الخميس 6 فبراير 2025
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: شتان بين ممثلي الإنستغرام وورثة جمال الدين الدخيسي

فؤاد زويريق: شتان بين ممثلي الإنستغرام وورثة جمال الدين الدخيسي فؤاد زويريق
أصبحت ظاهرة جلب من يسمون بالمؤثرين ظاهرة مقرفة تصيب فن التشخيص ببلادنا في مقتل، لم أفهم الى حد الآن معنى إقحام واحدة تافهة أو واحد أتفه منها، كل اهتمامهم وعملهم في هذه الحياة هو جمع أكبر عدد من الجيمات أو اللايكات في مسلسلاتنا بدعوى شعبيتهم، دون أخذ بعين الاعتبار سوء وبؤس تشخيصهم الذي يؤثر على العمل ككل.
وأمام هذا المرض المستفحل الذي يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى بعض المنتجين، لا بد لنا من الترحم على روح المبدع الراحل جمال الدين الدخيسي، الذي خلق لنا الممثل الواعي المثقف، ولقنه أبجديات الصنعة أكاديميا داخل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي (ISADAC)، جمال الدين الدخيسي "لي ستراسبرغ" المغرب الذي آمن بمنهج ستانسلافسكي  واستلهم منه نظرياته وأفكاره العلمية في إعداد الممثل وبناء شخصيته واستقدمها الى المغرب، ثم نثرها بذورا بين طلابه الذين أصبحوا فيما بعد أساتذة فنقلوها بدورهم الى طلابهم... فرغم انتكاسة الدراما ببلادنا إلا أننا مازلنا نرى ''حنة إيديه'' ونعايش إرثه أمام أعيننا ونستمتع به، وهذا لا يقلل بطبيعة الحال من موهبة ممثلينا الذين لم تتح لهم الفرصة للدراسة في هذا المعهد، بل صنعوا أنفسهم بأنفسهم داخل ورشات التمثيل، أو صقلت موهبتهم تحت سياط الركح، أو اختاروا معاهد أخرى ثم نجحوا بفضل إصرارهم وحبهم للمجال، لكن يبقى للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي اليد الطولى في خلق أجيال من الطاقات الفنية بفضل المجهودات الجبارة التي قام بها طبعا الأب الروحي للتكوين الأكاديمي المسرحي مولاي احمد بدري، المدير المؤسس للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، من أجل بناء هذا الصرح الذي أصبح اليوم بفضله وفضل كل الأساتذة الذين تعاقبوا عليه معملا ينتج لنا باستمرار كوادر في الفن والإبداع، ولولاهم لما وصلنا اليوم الى هذه التنافسية القوية التي حققها ويحققها المسرح المغربي على المستوى العربي، لكن، وتحتها خط عريض، عندما يتخرج طلابنا من هذا المعهد بتكوين أكاديمي علمي واحترافي، يُصدمون في حياتهم العملية بواقع آخر بعيد عما تلقوه وعما كانوا يحلمون به، فيجدون أنفسهم كلاعبين محترفين في قسم الكبار، يُفرض عليهم اللعب في قسم الهواة، فإما يرضون وينصهرون في هذا القسم، أو يتمردون ويعتزلون قبل بداية صافرة الحكم، لهذا يجب على الدولة كما سعت مشكورة الى تأسيس معهد أكاديمي احترافي، عليها أيضا أن توفر للاعبين الذين سيتخرجون منه ملاعب وأطر ومنظومة احترافية متكاملة، قادرة على استيعابهم، وإلا فإننا نسكب الماء على الرمل.