الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

الباحث اللساني عبد المجيد جحفة يحفر في أصول أكلة "الْـبِيصارة"

الباحث اللساني عبد المجيد جحفة يحفر في أصول أكلة "الْـبِيصارة"
في سياق اهتمامه بالحفر في لغتنا الدارجة، وكشف الستار عن أصول مفرداتها، وتحولاتها الصوتية والصرفية، يقترح علينا الباحث الجامعي وأستاذ اللسانيات بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء، بنوع من البحث في البناء الصوتي والأنثربولوجي أكلة "البيصارة" التي تعود المغاربة على استهلاكها في عز البرد و"الليالي الفلاحية". 
في ما يلي ما كتبه الأستاذ جحفة على حسابه في الموقع الاجتماعي "فايسبوك":
 
"الْـبِيصارَة" أكلة تُعَدُّ من جريش الفول. وتسمى "الْـبَيْصَرْ" أو "البيصَارْ" أو البِيصارَة" أو "أَبِيصارْ".
يقول كورينتي إن "البِيصارْ" أو "الفِيسارْ" طعام قوامه الفول يُطبَخ في مصر والمغرب، ومعناها بالقبطية طبيخ الفول (ابن قزمان القرطبي، ص 307، تحقيق كورينتي). 
وجاء في "الكامل، القاموس العربي الفرنسي الإنجليزي" أن "بيسار بالسين لفظ فارسي معرَّب، ويعني الطعام المتخذ من فول منبت". ويقول سكان جبالة المولعون بأكله بأنه "طعام من أصل إيراني". (انظر محمد بوسلام، ج1، ص 303-304، "معجم الدارجة المغربية"). 
وجاء في كتاب عبد اللطيف الوهابي حول لغة بني عروس أن "البَيْصَرْ" أصلها ما جاء في لسان العرب: "البَصْرُ الطين العَلِك الجَيِّدُ الذي فيه حَصًى" (منشورات سليكي أخوين، 2014، ص 319).
أكلة"البيصارة"، وتسميتها هاته، شائعتان في مصر أيضاً. كان المصريون القدماء يطهون الفول ويسمونه "بيصُورو"، وتعني الكلمة: الفول المطهي أو المطبوخ. ولربما كلمة "البِيصارَة" متحولة عن "بيصورو".
في "لسان العرب"، البَصْر والبِصْرُ والبَصْرَةُ: الحجر الأَبيض الرِّخْوُ، وقيل: هو الكَذَّانُ فإِذ جاؤُوا بالهاء قالوا بَصْرَة لا غير، وجمعها بِصار. الجوهري: البصرة حجارة رخوة إِلى البياض ما هي، وبها سميت البصرة. أَبو عمور: البَصْرَةُ والكَذَّانُ، كلاهما: الحجارة التي ليست بصُلبة..
والبَصْرَةُ والبَصَرَةُ والبَصِرَة: أَرض حجارتها جِصٌّ، قال: وبها سميت البَصْرَةُ، والبَصْرَةُ أَعم، والبَصِرَةُ كأَنها صفة والنسب إِلى البَصْرَةِ بِصْرِيٌّ وبَصْرِيٌّ، الأُولى شاذة. وقال أب شميل: البَصْرَة أَرْض كأَنها جبل من جِصٍّ وهي التي بنيت بالمِرْبَدِ وإِنما سُميَت البَصْرَةُ بَصْرَةً بها. 
والبَصْرَةُ: الطِّين العَلِكُ. وقال اللحياني: البَصْرُ الطين العَلِك الجَيِّدُ الذي فيه حَصًى. 
هل سُمِّيَت "البيصارة" بهذا الاسم تشبيهاً بالطينِ العلِك؟ أم سُمِّيَت بذلك لتماثل في اللون؟ أم هي "الفيسار" أو "البيسار" المقترض من بلاد فارس؟ أم هي "البيصورو" الفرعوني؟