الجمعة 19 إبريل 2024
فن وثقافة

ثروة "سمك الشابل" التي أغرت الإسبان والبرتغال عندما كانت أزمور جوهرة نهر أم الربيع

ثروة "سمك الشابل" التي أغرت الإسبان والبرتغال عندما كانت أزمور جوهرة نهر أم الربيع من أرشيف صيد سمك الشابل بأزمور
أوضحت وثيقة نشرتها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تعنى وتهتم بـ "ذاكرة أزمور" أنه بفعل وفرة سمك الشابل بنهر أم الربيع بمدينة أزمور ـ سابقا ـ كثر "توافد وتهافت التجار الأوروبيين على المنطقة، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على سمك الشابل حيث اشتهرت المدينة بصيده بعد أن تحولت أزمور إلى وجهة مفضلة لعدد كبير من تجار أوروبا الذين عملوا على استئجار صيد أسماك الشابل في نهر أم الربيع".  
 
وأشارت مصادر صفحة "ذاكرة أزمور" إلى أن معظم التجار الأوروبيين كانوا من جنسيات إسبانية وبرتغالية، إلى درجة أنهم "تمكنوا في النهاية من إقناع ملك البرتغال بالاستيلاء على مدينة أزمور، حيث لم يتردد (الدون إيمانويل) من تلبية طلب التجار، مقتنعا بكلامهم حول أهمية المدينة وموقعها الاستراتيجي، وكان أن أرسل في سنة 1513م أسطولا لهذا الغرض".
 
وأكدت الوثيقة التي استندت على مصادر تاريخية بأن "سنة 1513م، هي السنة التي استعمرت فيها أزمور من طرف البرتغال حيت تشير بعض المصادر أن السفن البرتغالية كانت تحمل أطنانا من سمك الشابل مملحا من أزمور صوب البرتغال".
 
إن الحديث عن تاريخ سمك الشابل بأزمور، هو حديت عن حقبة كان فيها نهر أم الربيع طبيعيا ونقيا من السموم ومخلفات المياه العادمة والنفايات، وكان النهر دو تيار قوي، أما  اليوم فلم يعد سمك الشابل موجودا وحتى النهر لم يعد نهرا بمفهومه البيئي والطبيعي.
 
وعن أنشطة الساكنة لضمان مورد العيش أوردت الوثيقة بأن الزراعة كانت نشاطا مهما في المنطقة "لقد كان القمح في أزمور أهم منتوج زراعي، فقد وردت الإشارة إليه مقرونا بسمك الشابل، الذي هو بدون منازع أهم منتوج نهري، لأنه منذ الفصل الذي تبدأ فيه الأمطار إلى شهر ماي، تصطاد في نهر أم الربيع كمية وافرة من سمك الشابل، يتغذى عليه جميع سكان أزمور". 
 
في هذا السياق استشهدت صفحة "ذاكرة أزمور" بإشارة للحسن الوزان بالقول: "على أن الشابل في أزمور كثير جدا، وهذا ما يؤكده شهود عيان، والزوار المهتمون بتداولهم لقولة: "أن سمك الشابل ذو أهمية بالغة".

ويصف الحسن الوزان أيضا هذه السمكة بأنها "مدهشة بحجمها وشحمها، لأنها تتضمن من الشحم أكثر من اللحم، حتى إنه يكفي لقليه اليسير من الزيت، وبهذا الزيت أيضا  كان أهل أزمور يوقدون مصابيحهم." 
 
وفي تعريف لمسار حياة هذا النوع من الأسماك فإن "الشابل سمك مهاجر، يلج أعالي مياه الأنهار العذبة لوضع بيضه، ويعود إلى البحر. ومن أربعة أيام إلى ثمانية تخرج الصغار من بيوضها، إلى أنه لا يصير بالغا إلا بعد أربع سنوات". 
 
وبخصوص طريقة صيده فقد أفادت ذات الوثيقة التاريخية "أن اصطياده يتم بالطريقة التقليدية بالشباك المستقيمة، القعرية والسطحية، ويتم نصبها متعامدة مع النهر. وكانت هناك تقاليد متبعة في صيده، وله نظام وموسم خاص به، إذ يبتدئ موسم الصيد في أكتوبر وينتهي في أبريل من كل سنة، وقد تمتد هذه الفترة إلى أوائل شهر ماي."
 
وحسب نفس الوثيقة فإن سمك الشابل من فصيلة الصابوغيات، وسكناه الطبيعية في البحر لأنه يصعد كل سنة إلى الوديان المغربية حيت يضع بيوضه. إلا أن العلماء المختصين في علم البحار يميزون بين ثلاثة أنواع رئيسية من سمك الشابل وهي:

1 ـ "شابل السابيدسيما شاد"، وهو الموجود في أنهار أمريكا. 
2 ـ "شابل الفينتا"، والعلماء لازالوا يعكفون على معرفة الأصل الحقيقي له في المغرب.
3 ـ "شابل الفيلكاريس"، وهو أجودها ويوجد في البحار القريبة من أوروبا، ومنها يهاجر إلى سواحل الوديان القريبة مثل أم الربيع.
 
والنوع الأخير من هذه الأسماك كان متوفر بكثرة في وادي أم الربيع، وكان يضمن للمنطقة ازدهارا بالغا، مما ساعد المدينة على التوفر على ثروة هائلة آنذاك. مما جعل منها طبقا مهما ضمن طقوس وتقاليد مطبخ المدينة والسكان، كما أن سمك الشابل ساهم في تنويع وتشكيل المطبخ "الأزموري" المتميز جدا، والذي كان يعمل على تقديم الشابل كوجبة رفيعة إلى الضيوف. 
 
وعن كيفية طبخ طبق سمك الشابل فقد كان يشرح من ظهره، ولا يقطع بل تترك سمكة الشابل بكل حجمها، حيث توضع عليها التوابل وتبسط فوق الطجين بدون خضر، ثم ترسل إلى الفران. ومتى نضجت تترك في البيت، في مكان آمن إلى أن تبرد، وحينها تصبح قابلة للأكل. وكان ينادى على سمكة الشابل أثناء البيع بأنها تباع بدون أحشائها، ولهذا الغرض تجمع بضعة أحشاء وتخلط مع التوابل وتطبخ هي بدورها في الطجين في البيت أو في الفران.
 
وكان الصيادون أصحاب المراكب "لَفْلَايْكْ"، متى بدأ موسم الصيد يذهبون إلى زيارة ضريح الولي الصالح مولاي بوشعيب من أجل التبرك وإحياء الليلة هناك كطقس روحي في علاقة بانطلاق موسم الصيد، وبعد ذلك يباشرون الصيد بالتناوب. وبطبيعة الحال فإنهم كانوا ينتمون إلى إحدى الزوايا الدينية، وقد يشاركهم آخرون من حرفيين وصناع تقليديين في الانتماء إلى زاويتهم.