الأربعاء 24 إبريل 2024
خارج الحدود

كيف بنت حركة "داعش" الإرهابية امبراطوريتها المالية؟

كيف بنت حركة "داعش" الإرهابية امبراطوريتها المالية؟

بعد سيطرة "داعش" على محافظة دير الزور الشرقية، على الحدود مع العراق، بعد الهزيمة التي ألحقها بخصمه الرئيسي "جبهة النصرة" الذراع الرسمية لتنظيم القاعدة في سوريا، بات التنظيم الذي يقوده العراقي أبو بكر البغدادي يسيطر على مساحة شاسعة من الأراضي السورية الغنية بالنفط تمتد من حدود العراق شرقاً وحتى الباب في ريف حلب غرباً، مروراً بمحافظة الرقة، أو ما يعادل خمس مرات مساحة لبنان.

"داعش" توج انتصاره بسيطرته على حقل العمر النفطي في دير الزور، وهو أكبر حقل للنفط في سورية، بعدما فر منه مقاتلو "النصرة" تاركين وراءهم أسلحتهم وعتادهم.

تمكن "داعش" من توسيع نطاق نفوذه من شمال سوريا إلى مناطق واسعة غرب العراق. السرعة ومستوى تقدم التنظيم في توسعه جذب انتباه المراقبين والمحللين، يأتي هذا في الوقت الذي تفيد فيه التقارير أن ميزانية التنظيم تقدر بحوالي ملياري دولار أمريكي أي أنه ميزانية "داعش" أضحت توازي ميزانية بعض الدول الصغيرة، مما يجعله وفقا لتحليلات الخبراء على رأس قائمة أكثر المجموعات الإرهابية الدولية ثراءً، حيث تقدر ثروة حركة طالبان بنحو 400 مليون دولار، وهي تتقدم بذلك على منظمة فارك الكولومبية التي تملك ثروة بـ 350 مليون دولار، أما حركة الشباب الصومالية فتقارب ثروتها 100 مليون دولار، بينما جاء تنظيم القاعدة من بين أفقر هذه التنظيمات بـ 30 مليون دولار فقط وفقاً لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي.

ما يجعل سؤالا هاما يتبادر للأذهان حول كيفية حصول "داعش" على تمويل بهذا الحجم:

1) آبار النفط ومحطات توليد الكهرباء:

تمكن "داعش" من السيطرة على معظم آبار النفط في شمال سوريا وشرقها، وعلى عدد من الجسور ومحطات توليد الكهرباء. فيما تدور اشتباكات عنيفة منذ أيام حول مصفاة بيجي النفطية في العراق. وحسب صحيفةThe New York Times  الأمريكية فإن  "داعش" تقوم ببيع الكهرباء لحكومة الأسد، من مصانع للطاقة تخضع لسيطرتها في شمال سوريا، وقد تمكن التنظيم بالقيام بهذه العمليات بشكل سهل بعد أن أوضح النظام السوري ملاحقته لجماعات معارضة أخرى في المنطقة، وقد أظهرت الحركة توجهاً للسيطرة على مصانع توليد الطاقة في العراق أيضاً.

2) المخدرات:

تقوم "داعش" بتحصيل الأموال بتكتيكات مألوفة لمنظمات المافيا، إذ قال مراسل The Daily Beast جوش روجين، لـشبكة "سي إن إن" بأن التنظيم يمتاز "بالحصول على أمواله من خلال نشاطات جمع تبرعات إرهابية (مثل) الخطف والسرقة والسطو، ولهم معاملات بالاتجار بالمخدرات، ومخططات لغسيل الأموال، إذ اختطفت أعداد كبيرة من المواطنين الأتراك والهنود خلال الأسبوع الماضي، بعد تغلغل “داعش” في مناطق واسعة شمال غرب العراق".

3) الزكاة والجزية:

يفرض تنظيم "داعش" الزكاة والجزية على المسلمين وخصوصا الأغنياء الذين يفرض عليهم دفع 2.5 في المائة من اموالهم، كما يفرض "داعش" على المسيحيين في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق أداء الجزية.

4) الغنائم:

أي ما سلبه من أراضي ومنازل وسلاح وأموال ومحال، فقد استولى التنظيم على نحو 500 مليون دولار من بنوك ميدنة الموصل العراقية فقط. وذكرت ﺻﺤﯿﻔﺔ "وورﻟﺪ ﺗﺮﯾﺒﯿﻮن" اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ أن اﻟﺪﺑﺎﺑﺎت واﻟﻤﺮوﺣﯿﺎت واﻟﻤﺮﻛﺒﺎت واﻟﺼﻮارﯾﺦ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﮭﺎ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ وراءه ﺑﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻮﺻﻞ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻤﺮﻛﺰي ﺑﺎﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﻣﺎ ﯾﻌﺮف ﺑﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﺪوﻟﺔاﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺑﻼد اﻟﺸﺎم "داﻋﺶ" أﻛﺜﺮ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت الإرھﺎﺑﯿﺔ ﺛﺮاء. وﻗﺎﻟﺖ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ، ﻓﻲ ﺗﻘﺮﯾﺮ أوردﺗﮫ، إن ﺗﻨﻈﯿﻢ "داﻋﺶ" اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺎت ﻗﺘﺎﻟﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻟﻠﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، ﻋﻨﺪ ﺑﺴﻂ ﺳﯿﻄﺮﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻮﺻﻞ. كما أشار تقرير ﺻﺎدر ﻋﻦ اﻟﻤﻌﮭﺪ اﻟﯿﮭﻮدي ﻟﺸﺆون اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ، ﺑﻌﻨﻮان "اﻟﺘﻄﻮرات ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق"، ﯾﻔﯿﺪ ﺑﺄن ﺗﻨﻈﯿﻢ "داﻋﺶ" اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﯿﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪات اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺗﺴﻠﯿﻤﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻌﺮاﻗﻲ،ﺑﯿﻨﮭﺎ ﺳﯿﺎرات ودﺑﺎﺑﺎت وﻣﺮوﺣﯿﺎت وﺻﻮارﯾﺦ وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮭﺎ ﻣﻦ اﻻﺳﻠﺤﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة، ﺗﺮﻛﺘﮭﺎ اﻟﻘﻮات اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ ﻋﻨﺪ اﻧﺴﺤﺎﺑﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺷﻤﺎل اﻟﻌﺮاق.

5) الجهات المانحة:

ذكرت الإخبارية الأمريكية "سي إن إن" أن "داعش" يتلقى تمويلا ودعما من قبل المنظمات والأثرياء في قطر والكويت والسعودية، حيث أشار مراسل صحيفة The Daily Beast جوش روجين لشبكة "سي إن إن" أن "داعش" حصلت على تمويل من خلال جهات ثرية خاصة تعيش في الكويت وقطر والسعودية، وهي دول تعتبرها أمريكا حلفاء لها. وقال روجين إنه، وفي الوقت الذي رفض فيه المسؤولون الحكوميون في هذه الدول أي ارتباط مباشر بتمويل هذا التنظيم، فإن العديد من المسؤولين كانوا على علم بالتبرعات غير المباشرة لكنهم اختاروا تجاهلها. كما أن حركة "داعش" نشرت تقريراً سنوياً لنشاطاتها (أبرزت فيه نجاح عملياتها وتوسع نطاق نفوذها)، في خطوة أشار إليها محللون في مركز Institute of War بأنها محاولة لإظهار قدرات الحركة للمتبرعين المتعاطفين مع قضيتها.