صدر حديثا كتاب جديد للكاتب والصحفي، بوشعيب حمراوي، عبارة عن ديوان زجل. ويعد الكتاب الرابع بعد إصدار المؤلف كتبه الثلاثة: رسائل سياسية الذي صدر شهر نونبر 2017 ، كتاب رسائل تربوية الذي صدر شهر نونبر 2018 وكتاب الوحدة الترابية قضية المغاربة الأولى (المغرب والجار الجائر ) الصادر شهر يناير2021.
مدخل عن المؤلف: بوشعيب حمراوي
ترددت كثيرا قبل أن أطوي مسار 43 سنة من الكتابة الزجلية المتقطعة، وأعصر بعضا منها في هذا الديـوان الزجلي الذي اخترت له اسم : لكلام المعجون. ليس لأنني غـــــارق في انشغالات أخرى ثقافية وتربوية وصحفية. وليس لأن معظم قصائدي الزجلية تفسد لحظات الاستمتاع الزجلي لدى البعض، بالنظر إلى المواضيع المتضمنة لها. والتي تجعل من تلك القصائد رسائل انتقاد واحتجاج وتوبيخ موجهة لبعض الضيوف. ولكن لأنني كنت أرغب ألا تبقى قصائدي الزجلية حاملة لرسائل من الماضي الأليم. ظانا مني أن كل المشاكل والأزمات ستتم تسويتها. حلمت بأن المغرب سيرتقي بمستوى عيش المغاربة، وسيتمم وحدته الترابيـــة. وأن الفلسطينيين سينعمون بأرضهم وقدسهم (قدسنا)... فقلت لا داعي للتحسيس والتوعية وإعطاء الدروس وتوجيه الاحتجاجات والتوبيخ في أمور ستسوى.. مرت السنون وظلت المشاكل والأزمات قائمة.. فلم تنتهي صلاحية قصائدي الزجلية أو ما تبقى منها، وأضفت إليها قصائد زجليـــة جديدة. وبات من الواجب اقتسامها مع الأهل والأحباب وكل عشاق الزجل.. أمـلا في أن تصل مضامينها للعموم ونســـــاهم من خلالها في وقف نـــزيف الميـوعة والتفاهــــــــة والاهتمام بما يشغل الناس وما يفرضه الوطـــن من حب وحرقة في الدفاع عن مكتسباته وثرواته وحدوده.
بدأت كتابة الزجل والقصة القصيرة وأنا تلميذ بمستوى الثانوي التأهيلي. عشق الكتابة كان يقض مضجعي في ساعات متأخرة من الليل، لأقفز من فراشي من أجل تدوين جمل وقوافي ساقها القدر إلي. لكن للأسف لم يكن بالإمكان أن استمر في كتابة الزجل، وفق ما أرغب وأشتهي. فبعدما انتقلت إلى مدينة الدار البيضاء لإتمـام دراستي الجامعية منتصف الثمانينيات بكلية العلوم بنمسيك والاستقرار بحي السلامة 3 رفقة سبعة طلبة من أبناء بلدتي بنسليمان. كنت أنظــــم لقاءات من أجل قراءات قصصية (القصة القصيرة) وزجليــــة بقاعة دار الشباب سيدي عثمان بالدار البيضاء.
كانت الظروف السياسية مشحونة. حيث عمدت إلى إحراق الدفتر الذي كان يجمع كل إبداعاتي الزجلية والقصصية، بتعليمات أسرية. خـــوفا علي من بطش (موالين الوقت) حينها. فقصائدي الزجليــــــة كلها تتحدث عن الواقـــــع المعاش حينها. عن الفســـــاد والاستبداد المستشري. زجــــــــل ثــــــوري بكل ما تحمل الكلمات من معنى. بل إنني أتلفت (الكاسيط ذات الشريط الأسود)، الذي كنت سجلت به صوتيا مجموعة من القصائد الزجلية. وكان يرافقني طفلا في الثامنة من عمره اسمه علي. لازالت نبرات صوته البريء والحزين (الله الله أكبر) ترعشني كلما تذكرت تلك الفترات. عندما كنت أصرخ.. جيعان عطشان لا من يفكر.. حفيان عريان منسي مع الحجر.. مهموم مغموم في الشتاء وحر.. مضيوم ملهوم في البر والبحر... كان يرد علي بتكبيرة جارحة.. تدمع لها العين.
خرج الديوان إلى الوجود كرابع مؤلف لي بعد كتابي الأول : رسائل سياسية، وكتابي الثاني : رسائل تربوية، وكتابي الثالث: الوحدة الترابية قضية المغاربة الأولى.. وأملي أن أمتع القراء والمستمعــين بما تيسر من إبداعاتي الزجلية .. دمتم في رعاية المولى..
تقديم الكتاب من طرف عبد المجيد مشفيق كاتب وملحن - عضو مجموعة السهام ومخرج تلفزيوني
وأخيرا استطاع الأستاذ الكاتب والصحفي، بوشعيب حمراوي أن يفرج عن جانب إبداعي آخر من جوانبه المتعددة، في التعليم والثقافة والتأليف والصحافة. إبداع ذو حمولة قوية، احتفظ به لنفسه لعدة عقود. حجبته انشغالاته الكثيرة والمتشعبة عن الخروج إلى الوجود. ووسط كل هذه التحديات يرفع السي بوشعيب اللثام عن فسيفساء رائع عبر نافذة من القصائد الزجلية. برهن من خلالها الأستاذ الكاتب والصحفي، عن تمكن راق في طرح ومغازلة الكلمات وتطويعها، بطابع وبصمة خاصة، تبرز مدى عشقه لهذا النوع من الشعر العامي الموزون. زجل جسد بقوة هوية وماهية الزجال بوشعيب حمراوي المتشبث بروح مغربية أصيلة، جمعت بين حبه للترافع من أجل رقي المجتمع والوطن والدفاع عن وحدته الترابية، وبين رغبته في التغيير والإصلاح والإنصاف الشامل والتام، لصالح جميع أبناء هذا الوطن بمختلف فئاتهم العمرية والعرقية.
زجل بكلمات قوية وهادفة وقوافي تجذب المستمع وتغريه بالرغبة في الإنصات إلى المزيد من قصائده الزجلية المرصعة في ديوانه الأول هذا: "لكلام المعجون ". أبانت عن حضور لافت لأصل الزجال الزيادي السليماني في مناجاته لتراب العشق الذي تربى فيه وبين ناسه.
زجل غني / قوي / محكم الترتيب في الأفكار والقوافي يسمو بعشاق الكلمة إلى الإحساس بشكل مباشر أو رمزي بما يحمله من رسائل قيمة جمعت بين التحسيس والتوعية والتحذير والمطالبة بالإنصاف والترافع ضد خصوم الوطن. روافد تلتقي في نهر قلم الصحفي والمؤلف والزجال بوشعيب حمراوي. بقي فيها كلها وفيا لخط تحريره القائم على التشخيص الواقعي والدقيق للأحداث والمواقف، مخلصا للإنسان والطبيعة، ملتزما بتصحيح المسارات وتقديم النصائح والمقترحات. وهو الذي كتب في كل الأجناس الصحفية وألف كتبا تحمل رسائل سياسية وأخرى تربوية. وخاض قلمه الدافق في مؤلفه الثالث في جوانب مهمة من الوحدة الترابية : قضية المغاربة الأولى.. غاص من خلالها في كل ما هو سياسي وتربوي وثقافي وتاريخي ووطني. وعاد بعدها ليجسد كل مواضيعها في قصائد زجلية حملت دروسا مختلفة بكلمات (معجونة) بأسلوبه الخاص الذي تمرد به على الزجل وأضاف إليه روحا جديدة بقوالب فريدة. هنيئا لنا بهذا المولود الجديد، الذي نأمل أن يبادر عشاق الزجل إلى الاطلاع على ما يزخر به من قصائد رائعة وبليغة عبر هذه النافذة الجديدة من نوافذ الأستاذ والصحفي والمؤلف والمحاضر والزجال بوشعيب حمراوي... وجبة زجلية يصعب مقاومتها ... بالصحة والراحة.