السبت 4 مايو 2024
في الصميم

السكن الاحتماعي بالمغرب.. تذكرة إلى الجحيم بدون عودة !!

السكن الاحتماعي بالمغرب.. تذكرة إلى الجحيم بدون عودة !! عبد الرحيم أريري
مازالت السلطات العمومية بالمغرب ترفض لحد الآن أن تصدر تعريفا لمفهوم السكن الاجتماعي: أي هل السكن الاجتماعي هو ذاك المرتبط بالثمن؟ أم ذاك المرتبط بالمساحة؟ أم ذاك الذي يعني بناء مشاريع تلغي حق المغربي في المرافق التعليمية والترفيهية وفي الحدائق وفي الساحة العمومية وفي الملعب وفي الحمام وفي السوق وفي المسبح؟ أو أن السكن الاجتماعي هو تلك الأقفاص الإسمنتية التي تبنى في "قاع الدنيا" بضواحي المدن بدون مواصلات وبدون طرق وبدون إنارة عمومية؟
 
فشقق السكن الاجتماعي كما ترخص بذلك كنانيش الحكومات المغربية المتعاقبة، وتنفذها بعض الشركات العقارية الكبرى تتراوح مساحتها في الأغلب الأعم بين 45 و55 متر مربع للشقة. أي أن شقة 45 متر مربع مثلا تأوي أسرة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال تسمح فقط بـ 9 أمتار مربعة للفرد، بمعنى أقل من ما هو مخصص للسجين في أوروبا (11 متر مربعا)، علما أن السجين هناك ارتكب جرما وأقر بذنبه وتسبب في ضرر للفرد والمجتمع، ومع ذلك توفر له دول أوروبا 11 مترا مربعا، لأن الخبراء أثبتوا أن "الطوبة" و"سراق الزيت" و"الفئران"، هي التي يمكن أن تعيش في مساحة أقل من ذلك !
 
أما المغربي الذي يشتري شقة "السكن الاجتماعي"، بعد أن "يحلبه" البنك ويدفع "دم جوفه" كتسبيق لبعض المنعشين العقاريين الكبار، هو مواطن صالح ينتج الثروة وينمي اقتصاد بلاده عبر العمل الذي يقوم به سواء في القطاع الخاص أو العام أو بامتهانه لمهنة حرة، وبالرغم من ذلك تتآمر الدولة (في شخص الحكومة والبرلمان والجماعات والوكالات والعمالات) وبعض شركات الإنعاش العقاري العامة والخاصة، ضده بإنتاج شقق هي أقرب منها إلى زنازن القرون الوسطى من سكن لائق وآدمي.
 
إن المغرب بقدر ما نجح في تجاوز سنوات الرصاص بإحداث هيأة الإنصاف والمصالحة، في حاجة ماسة اليوم إلى إحداث هيأة للمصالحة والإنصاف العمراني لتحقيق المصالحة مع المتضررين الذين تم استبلادهم بالشعارات والإشهارات حتى اقتنوا الشقق في مشاريع السكن الاجتماعي. وذلك عبر تمزيق كناش التحملات الحالي الخاص بمواصفات الشقة في السكن الاجتماعي الذي يعتبر بمثابة "تذكرة بدون عودة إلى الجحيم"، والحرص على إعداد كناش جديد يحدد الحد الأدنى لمساحة الشقة في أكثر من ذلك، أوعلى الأقل ربط مساحة الشقق بعدد أفراد الأسرة الواحدة الواجب أن تسكن فيها تحقيقا للكرامة. ثم الحرص ثانيا على استرجاع فائض الأرباح الخيالية التي حققها المنعشون الكبار (المدللون من طرف الدولة)، على حساب سكان هذه المشاريع السكنية لإعادة استثمار هذه الأرباح في إنجاز المرافق الضرورية وترميم الأعطاب الحضرية التي ظهرت بهذه المجمعات السكنية الكارثية الخالية من أي لمسة إنسانية وعمرانية جمالية.