الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

المغاربة و"صلة الرحم" في عطلة رمضان: من المستفيد ومن المتضرر؟

المغاربة و"صلة الرحم" في عطلة رمضان: من المستفيد ومن المتضرر؟

ولو أن عطلة صيف هذه السنة حلت كالأعوام القليلة السابقة متزامنة مع شهر رمضان، إلا أن ذلك لم يمنع انشغال بعض الأسر بكيفية قضائها خارج جدران البيت. لذلك، وفي الوقت الذي لا يطرح الهاجس المادي لدى الميسورين أو على الأقل العارفين بحقيقة مثل "دوير الزمان"، فإن شريحة محدودي الدخل تجد نفسها أمام إكراهات لا ترى مخرجا لها سوى الاحتماء بعذر "صلة الرحم" كواجب ديني ومجتمعي، وذات أبعاد أخرى قد تلتقي عند المثل الشائع "حجة وزيارة" من منطلق تخفي أسر كثيرة وراء ذريعة الرغبة في أنس الأقارب لقضاء مآرب أخرى.

 اللي عندو باب..

وفي هذا الإطار، لم تخف نجاة القديوي، موظفة، انزعاجها من الهاجس الذي يسكنها هذه الأيام عن الوسيلة التي ستسلكها لهدف مصاحبة ابنتيها إلى مكان يتناسب والنتائج الجيدة التي حصلتا عليها نهاية الموسم الدراسي. فهذه السيدة المطلقة والتي تتقاضى مبلغ 3000 درهم آخر كل شهر، وقعت، كما قالت، بين مجموعة من "المطارق" الناتجة عن النفقات المرهقة التي لا تتوقف، بحيث لا تملك لحد الآن أي فكرة لتوفير ما تحتاجه العطلة الصيفية. وقبل أن تودعنا هذه المرأة البالغة 48 سنة، والشمالية الأصل، أسرت بأن أقرب الحلول إلى قرارها لحد اللحظة هو الذهاب عند شقيقتها بمدينة تطوان، لأن من شأن ذلك أن يقلص نسبيا من حجم النفقات ويفي مع ذلك بغرض تغيير الأجواء الذي هو الهدف الأول من العطل عموما.

وعلى صعيد الأسر التي تعتبر العطلة جحيما فعليا لها بسبب أن أفرادها لا يتمتعون بأية راحة، ويكونون فقط وسيلة لقضاء أشخاص آخرين إجازة ممتعة على حسابهم الخاص. بدا الاستياء على أحمد، البالغ 54 سنة، وهو منطلق في التعبير عن غيضه بمجرد التطرق إلى طريقة قضائه الإجازة السنوية. فالرجل العامل بشركة لبيع قطع الغيار، متضايق جدا من أن شقته الصغيرة تتحول خلال فصل الصيف ومعه رمضان إلى فضاء للتخييم، حيث يستضيف مجبرا أقارب زوجته ويتعين عليه الترحيب بهؤلاء الزوار مع ما يتطلبه ذلك من القيام بواجب الضيافة والسهر على راحتهم. وعبثا حاول أحمد ذا ال3700 درهم كراتب شهري، كما قال، إخفاء تعابير الغضب من العادة التي تتكرر كل سنة، لكن زوجته تتحرج دائما من مفاتحة أهلها في الموضوع، وتحاول إقناعه بأن ذلك يدخل ضمن الواجبات العائلية التي ينبغي القيام بها، وأنها مشكلة ستختفي بمجرد انتهاء فصل الصيف وبمزيد من الأجر والتواب الرمضاني.

 اصطياف شق الأنفس

 وإذا كان هذا هو موقف المعنيين المباشرين بالموضوع، فإنه كان لرجل الاختصاص في علم الاجتماع عبد الرحيم العطري رأيه الذي كشف عنه ل"أنفاس بريس"، وفيه قال: "المواطن المغربي عموما يحرص على قضاء العطلة بكل السبل ولا تهمه الجودة أو مكان الاصطياف. وأغلب ما يشغله هو أن يُعرف أنه قضى عطلته من قبل أفراد عائلته المحيطين به أو أصدقائه". موضحا بأن الشيء الأساسي في هذا الأمر هو أن العطلة تتميز لدينا في المغرب بثلاث مستويات. فهناك الاصطياف عالي الكعب الذي يظل حكرا على الطبقة الراقية، والذين يتوجهون بالأساس نحو فيلاتهم البحرية أو الجبلية أو مباشرة نحو الفنادق الفاخرة. وهناك اصطياف في حدود المتوسط تمارسه الأسر متوسطة الدخل، والتي تشكل في الغالبية العظمى من الموظفين. وهؤلاء يتوجهون في غالب الأحيان نحو مخيمات الاصطياف أو يلجؤون إلى كراء الشقق في المدن الساحلية. أما الصنف الثالث فيمكن وصفه بأنه اصطياف "شق الأنفس"، يمتهنه أناس قادمون من دنيا الفاقة والتهميش، رغبة منهم في الهروب من حرارة المناطق الداخلية أو فقط من أجل تغيير الأجواء. ولهذا يختارون أقل السبل تكلفة لغاية تمضية الصيف سواء بالحلول ضيوفا على الأهل والأحباب، أو الالتحاق بالمخيمات الشعبية والمزارات والمواسم.