بعض الفعاليات الجمعوية والمراقبين واعتمادا على تصريحات بعض الخبراء وأيضا رأي زبناء في المشاكل التي يعانون منها.
 
ـ تنافسية الأبناك من أجل الربح
في هذا السياق أوضح أحد البنكيين بأن التنافسية القائمة بين الأبناك المغربية ليست من أجل سواد عيون الزبناء، أو من أجل إرضائهم وتقديم الخدمة الجيدة المطلوبة لهم، والحد من معاناتهم. لا قطعا، إنما التنافسية القائمة بين الأبناك المغربية هي من أجل الربح ولا شيء سوى الربح. بمعنى أن بنك (أ) إذا حقق أرباحا في سنة 2022 تقدر بـ 2 مليار سم، فالمؤسستين البنكيتين المتنافستين (ب) و (ج) مطالبتين بالبحث عن صيغة جديدة لتحقيق ربح أكثر أو على الأقل نفس الأرباح التي حققها البنك المنافس (أ)، دون التفكير في مآسي الزبون ومشاكله المادية باعتباره معادلة ورقم أساسي في العمليات البنكية برمتها.
وأشار نفس المتحدث للجريدة بأنه مع إقرار قانون المستهلك يمكن أن نتحدث شيئا ما عن نوع من الحماية القانونية للزبون الذي استعاد وعيه واستيقظ من سباته (دار غفلون) بفعل حملات التوعية التي يقوم بها الإعلام والصحافة إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي حيث بدأ المواطن يتعرف على حقوقه و واجباته.
وحسب ضيف الجريدة واستنادا على القانون التجاري فإن أكثر من نصف المغاربة كان من اللازم منعهم من فتح حسابات بنكية، لماذا؟ لأن القانون يمنع على الأبناك أن تفتح حسابا بنكيا لشخص أمي يجهل القراءة والكتابة !!؟. فكم هي نسبة الأمية في المغرب أو بالأحرى كم عدد الأميين الذين فتحت لهم حسابات بنكية بأسمائهم من أجل حفنة دريهمات تصله من هنا أو هناك لمصروف المعيشة؟
في سياق متصل استغرب موظف بنكي قائلا: نلاحظ أن فتح الحسابات البنكية قد تم فرضها على عموم المواطنين بما فيهم البسطاء والفقراء الذين ليس لهم دخلا قار ويعيشون الهشاشة، (شرط من شروط صندوق النقد الدولي رفع نسبة الزبناء في الأبناك)، وهذا التوجه استغلته الأبناك للرفع من قيمة الأرباح على مستوى مجموعة من الخدمات في حين أن بنك المغرب قد حدد سلة من تلك الخدمات بالمجان (تقريبا 24 خدمة مجانية) إلا أن معظم الأبناك لا يشهرونها علنا للزبناء والمرتفقين بالوكالات البنكية طبقا للمذكرات السنوية التي يصدرها بنك المغرب، والأغرب من ذلك تجد أن الخدمات البنكية بالمقابل يختلف سعرها من بنك لآخر، وحتى نسبة الفائدة تختلف أيضا في بعض الأحيان حين إضافة مصاريف ملف أنواع المعاملات البنكية.

 
ـ ثلاثة ركائز لضمان مداخيل الأبناك
وعن سؤال للجريدة أكد نفس المتحدث بأن أي بنك يعتمد على ثلاثة ركائز مالية لضمان مداخيله المالية وهي، الودائع، ثم القروض، والمنتوجات أو الخدمات البنكية.
وأوضح بخصوص الودائع أن البنوك شجعت الزبناء على ضرورة استثمار أموالهم دون إيداعها في البنك من أجل خلق فرص الشغل وتحريك عجلت الاقتصاد ويمكن ـ حسب نفس التوجه ـ أن يضمن الزبون نجاح مشروعه الاستثماري خلاف ترك الأموال جامدة بنسبة فائدة ضعيفة جدا.
فمثلا دفتر التوفير البنكي لا تتعدى نسبة الفائدة في معاملاته البنكية 1 في المائة (ألف درهم مقابل درهم في ثلاثة أشهر من الإدخار) لذلك ـ يوضح ضيف الجريدة ـ عملت الأبناك على تشجيع الزبناء على استثمار الأموال بدل الإدخار. 
أما بالنسبة للقروض ـ يقول موظف بنكي ـ فمشاكلها حدث ولا حرج رغم أن بنك المغرب هو الذي يحدد سعر الفائدة (رغم أن قيمة المعيشة ارتفعت بنسبة 25 في المائة)، علما أن نسبة كبيرة من الزبناء لم يعد لهم قدرة على الاستفادة من قروض إضافية، أما بخصوص سعر المنتوجات البنكية فذلك هدف أساسي لجميع الأبناك حسب عدد الزبناء الذين يمثلون رقما تجاريا في معادلة كل الأبناك.

 
ـ الزبون بين مطرقة الاقتطاعات وسندان البنك
في سياق متصل لاحظ أحد الزبناء أن الأبناك أضحت تعاني من نقص فظيع على مستوى التوعية والتعريف بأنواع المعاملات البنكية مع الزبناء واحترامهم كرقم أساسي في المعادلة المالية. فضلا عن تسجيل النقص المهول على مستوى التكوين المستمر لفائدة الأطر والموظفين البنكيين في زمن الرقمنة والتواصل عن بعد منذ فترة جائحة كورونا.
وشدد نفس المتحدث للجريدة على أن غالبية الزبناء يفاجئون، ولا يفهمون، ولا يعرفون نوع الاقتطاعات التي يتوصلون بإشعاراتها من البنك، لأن هناك موظفين بنكيين يقومون بتوريط الزبناء في خدمات ومنتوجات بنكية لا علم لهم بها، ولا يرغبون فيها، وهذا السلوك نلاحظه على مستوى استخراج مختلف البطائق البنكية (كارط كيشي) التي يتعامل بها بعض الزبناء والتي لا تتناسب وحجم أجورهم الشهرية مما أدى ببعضهم إلى الغرق في بحر المعاملات المالية.

 
ـ لماذا التحويل الآني واعتماد التطبيقات البنكية ؟
وحسب تقارير إعلامية لخبراء اقتصاديين فإن الأبناك المغربية اعتمدت التحويل الآني والفوري للأموال من حساب لآخر، بدل 48 ساعة أو أكثر، واعتبرت أن هذا قرار إجباري فرض على الأبناك من طرف بنك المغرب، وأكدت ذات التقارير أن هذه مرحلة أولى من مشروع كبير يستعد له بنك المغرب والذي تحدث عنه الجواهري وخبراء ماليين.
وأشار خبراء إلى أن المرحلة الأولى من مشروع بنك المغرب ستعرف فيها التحويلات المالية التطبيق الآني والفوري ولو تمت العملية من بنك لآخر، وفق التطبيق البنكي على الهاتف المحمول. أما المرحلة الثانية فتتعلق بتسهيل تطبيقات الأبناك لتكون في متناول جميع الزبناء حيث ستصبح وسيلة للأداء خلال أي عملية للبيع والشراء كيفما كان نوعها وسعرها بكل المتاجر والأسواق. وستخضع للتطبيقات السريعة على الهواتف المحمولة، بهدف إلغاء التعامل بواسطة السيولة المالية، وهذا هو الهدف النهائي لبنك المغرب إلى جانب استعمال الهاتف النقال كوسيلة للأداء مع تبسيط تطبيقات الأبناك في هذا الشأن.
في هذا السياق تم التأكيد على إلغاء التعامل بالأوراق المالية (السيولة) على اعتبار أن طبع الأوراق المالية تكلف خزينة الدولة أموال باهضة (ورقة 100 درهم تطبع بأكثر من سعرها)
وبخصوص المرحلة الثالثة من مشروع بنك المغرب فإنها ستعرف فرض ضريبة على التعامل بالسيولة المالية (الكاش) بحيث أن أي معاملة تجارية بالسيولة المالية ستخضع للتضريب وفرض رسوم عليها، بما فيها فواتير الاستهلاك الشهري (ماء أو ضوء...) إن أداها المواطن بأوراق مالية دون استعمال تطبيق الهاتف المحمول. مما سيفرض على المواطنين التعامل بالتطبيقات البنكية أو ما شابهها من تطبيقات الشركات والمؤسسات ذات الصلة.
إن التعامل بـ (الكاش) أي بالسيولة المالية يسبب مشاكل في المراقبة ويستعصي معه تتبع استخلاص الضرائب المستحقة ـ حسب تصريحات خبراء ماليين ـ  بحيث أن الدولة لا تعرف حجم المعاملات التجارية بين الأشخاص والشركات، خلاف المعاملات الرقمية من خلال التطبيقات البنكية بالهواتف المحمولة والتي تكشف لمصلحة الضرائب حجم المعاملات المالية بشكل مضبوط.