الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي: "إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين "

عتيقة الموساوي: "إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين " عتيقة الموساوي
وما كان إلا أن فوجئ المغاربة بثورين من البقر البرازيلي المستورد يركضان وسط الشارع  العام مثل جاموس السافانا، يركضان من شارع الى شارع ومن ساحة إلى أخرى، في زوبعة من الفوضى والهلع بين المارة وتصادم لحركة المرور في مشهد مثير سرعان ماضبطته عدسات الكامرات، وتحول الى ركض جماعي بين كر وفر من المطاردين جَسَدت مناطحة  "الثوريرو الإسبانية". مشاهد مضحكة من الاثارة شبيهة بلعبة " الماتادور" .. حولت ثور الجاموس في لحظة القبض عليه إلى انتصار بينه وبين الناس،  اختلطت فيها حالات الخوف والاستمتاع والضجر، والتحكّم في الشارع في جو رمضاني بطعم هندي.. ولا في شوارع نوديلهي.
لعبة الماتادور الإسباني لمحاصرة هيجان الجاموس الخائف قابله بغضب بالنطح والفرار من جموع المُطارِدة له بين الأزقة والشوارع وكانها حلبة مصارعة تنقصها فقط السيوف .
 
ومهما يكن من واقعة فرار جواميس الحكومة من المسلخ بالرباط،  إلا أن القدر شاء أن تُنتج  الفُرجة نوع آخر من الحقيقة..  أبقار هجينة لم تألفها أعين المغاربة،  شبيهة إلى حد كبير بالأبقار الهندوسية المباركة، حيث البقر عندهم يُحترم إلى حد يسمح له بالتجوال دون أن يصاب بأذى ويمكنه دهس المارة لطلب البركة في الهند.، وفي لحظة  القبض على الجاموس التائه الغاضب بإحدى مدارات الشارع ثم رفعه للشاحنة بالرافعة فتحول المشهد إلى صورة مضحكة  تندر بأزمة بين نيوديلهي  والرباط لانهم عدبو الآلهة المقدسة .!!
وقيل عن جوامس الحكومة أن انفلاتها من الدبح و هروبها ناتج عن إهمال أو عدم الانتباه.. أو  تصرف أمْلته محددات خاصة.. !!  وما الخوف والهلع الذي تم إحداثه في  شوارع  الرباط و مساحاتها الخضراء هي إثارة وفزع للمواطنين الذين لم يعتادو على رؤية الجوامس إلا في أدغال قنوات "ناشيونال جيوغرافي" . 
حيوان غريب،  دو حدبة الجمل وديل الحمار أعياه الركض والمطاردة الساخنة والضجيج  وتعالِي الأصوات من حوله في مدرج مصارعة الثيران،  إستَنْفرتْ وحشيتة  فانتفض بنطحات هنا وهناك  مثل "التوريروس في بلاد ألفونسو كروش، حيث قضى العديد منهم بنطحات قاتلة كاد أن يتسبب بمثلها جاموس الرباط الشارد لولا لطف الله.
أثار شكل حيوان "الجاموس" الذي قالت الحكومة أنها إستوردته لإطعام المغاربة باللحوم الحمراء ..  موجة من السخرية والاحتجاج من قبل المواطنين غصت بهم مواقع التواصل إلى درجة الدعوة  لمقاطعة لحومها في رفض تام له، وذهب البعض الى حد السؤال عن مآل أبقار المغرب؟! وكيف تم إستبدالها ببقر ممسوخ من فصيلة جاموس تشمئز منه العين.
حسب الحكومة وتحت ضغط الاحتجاجات بوجود أزمة في مادة اللحوم الحمراء،  وسبب النقص المسجل في القطيع الوطني نتيجة جائحة كوفيد وتوالي سنوات الجفاف وغلاء الأعلاف،  وتحقيقا للاكتفاء الذاتي سارعت إلى نهج أسهل الحلول المتمثلة في توريد الأبقار من دولة البرازيل ومنح امتيازات مهمة لمستورديه .
لكن معايير الجمال التي تشكل جوهر تذوقنا لهذا الجمال تخالف منظر الأبقار البرازيلية الهجينة..، ذميمة وقبيحة ومقرفة، وربما قد يكون من دواعي أسباب استيرادها هو سد نفس المغاربة عن أكل اللحوم…!!
من سيأكل لحم بقرة تشبه بقر سنوات العجاف..!؟
حتى في مواعظ الأديان هناك توصيف سليم للاختيار الأنسب في ما ترتاح له العين.. و الله سبحانه وتعالى لما أمر قوم موسى أن يذبحوا بقرة قال إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين صدق الله العظيم .. هذا عن وصف الجمال، فاللون إذا كان بهيجا جميلا سر الناظرين، وأعين الناس طامحة إليها بالنظر فيكون السرور قد حصل، فأين جاموس الحكومة من هذا القرف؟!
المغاربة عُرِفوا على مرٌِ الزمان بأكلهم الطيب ودِواقِيتهم للأطباق الشهية، فهل نحن محتاجين للحوم مستوردة من جواميس برازيلية أوهندية،  بقري أو جاموسي .!؟ 
والله،  إني لأَخال الوضع استهجان في نخوة شعب وإرث غني بالدِواقة والأطباق العريقة، وما سارية الاحتجاج لمقاطعة جواميس الحكومة وسط التشكيك في صحتها التي لا ترقى للجودة الصحية السليمة إلا سلام على اللحوم الحمراء ..
ونحن في شهر الخير رمضان نقول الله يْخَرجْ "حرِيرَة الجاموسي البرازيلي" على خير.. ودام لكم الطاجن المغربي الشهي .. وكل رمضان وأنتم بخير.
عتيقة الموساوي، كاتبة