Thursday 26 June 2025
كتاب الرأي

صافي الدين البدالي: ما ذنب مقدم الشرطة ضحية اعتداء وحشي؟

صافي الدين البدالي: ما ذنب مقدم الشرطة ضحية اعتداء وحشي؟ صافي الدين البدالي
تعرض مقدم الشرطة، الذي كان يزاول مهامه بمنطقة الرحمة بولاية أمن الدار البيضاء الأربعاء الماضي إلى عملية اغتيال بشعة؛ حيث تم العثور على جثته متفحمة في قناة الصرف الصحي بمنطقة حد السوالم ضواحي الدار البيضاء.
فما هو ذنب هذا الشاب الذي تعرض لجريمة اختطاف وقتل بشعة بكل المقاييس؟ هل لأنه اختار ان يكون شرطيا مسلحا بالإيمان الوطنية، حاملا على كتفيه هم المجتمع وفي قلبه صور أبناءه وزوجته وأهله وأحبائه؟ أم لأنه أراد أن ينخرط في تأمين سلامة المرور والجولان للمواطنين والمواطنات؟ إنها جريمة لا يجب أن تحجبنا عنها بعض أبواق القنوات التي تبحث عن الشهرة في مثل هذه المناسبات أو البلاغات التي لا سمن ولا تغني من جوع.
إنها جريمة تجعلنا نتألم، لأننا نرى في ذلك الشاب وجه كل شرطي وشرطية بالبدلة الوطنية رمز الأمة وهم وبإشاراتهم المعهودة يضمنوا لنا سلامة المرور في الزحمة ويقدمون التحية حينما نمر من أمامهم.
إنها جريمة اصابتنا في أعماق وجداننا وفي نفوسنا وفي جسم أمننا الوطني الذي يسهر على أمن المجتمع وعلى حياتنا، فهو لا ينام ونحن ننام بالليل أو بالنهار ونحن مسافرون أو قائمون.
فلا بد من أن نضع هذه الجريمة في السياق العام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لبلادنا حتى لا تبقى هذه الجريمة النكراء في معزل عن الاختيارات السياسية للدولة.
إن الشرطي الشاب كان ضحية نهج السياسة الليبرالية المتوحشة التي تسلكها الدولة المغربية رغم خطورتها على المجتمعات لأنها تولد العنف والجريمة المنظمة وتولد الخارجين عن القانون وتحمي الاستغلال والاستعلاء وتخلق طبقة في منأى عن المحاسبة والمساءلة؛ تستغل ثروات البلاد وتستغل الفقراء والمستضعفين وتساهم في تعميق هوة الفوارق الاجتماعية.
إنها الليبرالية المتوحشة كاختيار للدولة المغربية التي حولت التعليم الى حقل التخلف والأمية الثقافية والجمود الفكري والتطرف والسقوط في شراك الجريمة المنظمة وفي شراك المخدرات وعقوق المجتمع، إنها الليبرالية المتوحشة التي تتاجر في المريض وفي الأموات والأحياء وفي الدين ولا تهمها الإنسانية أو حقوق الإنسان بقدر ما يهمها دم الإنسان. ففي بلادنا لم يعد رجل الأمن يسلم من صناع الجريمة بقراراتهم التي تفقر 1الفقير وتغني الغني؛ كما لا يسلم الاستاذ من بطش الدولة التي جعلت منه الجدار القصير لتجريده من نبل الرسالة التربوية. ولم يسلم الطبيب من الاقصاء ليقبل بسياستها الاستغلالية سياسة النهج الليبرالي تتجلى في تفويت كل القطاعات للشركات وللخواص.
ويبقى الشعب بين استغلال لوبيات الفساد ونهب المال العام وبين تنامي الجريمة المنظمة التي تزهق أرواح الأبرياء. عزاؤنا واحد في الشرطي الشاب والصبر والسلوان لأسرته الكبيرة والصغيرة وإلى كل عناصر الشرطة المغربية وإنا لله وإنا إليه راجعون.