يوجد في الجزائر 330 معتقلا سياسيًا في سجونها حسب اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين، لمشاركتهم في مظاهرات سلمية أو بسبب نشاطهم أو تعبيرهم، ويسلط التقرير الأخير لمنظمة حقوق الإنسان الضوء على القيود المفروضة على الحقوق والحريات في الجزائر، حيث يشير الى أن "النشطاء والصحفيين والمحامين تمت مقاضاتهم بسبب نشاطهم السلمي أو آرائهم أو مهنتهم". كما أنهم اتخذوا إجراءات قانونية لحل أو تقييد أنشطة منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة. ولهذه الغاية، تستنكر المنظمة استخدام السلطات الجزائرية مجموعة من التهم الجنائية المرتبطة بالجرائم الإرهابية، حيث استند النظام الجزائري على وجه الخصوص على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات.
وتشير منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن "الإطار التشريعي مقيّد بشكل متزايد". "بينما تضمن المادة 54 من الدستور حرية الصحافة، فهي تنظم أيضًا نشر المعلومات والآراء"، مشيرة بأن الإطار التشريعي يؤثر على حرية التعبير على جميع منصات المجتمع المدني. خاصة أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم جزء من المعارضة، وهو ما أكده الأسبوع الماضي نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد الصالحي، خلال جلسة للجنة الفرعية لحقوق الإنسان التابعة للجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، حيث استعرض هذا الناشط الجزائري، الذي لجأ إلى بروكسل منذ عام مجموعة واسعة من الإصلاحات الاستبدادية التي أدخلتها الحكومة بقيادة عبد المجيد تبون، كما سلط الضوء بشكل خاص على إلصاق تهمة الإرهاب بجميع النشطاء الذين لا يتفقون مع النظام العسكري، مضيفا بأن الأمر يتعلق ب " سياسة انتقامية ضد كل منظمات المجتمع المدني" .
ويتزامن تصاعد القمع الداخلي في الجزائر مع وجود محاولات على الصعيد الأوروبي لأجل إعادة تأهيل الجزائر كعنصر فاعل لصالح الاتحاد الأوروبي بسبب مواردها الطبيعية الهائلة في سياق يتسم بالحاجة الملحة للدول السبع والعشرين لإيجاد مصدر بديل للغاز الروسي، حيث انتهزت الجزائر الفرصة لتعزيز علاقاتها الثنائية مع بروكسل وعواصم أوروبية أخرى، وعلى رأسها باريس وروما، وهو الأمر الذي لا ينطبق على مدريد التي قطعت العلاقات معها بسبب تغيير موقفها لصالح الرباط فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
ويشير المراقبون أن المعارضة الداخلية لاتزال مستمرة، وعلى الرغم من تعزز موقع النظام الجزائري بالخارج بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، وآثار جائحة كوفيد 19، حيث اختار الرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، الموظف المدني الأشيب الذي شغل منصب رئيس الوزراء في إحدى حكومات الرئيس الراحل، الانفتاح في البداية لكنه انحرف بسرعة عن مساره، متأثراً بتدخل رئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، الرجل القوي الحقيقي للبلاد.