بسط الدكتور نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدّراسات الإستراتيجية، لـ"أنفاس بريس" وجه نظره في جمع عزيز أخنوش رئيس الحكومة بين سلطة المال والسياسة:
حيث أنه، وبعدما رفعت الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة، من سقف الوعود الإنتخابية، وخاصة حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقودها، وبعد أقل من عام على التّسيير، انكشفت حقيقة الإنجازات الموعود بها للجميع، ولم يعد الجهر بهذه الحقيقة مقتصرا على أحزاب المعارضة والنّخب المستقلة، بل إن كلاّ من والي بنك المغرب والمندوب السّامي للتخطيط، وضّحا بما لا يدع مجالا للشكّ والمزايدات، حقيقة الأزمة البنيوية للإقتصاد المغربي، والأسباب الحقيقية للتّضخم، ليتّضح بأن مصدره محلي بالأساس، على عكس أقوال الحكومة التي تحاول التهرب من مسؤوليتها بالإدّعاء أن التّضخم مستورد ونتيجة عوامل خارجية وإقليمية ودولية.
كما أنّ تقارير دولية، تنبه لخطورة الوضع الإقتصادي بالمغرب، وما آلت إليه الأمور أصبح يستدعي تدخلا استعجاليا، ومنها تقرير مشترك أصدرته مؤخرا كل من منظمة الأغذية والزّراعة التابعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف، يسجل أن “انتشار انعدام الأمن الغذائي المعتدل والشديد في المغرب بلغ 30,1 في المائة“.
لقد كان دائما، الجمع بين المال والسلطة، مفسدة كبرى، فتجارة صاحب السّلطة “مضرّة بالرّعايا، وفساد للجباية“ كما قال ابن خلدون، وهي القولة التي تنطبق على عزيز أخنوش بشكل جليّ، وإلاّ كيف يمكن تفسير، أو كيف يمكن للشّعب المغربي أن يتقبّل أنه في الوقت الذي تزداد وتتضاعف ثروة رئيس حكومته، كما نشرت ذلك مجلة “فوربيس“ الأمريكية، ويزداد المغاربة فقرا.
حكومة عزيز أخنوش، في واقع الأمر، لا ينتظر منها، أكثر مما تقوم به اليوم، وطبيعة تشكيلها، يجعلها رهينة لسلطة رجال الأعمال، والآن يمكن لمن لم يفهم بعد، أن يفهم لماذا سحب رئيس الحكومة مشروع القانون رقم 10.16 المتضمن لمقتضيات متعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع؟، ولماذا يدعم قانون المالية المقاولات والشّركات الكبرى على حساب المقاولات الصغرى والمتوسطة؟، وكيف أن المخطط الأخضر الذي امتصّ ملايير الدّراهم من ميزانية الدولة لم يستطع توفير الأمن الغذائي للمغاربة، مقابل الإهتمام بالتّصدير والسّوق الخارجية على حساب حاجيات السّوق الداخلية، وكيف أن المستفيدين من استيراد العجول والأبقار، والمستفيدين من الإمتيازات الضريبية من فلك رئيس الحكومة أو أعضاء بحزبه؟. وكيف يستفيد وزراء في الحكومة وشركاتهم من دعم الدولة لمشاريعهم؟. إن الجواب الجامع لكل هذا، والخلاصة التي يمكن استنباطها، هو أن اعتماد الدولة على نخب المال وأصحاب الأعمال ستؤدّي ضريبته غاليا من السّلم الإجتماعي، وتكريس اللاّثقة في المؤسسات.
في الأصل، أخنّوش رجل أعمال وليس رجل سيّاسة، وحتّى إذا أقيل أو سقطت حكومته، فلن يخسر الشّيء الكثير، مادامت خزائنه ممتلئة، لكّن الدّولة ستخسر والدّولة هي من سيؤدّي ثمن صناعة خرائط سياسية وأغلبيات على المقاس، والنّقاش الحقيقي الذي يجب أن نفتحه اليوم، كمغاربة، هو سؤال الدّيمقراطية ونزاهة الإنتخابات وخطورة هيمنة أصحاب المال على الحياة السّياسية، خاصة أنّ أزمة حكومة عزيز أخنوش هي نتاج طبيعيّ ومتوقّع، لعدم احترام الإختيار الدّيمقراطي، والإعتماد على أصحاب المال في الإنتخابات، والتّكنوقراط في الحكومة.