الأحد 10 نوفمبر 2024
مجتمع

المهندس رشيد هاوش يكشف ملابسات استغناء البيضاء عن المترو الهوائي

المهندس رشيد هاوش يكشف ملابسات استغناء البيضاء عن المترو الهوائي

سخر رشيد هاوش (مهندس معماري منظري وعمراني وخبير في الجودة العالية للبيئة) من فكرة إنجاز ترامواي هوائي في مدينة الدار البيضاء، قائلا أن  الميترو الهوائي لا ينجز في المدن التي تتوفر على شوارع رئيسية صغيرة، بل يصلح في المدن التي تتوفر على شوارع ضخمة كدبي ، وسنغافورة. ونفى هاوش أن يكون مسؤولو المدينة قد استشاروا مع  المهندسين والخبراء في الميدان أو أخذوا بملاحظاتهم. وشدد رشيد هاوش على أن الميترو المعلق لا يصلح لنا، وأن الدول الغربية أو الدول المتقدمة تخلت على فكرة الميترو الهوائي من بداية القرن العشرين.

 

+ قررت سلطات الدار البيضاء التخلي عن الميترو الهوائي، هل في نظرك هذا القرار صائب؟

- مشكل الميترو الهوائي أنه لا ينجز في المدن التي تتوفر على شوارع رئيسية صغيرة، بل قد يصلح في المدن التي تتوفر على شوارع ضخمة كدبي، سنغافورة، طوكيو ونيويورك...إلخ، بحكم أن اعتماده لا يؤثر على المنظر العام للشارع. أما ونحن نتوفر بالدار البيضاء على شوارع لا يتجاوز عرضها 45 متر، وتحيط بها عمارات متجاورة، فإن الأمر لا يستقيم. ذلك لأن إنجاز الترمواي المعلق أو الهوائي يحتاج لدعائم لا يقل عرضها على 2 متر، بالإضافة لسكة الترامواي التي يجب ان لا يقل عرضها عن 8 أمتار ذهابا وإيابا. فضلا عن ذلك فضجيج الترمواي الهوائي سيشكل مشكلا بالنسبة للقاطنين في الطابق الأول والثاني بالعمارات المجاورة. وفي حالة تجاوز مشكل الضجيج بتغطية مسار الترمواي العلوي، فإننا سنسقط في مشكل آخر هو جمالية الشارع. وبالتالي سيصبح منظر الترمواي الهوائي نشازا. النقطة الثانية تتجلى في طرح السؤال التالي: أين سنضع محطات ترمواي العلوي؟ وكيف سيلج مستعملو الترمواي لهذه المحطات، خاصة بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة؟ النقطة الثالثة تتمحور حول خاصية  شارع الزرقطوني الذي يخترقه نفق أرضي، إذ المطلوب الجواب على معضلة أخرى: أين سنضع الدعائم التي سيقف عليها الترمواي العلوي؟ لأنه لا يمكن أن نضعها فوق النفق. زد على كل هذا: هل لنا القدرة على تحمل الكلفة الباهظة للترمواي؟

+ لكن ألم يفكر المسؤولون في هذه العوائق التقنية قبل إنجاز دراسة استهلكت أموال دافعي الضرائب وأنفق عليها الملايين من الدارهم في الدراسات؟

- هناك فرق كبير بين السياسة والتعمير. فالسياسة لا تأخذ بالاعتبار الأمور التقنية بقدر ما تسعى لتحقيق مكاسب آنية. لن ندخل في هذا النقاش طويلا. فنحن كمهندسين وخبراء في الميدان لم يتم الاستشارة معنا والأخذ بملاحظاتنا. وأنا شخصيا كتبت حول الموضوع مرارا وتكرارا وفي مناسبات كثيرة، وقلت إن الميترو المعلق لا يصلح لنا، وأضفت أن الدول الغربية أو الدول المتقدمة تخلت عن فكرة الميترو الهوائي منذ بداية القرن العشرين. وأول وآخر ترامواي معلق تم إنجازه في باريس في ساحة كليشي Place de Clichy، وبير الحكيم، وثاني ترامواي معلق تم إنجازه في بداية القرن العشرين كان في شيكاغو بأمريكا. هذا النوع من الترامواي لم يعد يستهوي الدول المتقدمة، في حين أن دول العالم الثالث تسعى لإنجازه، كالشيلي والمكسيك. فلماذا إذن، وبعد أن تخلت الدول المتقدمة عن الترامواي المعلق، نهرول نحن وراء إنجازه؟

+ سلطات الدار البيضاء تسعى لتعويض ميزانية الميترو الهوائي بإنجاز أربعة خطوط أرضية تربط جميع مناطق المدينة، هل هذا حل أمثل في رأيك؟

- في نظري الترامواي الأرضي سيكون أحسن، شرط أن لا يسقطوا في المشاكل والنقط السلبية التي وقعوا فيها عند إنجاز الخط الأول من الترامواي، حيث أن الخط الأول للترامواي جاء عكس السير الطبيعي للدار البيضاء.. فهذا الخط اخترق جميع الشوارع الرئيسية في المدينة، وهذا في نظري نقطة سلبية، لأن هذا الاختراق تسبب في مشاكل كثيرة فيما يخص السير والجولان لسكان المدينة. على المسؤولين، خلال إنجاز الدراسة للخطوط الجديدة للترامواي الأرضي، أن يحرصوا على أن يكون المسار العادي للخطوط الأربع من الترامواي مواز للشوارع الرئيسية في المدينة. فمثلا إذا رجعنا لنقط الضعف في الترامواي الأول نرى أن السلطات المعنية أزالت  المرور بشارع محمد الخامس ولم تفكر في خلق مسالك للناس الذين يقطنون في هذا الشارع. فمثلا إذا أراد أحد السكان أو المؤسسات إعادة بناء عمارته كيف سيوصل آليات ومواد البناء إلى ورش العمل؟ نقطة أخرى من نقط الضعف التي ميزت الخط الأول، وهو تلك الشوارع التي تم تقليص مساحتها أو جعلها تسير في اتجاه واحد. فعندما تحدث حادثة يتوقف الكل وتتأزم حركة السير والجولان. ولهذا كي تنجح الخطوط الجديدة للترامواي الأرضي، على المسؤولين بالمدينة أن يتجاوزا مشاكل الخط الاول وأن لا يكرروها في الخطوط الجديدة. أي يجب ان نستفيد من أخطاء الخط الأول للترامواي. كما يجب ربط  محطات الترامواي بمحيطها الجغرافي، أي يجب أن تتوفر في هذه المحطة مواقف للسيارات والدراجات، وأن يتم ربطها بوسائل النقل الأخرى، بل وربطها حتى بمجالها العمراني وبتصميم التهيئة. إن تم احترام هذه الإجراءات سنتمكن من خلق شبكة نموذجية للترامواي الأرضي وسنشجع المواطنين على استعماله وترك سياراتهم.