جادت عبقرية وزارة التعليم العالي، التي يتولاها لحسن الداودي، بهندسة جديدة للمواد والمجزوءات، لتدخل حيز التطبيق في الموسم الجامعي المقبل، ودون اكتراث بتحفظات الأساتذة ولا مشاوراتهم. ورسمت هذه الهندسة التوتر والتشنج، خاصة في صفوف أساتذة كليات الحقوق بالمغرب، مما أدى إلى رفضها أو التحفظ عليها من مختلف الهياكل الجامعية المعنية. فإذا كان الهدف هو الإصلاح، فإن هذا الأخير إذا لم يكن متشاورا حوله، وغيب أطراف المعادلة الجامعية: الأستاذ والطالب، فإنه يظل فقط إصلاحا ترقيعيا تجريبيا ليس إلا؟
الهندسة المقترحة من طرف مصالح وزارة لحسن الداودي تثير ما يلي:
- إن النسخة المعدلة للجذع المشترك (4 فصول) تتضمن بعض الأخطاء على مستوى التسمية المتعارف عليها والمألوفة لبعض المواد، مثلا: المنظمات الدستورية الكبرى، عوض الأنظمة الدستورية الكبرى أو المعاصرة.
- انعدام التوازن العددي بين مواد القانون العام ومواد القانون الخاص سواء على المستوى الكلي للجذع المشترك أو من جانب فصوله.
- تجميع ضمن مادة واحدة لمعارف ومضامين يصعب استيعابها من قبل الطالب. مثلا: القانون الإداري والعقود الإدارية، في الوقت الذي يتم فيه تجزيء وتفريع مواد مندرجة في إطار القانون الخاص إلى مواد مستقلة بذاتها.
ـ استخراج مادة المسؤولية المدنية من القانون المدني، ومواد قانون الشركات ووسائل الأداء والائتمان من مادة القانون التجاري في فصل واحد.
-إ قصاء بعض المواد المهمة في تكوين الطالب على مستوى الجذع المشترك:
ـ المالية العامة (كيف للطالب أن يفهم القانون الضريبي دون تحصيله لمادة المالية العامة والتي تلقن لطلبة كلية الحقوق برمتها: الخاص والعام والاقتصاد)، وإن من المحاور الأساسية لهذه المادة: مراقبة تنفيذ الميزانية (مراقبة المال العام) أوليس من ثمة من خلفية مقصودة.
ـ القانون الدولي العام، الحريات العامة، القضاء الإداري.
ـ كما تم حذف مادة الإدارة المحلية من الفصل الخامس، في الوقت الذي يتبنى المغرب الجهوية المتقدمة، وفي ذلك ضرب لشعار إدماج الجامعة في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والإداري... ومهننة الدبلوم.
وهناك تحديد لمحاور المواد، وبشكل تحكمي وضيق يحجر على الأفكار والتنافسية العلمية والحرية الأكاديمية.
وعلمت "أنفاس بريس" أن مجموعة من الكليات رفضت هذا الإصلاح الفوقي (مثلا كليات الحقوق بفاس والرباط أكدال ومكناس...)، فيما تتم المشاورات بين منسقي الشعب على مستوى الكليات بالمغرب لتحضير رد مشترك ضد خطة الداودي الرامية إلى تفجير ما تبقى من مقومات الجامعة المغربية. وهذا ما ينذر بدخول جامعي حارق في شتنبر القادم.